مجلس حقوق الإنسان المغربي يدعو الحكومة إلى إلغاء عقوبة الإعدام

اليزمي: 11 دولة عربية تريد الاستفادة من تجربة «الإنصاف والمصالحة»

TT

دعا إدريس اليزمي، رئيس مجلس حقوق الإنسان المغربي، الحكومة إلى إلغاء عقوبة الإعدام، وتصفية ما تبقى من ملفات الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، ومنها ملف الزعيم الاشتراكي الراحل المهدي بن بركة، الذي لم يكشف عن ظروف مقتله منذ عام 1965. جاء ذلك خلال تقديم اليزمي، للمرة الأولى، تقريرا مطولا أمام البرلمان بمجلسيه النواب والمستشارين مساء أول من أمس، طبقا لما ينص عليه الدستور الجديد، وذلك بحضور عبد الإله ابن كيران رئيس الحكومة، وعدد من الوزراء.

ويأتي تقديم هذا التقرير في ظل اهتمام غير مسبوق للمنظمات الدولية بالوضع الحقوقي في البلاد، وطلبها تسريع تنفيذ الإصلاحات في هذا المجال. وفي هذا السياق، قال اليزمي إنه جرى تنفيذ أغلب توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة التي أشرفت على تصفية ملفات الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان إبان ما يعرف في المغرب بسنوات الرصاص، إلا أن بعض التوصيات الأساسية ما زالت بحاجة إلى التفعيل، مثل الانضمام إلى نظام روما الأساسي الخاص بالمحكمة الجنائية الدولية، وإلغاء عقوبة الإعدام والاستراتيجية الوطنية لمكافحة الإفلات من العقاب.

وكان مصطفى الرميد، وزير العدل والحريات، قد أكد أن عقوبة الإعدام لن تلغى، بل سيجري تقليص عدد الحالات التي سيحكم فيها بالإعدام، على الرغم من أنها لا تنفذ في البلاد منذ 1993. ويضغط عدد من نواب البرلمان والجمعيات الحقوقية من أجل إلغاء العقوبة.

وبشأن ملف الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، دعا اليزمي إلى «ضرورة مواصلة الجهد لاستجلاء الحقيقة في بعض الملفات العالقة المرتبطة بالاختفاء القسري، ومن أبرزها ملف المهدي بن بركة». وكان بن بركة، المعارض اليساري، قد اختفى في ظروف غامضة في باريس عام 1965، واتهمت المخابرات الفرنسية والمغربية بالضلوع في مقتله. بيد أن ملفه لم يفتح في عهد أي حكومة، وظل مغلقا حتى عندما تولى الاشتراكيون المغاربة وزارة العدل في حكومات سابقة.

ونوه اليزمي بابن كيران لإيجابية تعاونه وتعهده بتسريع إنهاء الملفات العالقة في مجال جبر الأضرار الفردية، وتصفية ما تبقى من ملفات هيئة الإنصاف والمصالحة. وفي هذا الإطار، كشف اليزمي أنه جرى تعويض 26 ألفا و63 من ضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في الماضي وذوي حقوقهم، بموازنة قدرها 1.8 مليار درهم (220 مليون دولار) إلى غاية 31 ديسمبر (كانون الأول) 2013، ضمنهم الضحايا المنحدرين من الأقاليم الجنوبية، والضحايا من المدنيين الذين تعرضوا للاختطاف واحتجزوا لدى جبهة البوليساريو، ويبلغ عددهم 217 شخصا.

وقال اليزمي إن تفرد التجربة المغربية في مجال الإنصاف والمصالحة جعلها بعد التطورات الأخيرة بالمنطقة، في إشارة إلى الربيع العربي، مصدر إلهام للجميع، مشيرا إلى وجود رغبة كبيرة في الاستفادة من التجربة المغربية من طرف تونس، وليبيا، وموريتانيا، ومصر، والبحرين، واليمن، والسودان، ولبنان، وفلسطين، وسوريا، والعراق، وتوغو، ومالي، وكوت ديفوار، وبوركينا فاسو، والكاميرون، والنيجر.

وبخصوص المظاهرات التي تشهدها المدن المغربية، قال اليزمي إن سنة 2011 شهدت تنظيم 23 ألفا و121 تجمعا ومظاهرة، ثم انخفض العدد إلى 20 ألفا سنة 2012، وإلى 16 ألفا و96 تجمعا ومظاهرة سنة 2013. وأضاف أنه رغم تعذر استيفاء أغلب التجمعات للشروط القانونية، وفق إفادات وزارة الداخلية. فإنها «حافظت، على العموم، على طابعها السلمي ولم تشهد عنفا إلا في حالات محدودة جدا». كما تطرق اليزمي إلى قضايا ادعاءات التعرض للتعذيب، ونبه إلى أن المجلس وقف على عدد من العوائق، التي تحول دون الوصول إلى القضاء النهائي عليه، من بينها ضعف ضمانات الوقاية من التعذيب خلال فترة الحراسة النظرية (الاعتقال الاحتياطي)، وغياب مقتضى يلزم اللجوء الفوري والممنهج إلى الخبرة الطبية في أي حالة ادعاء بالتعرض إلى التعذيب، وضعف دور الطب الشرعي في التحقق من هذه الادعاءات.

وفي السياق ذاته، أوضح اليزمي أن المجلس يولي اهتماما استراتيجيا لقضية العنف ضد النساء بسبب الوضعية المقلقة لحجم انتشاره، مستشهدا بدراسة للمندوبية السامية للتخطيط، لسنة 2011، كشفت أن نسبة انتشار العنف النفسي بلغت 48 في المائة، وانتهاك الحريات الفردية 31 في المائة، والعنف المرتبط بتطبيق القانون بنسبة 17.3 في المائة، والعنف الجسدي 15.2 في المائة، والعنف الجنسي 8.7 في المائة والعنف الاقتصادي 8.2 في المائة. كما أبرزت الدراسة أن إطار الحياة الزوجية هو أول مكان لحدوث العنف ضد النساء بنسبة انتشار تبلغ 55 في المائة. وفي ما يتعلق بحرية الصحافة والتعبير، أشار اليزمي إلى أنه جرى المس بها من خلال اللجوء إلى القانون الجنائي لمتابعة بعض الصحافيين، وإصدار عقوبات حبسية وغرامات ضدهم، موضحا أن عدد الملفات المعروضة على القضاء، والمتعلقة بالصحافة، وصل إلى 119 قضية، ضمنها 82 قضية بتت فيها مختلف المحاكم سنة 2011، مقابل 106 قضايا سنة 2012 جرى البت في 51 منها، وفق المعطيات المقدمة من قبل وزارة العدل والحريات إلى المجلس.