إسرائيل توسع عملية البحث عن مفقوديها وتحولها إلى حرب على حماس

واصلت اعتقال العشرات.. وتريد جعل عضوية الحركة «تذكرة عبور لجهنم»

TT

حولت إسرائيل عملية البحث عن ثلاثة مستوطنين مختفين منذ يوم الخميس الماضي قرب مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية، إلى حرب مفتوحة على حركة حماس في كل الضفة، وباشرت باستهداف البنية العسكرية والمؤسساتية والمالية للحركة التي وقعت اتفاق مصالحة مع السلطة الفلسطينية قبل نحو شهرين.

وجاء ذلك بموازاة استمرار الجيش الإسرائيلي في شن حملة الاعتقالات التي طالت قياديي الحركة في الضفة. وبلغ إجمالي المعتقلين منذ انطلاق عمليات البحث أكثر من 200 فلسطيني بعد اعتقال 40 شخصا أمس.

واختفى الفتية الثلاثة مساء الخميس قرب كتلة غوش عتصيون الاستيطانية، بين مدينتي بيت لحم والخليل في جنوب الضفة الغربية، حيث كانوا يستوقفون السيارات المارة لتوصيلهم مجانا إلى القدس. والشبان هم ايال افراخ (19 عاما) من بلدة العاد الدينية قرب تل أبيب ونفتالي فرينيكل من قرية نوف ايالون قرب الرملة بينما يقيم الثالث وهو جلعاد شاعر (16 عاما) في مستوطنة طلمون في الضفة الغربية المحتلة.

ووسعت إسرائيل أمس من حملتها العسكرية في الضفة، ونفذت حملات اعتقالات واسعة في نابلس وبيت لحم ومناطق أخرى إلى جانب الخليل التي تعاني حصارا خانقا منذ الجمعة في إطار البحث عن المستوطنين.

وتكررت المشاهد في مدن فلسطينية لجنود إسرائيليين يجوبون أحد شوارع جنين وسط منازل ومتاجر أغلقت أبوابها أمس ويطلقون قنابل صوت وأعيرة مطاطية على فلسطينيين يرشقونهم بالحجارة. وقالت مصادر أمنية إسرائيلية وفلسطينية إن جنودا ورجال شرطة أصابوا خمسة فلسطينيين في جنين وفي اشتباكات قرب رام الله ونابلس.

واعتقلت إسرائيل، أمس، أكثر من 40 فلسطينيا معظمهم من حركة حماس في نابلس في عملية أطلقت عليها اسم «تنظيف الاسطبلات»، وقالت إنها ضبطت وسائل قتالية لدى المعتقلين. ليرتفع بذلك عدد المعتقلين الفلسطينيين في غضون أربعة أيام إلى 200 معتقل مرشحين للارتفاع. بينما ذكرت مصادر أمنية فلسطينية أن الجيش الإسرائيلي اعتقل في هذه العملية أيضا ناشطين من حركة فتح يعملون في الأجهزة الأمنية الفلسطينية في مخيم بلاطة قرب نابلس.

وقرر الكابينت الإسرائيلي، في جلسة استمرت ثلاث ساعات، أمس، تشديد ظروف اعتقال عناصر حماس وكلف وزير الأمن بذلك. كما أحيل الاقتراح الخاص بإبعاد مسؤولي حماس من الضفة الغربية إلى قطاع غزة إلى المستشار القانوني للحكومة يهودا فاينشتاين لدراسته، بينما قرر الكابينت البقاء في حالة اجتماعات متواصلة.

وقال مصدر سياسي كبير، إن إسرائيل تعمل حاليا على صعيدين أولهما الصعيد الأمني، إذ تزيد قوات الأمن من ضغوطها على حركة حماس، والثاني هو الصعيد السياسي حيث تسعى إسرائيل إلى نزع الشرعية الدولية عن التحالف بين السلطة الفلسطينية وحماس.

وبينما توعد وزير الاقتصاد الإسرائيلي نفتالي بينت أمس بجعل «عضوية حماس، تذكرة عبور إلى جهنم»، هدد مصدر إسرائيلي عسكري بمواصلة الضغط حتى النهاية على الفلسطينيين. وقال المصدر: «سيترتب على اختطاف شبابنا انعكاسات بعيدة المدى.. الفلسطينيون يدركون أن جيش الدفاع يذهب في مثل هذه الحالات حتى النهاية». وأضاف: «عملية الجيش تستهدف جميع مستويات حركة حماس بلا استثناء».

ولم يقتصر الهجوم الإسرائيلي على حماس، على اعتقال قادتها في الضفة، بل توسع إلى البحث عن خلايا ناشطة ونائمة ومؤسسات ورجال أعمال.

وداهمت طواقم من الإدارة المدنية التابعة للاحتلال في الضفة الغربية، وتمثل «السلطة الحاكمة» قبل تأسيس السلطة الفلسطينية، عدة مؤسسات يعتقد أنها تابعة لحماس في منطقة الخليل ومناطق أخرى وصادرت مواد مختلفة من بينها أجهزة حاسوب ووثائق وملفات.

وقال مصدر أمني إسرائيلي: «قررنا استهداف مؤسسات حماس كذلك المدنية والاقتصادية». وأضاف: «هذه المؤسسات تعمل على تجنيد وغسل الأموال لحساب حركة حماس، من أجل استخدامها لتمويل النشاطات الإرهابية».

ويرى مراقبون أن إسرائيل تستغل حادثة الخطف لتوجيه ضربة قاصمة وشاملة لحماس في الضفة.

وكتب المحلل العسكري في «يديعوت أحرونوت»، ألكس فيشمان، «الذي يجري الآن هو عملية عسكرية متدحرجة وآخذة بالاتساع، تعتزم إسرائيل استغلال الفرصة حتى النهاية بهدف ضرب بنية حماس، بقدر الإمكان». وأضاف: «سيجففون (إسرائيل) البحر من أجل الإمساك بالأسماك».

وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تعهد بأن تدفع حماس ثمنا باهظا لعمليتها. واتصل أمس بعائلات الشبان الثلاثة المختفين وأكد لهم أن إسرائيل تبذل قصارى جهدها عملياتيا واستخباريا للعثور على أبنائهم.

وتحدث بينت، وهو أيضا عضو في المجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية والسياسية، عن أن هناك عدة أطراف خيوط في التحقيق الحالي، مضيفا «قوات الأمن لن تبقي حجرا على حجر حتى العثور على الشبان».

بينما طلب اليك رون، قائد شرطة إسرائيل في الشمال وضع كل الاحتمالات على طاولة البحث بما فيها أن يكون لصوص سيارات أو عصابات إجرامية هي التي نفذت عملية خطف المستوطنين حتى لحساب حماس.

واتهم رون حماس بالاستعانة في السابق بجنائيين ولصوص لتنفيذ عمليات، لكن «الشاباك» (جهاز الأمن الإسرائيلي) لم يعر هذا الاحتمال أهمية.

وأصدرت حماس بيانا رسميا هو الأول منذ اتهامها بخطف الإسرائيليين، قالت فيه إنه «بغض النظر عن الجهة التي تقف خلف هذه العملية فإن من حق الشعب الفلسطيني الدفاع عن نفسه والتضامن مع أسراه». وأضافت: «حركة حماس ليست مستعدة للتعليق على الرواية الصهيونية كونها ذات دلالات وأهداف سياسية يسعى العدو من خلالها إلى تبرير عدوانه ضد شعبنا وضد المصالحة».

‌وتابع بيان الحركة: «إن العدو الصهيوني يتحمل المسؤولية الكاملة عن تداعيات الجرائم التي يرتكبها بحق أسرانا المضربين عن الطعام وبحق أبناء شعبنا في الضفة والقطاع وبحق نواب المجلس التشريعي».

لكن لا تبدو الحرب الإسرائيلية مضرة بحماس فقط في الضفة الغربية، إذ قصفت إسرائيل أربعة أهداف لنشطاء في وقت مبكر من صباح أمس ردا على صاروخ أطلق على جنوب إسرائيل، ولم ترد تقارير بسقوط ضحايا في الواقعتين.