جدل حول صحة معاقبة طالبان للناخبين ببتر أصابعهم

إسلام آباد تطلب من كرزاي وقف تدفق المتمردين الفارين من قصف الطيران

الشرطة الباكستانية توقف سيارة عند نقطة تفتيش في منطقة بانو قرب الحدود مع أفغانستان أمس تزامنا مع تكثيف القصف على مواقع المتمردين (أ.ف.ب)
TT

أعلنت وزارة الداخلية الأفغانية، أمس، أن الشرطة قضت على اثنين من عناصر طالبان متهمين ببتر أصابع ناخبين عقابا لهم لأنهم أدلوا بأصواتهم في الدورة الثانية من انتخابات الرئاسة التي جرت السبت الماضي، بينما نفت طالبان رواية بتر الأصابع.

وقالت الوزارة في بيان إن «القائد المتمرد الملا شير آغا وأحد ضباطه قد قتلا في عملية للشرطة في هراة (غرب). وهما متهمان ببتر الأصابع المدموغة بالحبر لأحد عشر ناخبا». وأضافت أن الشرطة أصابت واعتقلت متمردا آخر شارك أيضا في عمليات بتر الأصابع التي كان يتعين على الناخبين غمسها بالحبر الذي لا يمحى لتجنب التصويت المتكرر. وأوضحت الوزارة أن الشرطة والجيش الأفغانيان بدآ منذ السبت عمليات بحث وتقص للقبض على منفذي هذه الجرائم، مشيرة إلى استمرار عمليات البحث للقبض عليهم جميعا. وقدم المتحدث باسم شرطة هراة عبد الرؤوف أحمدي حصيلة مختلفة لعملية الشرطة. وإذ أكد مقتل شير آغا، قال في المقابل إن المشتبه بهما الآخرين في عمليات البتر لاذا بالفرار. وقال إن «عناصر طالبان هؤلاء» الذين تلاحقهم الشرطة «سيدفعون ثمن جرائمهم».

من جهتها، نفت القيادة المركزية لحركة طالبان التي دعت مقاتليها قبل التصويت إلى عرقلة الانتخابات، أمس، إصدار أمر لقادتها ببتر أصابع الناخبين، وذلك في رسالة نشرت على موقعها في شبكة الإنترنت. وكان يان كوبيس، رئيس مهمة الأمم المتحدة في أفغانستان، انتقد هذه الأعمال «المشينة» التي استهدفت أشخاصا كانوا يمارسون «حقهم الأساسي بتحديد مستقبل بلادهم عبر الانتخابات وليس عبر العنف والترهيب».

وفي شأن ذي صلة، حث رئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف الرئيس الأفغاني حميد كرزاي على المساعدة في قطع الطريق على المسلحين الفارين إلى أفغانستان أمام هجوم عسكري كبير، فيما تقصف طائرات باكستانية أمس مخابئ حركة طالبان لليوم الثالث. وطلب شريف من الرئيس الأفغاني إغلاق الحدود التي يسهل اختراقها عبر المنطقة القبلية، حيث نشر الجيش الباكستاني قوات ودبابات من أجل قمع المتمردين.

وشن الطيران الباكستاني فجر أمس غارات على ثلاثة معاقل لمسلحي طالبان في مير علي بوزيرستان الشمالية، مما أدى إلى مقتل 13 متمردا، كما أعلنت مصادر أمنية متطابقة، مما يرفع الحصيلة الإجمالية إلى 190 قتيلا من المسلحين.

ولم يتسن تأكيد هذه الحصيلة من مصدر مستقل، فيما تحدث بعض السكان الذين هربوا من المنطقة عن سقوط ضحايا في صفوف المدنيين بسبب القصف الجوي قبل إطلاق العملية رسميا، فيما ينتظرون هدنة في القتال من أجل إنقاذ أقربائهم الذين بقوا في مناطقهم. وأفاد مسؤولون بأن الجيش الباكستاني تكبد ثمانية قتلى وأنه لم يواجه سوى مقاومة ضئيلة.

وأطلق الجيش الباكستاني هذا الهجوم، المنتظر منذ فترة طويلة، بطلب من الولايات المتحدة الأحد الماضي بعد أسبوع من هجوم استهدف مطار كراتشي وأدى إلى مقتل العشرات وشكل نهاية عملية السلام. وشكل نزوح المتمردين من المنطقة موضوع قلق قبل بدء العملية، إذ أشار سكان ومسؤولون إلى أن غالبية عناصر طالبان والمقاتلين الأجانب غادروا إلى شرق أفغانستان. وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الباكستانية تسنيم إسلام إن شريف طلب من كرزاي المساعدة على وقف فرار هؤلاء العناصر. وأضافت أن «رئيس الوزراء نواز شريف اتصل بحميد كرزاي الليلة (قبل) الماضية ليطلب منه إغلاق الحدود الأفغانية بهدف منع خروج متمردين من باكستان إلى أفغانستان خلال الهجوم العسكري». وتابعت أن «الرسالة نقلت سابقا عبر مصادر عسكرية وتلقت السلطات الأفغانية طلبا أيضا للقيام بتحرك ضد مخابئ المتمردين في أفغانستان التي تستخدم لشن هجمات داخل باكستان. لا نعرف بعد ماذا كان رد كرزاي على هذه الطلبات».

وأصدر مكتب كرزاي لاحقا بيانا يطلب فيه من باكستان اتخاذ كل الخطوات للحد من سقوط ضحايا مدنيين، مضيفا أن شريف سيرسل قريبا «مبعوثا خاصا» لبحث المسألة. وأضاف البيان أن «أفغانستان مستعدة لأي تعاون من أجل القضاء على مخابئ الإرهابيين القائمة على الجانب الآخر من خط دوراند ووقف الهجمات على الجانب الأفغاني».

ونزح آلاف الأشخاص عبر الحدود إلى إقليم قرباز في ولاية خوست الأفغانية، حسبما أعلن المتحدث باسم الحكومة المحلية مبارز محمد زدران، وتقدم لهم المساعدات والمواد الغذائية. ووصل آخرون إلى بلدة بانو الواقعة على بعد 10 كم شرق منطقة وزيرستان الشمالية في ولاية خيبر باختونكوا المجاورة. ووصلت درجات الحرارة إلى 48 درجة مئوية مع انقطاع في الكهرباء يصل إلى 15 ساعة في اليوم بسبب أزمة الطاقة، مما يمنع السكان من استخدام المكيفات أو المراوح الكهربائية.

وكانت سوق البلدة تعج برجال القبائل الذين ينتظرون أقرباءهم على الطريق الوحيد الذي يربط بانو بالمنطقة القبلية وبالمواكب العسكرية. وذكر لافر خان (50 عاما) وهو من بلدة داتاخيل ووصل السنة الماضية، أنه استأجر منزلا لإيواء 25 من أفراد عائلته. وقال «كان يجب أن تعطينا السلطات وقتا كافيا لإخلاء مناطقنا»، مشيرا إلى أن عشرات من أفراد عائلته محتجزون وينتظرون توقف القتال للهرب. وأضاف «لم أتمكن من الاتصال بهم منذ أيام، وأنا قلق إزاء ما يحصل هناك»، حسبما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية.

وكان شريف أعلن سابقا أن الهجوم هدفه «جعل باكستان أرض سلام، وأعتقد أن هذه العملية ستشكل بداية عصر سلام وهدوء. لن نسمح بعد اليوم بأن تكون باكستان معقلا للإرهاب». وتوعدت طالبان الباكستانية أول من أمس بهجمات جديدة ردا على العملية العسكرية، مهددة الحكومة ثم الشركات الأجنبية التي دعتها إلى «مغادرة البلاد فورا».