الرئاسة الجزائرية تبحث مشروع «عفو شامل» عن أفراد الجماعات الإرهابية

لقناعتها بأنها قد تشكل نهاية الأزمة الأمنية وإفرازاتها

TT

قال «تائبون عن الإرهاب» بالجزائر، إن مقربين من الرئيس عبد العزيز بوتفليقة طلبوا منهم جمع مقترحات من أفراد جماعات إرهابية تخلوا عن السلاح، في إطار مشروع يتعلق بـ«عفو شامل» عن كل رفاقهم، الذين ما زالوا يحملون السلاح ويحلمون بـ«الدولة الإسلامية».

ويتمثل المشروع في إلغاء كل أشكال المتابعة الأمنية والقضائية ضدهم من دون شروط، وكذا أحكام الإعدام التي صدرت بحقهم.

وذكر عضو سابق بـ«الجماعة السلفية للدعوة والقتال»، رفض نشر اسمه، لـ«الشرق الأوسط»، أنه يعمل رفقة أشخاص آخرين، كانوا ضمن الجماعة نفسها، على عرض الفكرة على مسلحين بشرق العاصمة، كمرحلة ثانية بعد تحضير مقترحات تحمل رؤيتهم لكيفية تنفيذ إجراءات عفو مرتقب. وقال: «اتصلت بنا جهة أمنية، بناء على توجيهات من رئاسة الجمهورية، وعرضت علينا السعي لتنفيذ مشروع قديم، جرى التخلي عنه في فترة معينة، ثم عاد إليه رجال النظام لقناعتهم بأن نهاية الأزمة الأمنية وإفرازاتها تتحقق بإصدار عفو شامل عن كل المسلحين من دون شروط، حتى يقتنعوا بضرورة العودة إلى أحضان المجتمع».

وذكر المسلح نفسه سابقا، الذي كان قياديا بارزا في «السلفية»، أن «عددا كبيرا من المسلحين يشعرون بأنهم وصلوا إلى طريق مسدود، وأنه لا جدوى من الاستمرار في مقارعة النظام، لأنهم عاجزون عن الإطاحة به. ومن ثم، فهم يبحثون عن فرصة تأتي من النظام لكي يضعوا السلاح، ولكنهم يرفضون المحاكمة ولا يثقون بوعود المسؤولين في الدولة».

ويشتغل القيادي المسلح السابق على المشروع، مع خمسة من رفاقه السابقين في «الجماعة»، وقال إنه «مكمل لسياسة المصالحة الوطنية»، التي زكاها الجزائريون في استفتاء خريف 2005، وصدرت بموجب قانون 2006. وأهم ما جاء فيه: إبطال المتابعة، وإسقاط أحكام السجن ضد أعضاء الجماعات الإرهابية، شرط ألا يكونوا متورطين في تفجير قنابل بالساحات العمومية، ولا في جرائم اغتصاب النساء.

وأضاف قائلا: «أعتقد أن الرئيس بوتفليقة وجد أن نتائج المصالحة أقل مما كان ينتظره، خاصة فيما يتعلق بعدد الذين تخلوا عن السلاح، ولهذا فكر في مشروع جديد يتضمن إجراءات مغرية للمسلحين، منها إلغاء كل الشروط التي يتضمنها مشروع المصالحة».

وأصدر بوتفليقة مطلع عام 2000، بعد أقل من سنة من وصوله إلى الرئاسة: «قانون الوئام المدني»، وتمكن بفضله من نزع سلاح ستة آلاف شخص، كانوا أعضاء في «الجيش الإسلامي للإنقاذ»، الجناح المسلح لـ«الجبهة الإسلامية للإنقاذ» المحظورة. وفي 1995، صدر في عهد الرئيس السابق اليمين زروال «قانون الرحمة»، لصالح عناصر «الجماعة الإسلامية» المسلحة، غير أن نتائجه كانت هزيلة على الصعيد الأمني، لأن الجهاديين كانوا وقتها في بداية المشوار. وطرح الرئيس بوتفليقة فكرة «عفو شامل» عن الإرهابيين، لأول مرة في 2003، وكانت بمثابة جس نبض للفاعلين في النظام وداخل المجتمع. لكن المسعى لقي «مقاومة» من طرف أجنحة في النظام معادية للإسلاميين، وأيضا من تنظيمات ضحايا الإرهاب وقطاع من الصحافة والنخبة الفرانكفونية المتنفذة. ودعا الرافضون إلى الاقتصاص من الإرهابيين حتى لو وضعوا السلاح طواعية.

وكان موضوع «العفو» الشامل محل حديث بين وزير الدولة أحمد أويحيى، ومؤسس «جبهة الإنقاذ» الهاشمي سحنوني، في لقائهما يوم 12 من الشهر الحالي، في إطار المشاورات الجارية حول تعديل الدستور، إذ تسلم الأول من الثاني وثيقة وقعها تسعة مسلحين سابقين، يمثلون مئات «التائبين» عن الإرهاب، ويطالبون فيها الرئيس بإصدار عفو عن كل المسلحين النشطين. وعدوا ذلك «خطوة شجاعة قد تحقق الاستقرار والأمن في البلاد».