ميشال سليمان: ما يهدد لبنان «الداعشية السياسية» وليس «داعش» العسكري

الرئيس المنتهية ولايته يكشف عن اعتزامه تشكيل حزب سياسي يتبنى «الوسطية»

ميشال سليمان
TT

شهران انقضيا على خروج الرئيس اللبناني السابق ميشال سليمان من قصر بعبدا الرئاسي من غير أن يجد خليفة له يسلمه المفاتيح وينقل إليه سلطاته الرئاسية، وهو ما يشكل «غصة» في قلبه لا بل أحد مواضيع الإخفاق التي لا ينسبها لجهة بعينها بل لممارسة «الداعشية السياسية» في لبنان.

ما كنا نعرفه حتى الآن كان تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش) الذي يسيطر على أجزاء من الشمال الشرقي السوري وأخرى على الجانب الآخر من الحدود العراقية. لكن داعش «العسكري» لا يخاف منه الرئيس سليمان الموجود منذ أيام في باريس لمرافقة زوجته لأسباب صحية، ولا يعد أن «داعش» قادرة على استنساخ ما جرى في العراق وسوريا على الأراضي اللبنانية.

من جهة، يستبعد سليمان تماما، كما قال في لقاء مع صحافيين لبنانيين في باريس، انقسام الجيش اللبناني أو انهياره أي تكرار السيناريو العراقي الذي مكّن داعش من احتلال الموصل وتكريت وأجزاء من محافظات نينوى وديالى وصلاح الدين. وعلى الرغم من الأحداث المتنقلة في لبنان وتكاثر عمليات التفجير والعمليات الانتحارية، وآخرها أمس على طريق ضهر البيدر (في الجبال إلى الشرق من بيروت)، فإن سليمان «مطمئن» إلى أن الجيش «صامد» وأن مروجي هذا النوع من السيناريوهات سيخفقون غدا كما أخفقوا في السابق. كذلك يرى سليمان أنه لا بيئة حاضنة في لبنان لمثل هذه التنظيمات ما يقضي على حظوظ نجاحها في البلاد. ويلخص سليمان تصوره بجملة واحدة: «الإرهاب كلفته كبيرة ولكنه لن ينتصر في لبنان».

ولكن إذا كانت «الداعشية العسكرية» فاشلة في لبنان، فإن الناجح فيه هو «الداعشية السياسية»، التي يفسّرها سليمان على أنها «تعطيل المؤسسات وإعدام الديمقراطية ومنع انتخاب رئيس جديد للجمهورية والتلاعب بمصالح المواطنين والتلاعب بالنصوص الدستورية والتحايل ورفض تحمل المسؤولية الملقاة على نواب الشعب. وحسب رأي الرئيس المنتهية ولايته فإن لبنان «يعيش حالة انقلاب سياسي» خطيرة للغاية، ومن «المعيب» أن ينتظر لبنان التدخل الخارجي لدفع ممثلي الشعب لانتخاب رئيس جديد. وبرأيه أنه يجب «التفاهم على اسم الرئيس الجديد في الداخل»، وجل ما يمكن أن يقوم به الخارج هو المساعدة على إيجاد الظروف الملائمة وإقناع الأطراف المترددة بقبول اسم مرشح توافقي وليس الاقتراع مكان اللبنانيين. بيد أن التمنيات شيء والواقع السياسي القائم في لبنان شيء آخر. وعندما يُسأل سليمان عما إذا كانت لديه معطيات أو معلومات تفيد أن الأمور مقبلة على تغييرات، وأن انتخاب رئيس جديد أصبح قريبا، يرد بأن «لا مؤشرات اليوم تذهب في هذا الاتجاه» ما يعني التمديد للأزمة وللفارغ المؤسساتي في رئاسة الجمهورية، وربما غدا في السلطة التشريعية بينما السلطة التنفيذية (الحكومة) موضوع تجاذب بين مكوناتها.

على صعيد آخر، كان سليمان قد التقى الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند في قصر الإليزيه يوم أول من أمس، كذلك التقى رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الموجود هو الآخر في العاصمة الفرنسية. لكنه بالمقابل نفى أن يكون قد حصل أي اتصال مع رئيس الوزراء السابق سعد الحريري الذي «لم يتصل به» على حد قوله والذي كان مفترض ووصله أي باريس الجمعة.

ما هو المستقبل السياسي للرئيس سليمان؟

صحيح أن سليمان خرج من الرئاسة إلا أنه لم يخرج من السياسة، والدليل على ذلك أنه مستمر في التعبير عن مواقفه السياسية والدفاع عنها. لكنه في باريس كشف عن أمر إضافي وهو أنه عازم على تأسيس حزب سياسي. لكنه على الرغم من هذه الرغبة الأكيدة، فإنه يحتمي وراء «إرادة الناس» إذ يقول إنه «سيمشي» في مشروع كهذا «إذا أرادت الناس ذلك»، وإذا كان الحزب هوة السبيل للدفاع عن المواقف والمبادئ المتمسك بها والإنجازات التي تحققت في عهده. ومنذ اليوم، يكشف سليمان عن فلسفة حزبه المقبل وهي «الوسطية السياسية» والحاجة إلى أحزاب لا تتقوقع داخل طائفة معينة بل تتجاوزها لتكون حاضنة لجميع المواطنين.

ولكن هل هو فعلا مرشح لرئاسة المنظمة الفرنكوفونية؟ يرد سليمان بأنه «لم يطلب شيئا» بل جاءه من يعرض عليه ذلك. وكان رده، وفق ما قاله، أنه «لا مانع لديه» إذا كان في قبوله خدمة يستطيع أن يؤديها.