القصف الباكستاني على المتمردين يتصاعد.. وعدد النازحين تخطى 200 ألف

الجيش يواصل عمليته الكبيرة قرب الحدود الأفغانية.. والوضع الإنساني يتفاقم

مدنيون يفرون من مناطق القصف الباكستاني على مواقع المتمردين في منطقة وزيرستان القبلية أمس (أ.ف.ب)
TT

قصفت مروحيات الجيش الباكستاني أمس مواقع متمردين في شمال غربي البلاد، مما أدى إلى مقتل 20 متمردا بينما تخطى عدد المدنيين الهاربين خوفا من هجوم بري متوقع 200 ألف نازح. وهرب نحو 150 ألف شخص منطقة شمال وزيرستان القبلية عند الحدود الأفغانية هذا الأسبوع بعد أن أطلق الجيش الباكستاني عملية تستهدف مخابئ مقاتلي طالبان. وخففت السلطات إجراء حظر للتجول الأربعاء الماضي يسمح بإطلاق النار على المخالفين، لإعطاء فرصة للمدنيين للمغادرة قبل أن تبدأ القوات عملية برية كبيرة.

وقال مسؤول أمني كبير إن المروحيات المقاتلة قصفت مخابئ للمسلحين في غارة في ساعة مبكرة يوم أمس على منطقة كتابخيل الواقعة في ميرانشاه، البلدة الرئيسة في شمال وزيرستان، مما أدى إلى مقتل 20 مسلحا. وأكد مسؤول في الاستخبارات المحلية الهجوم وعدد القتلى. ويفيد مسؤولون أمنيون بأن نحو 250 متمردا قتلوا منذ إطلاق العملية الأحد الماضي، لكن صعب تأكيد العدد أو هوية القتلى من مصادر مستقلة.

وأطلق الجيش عمليته بعد هجوم كبير على مطار كراتشي الأسبوع الماضي وضع حدا لأشهر من الجهود الحكومية العقيمة إلى حد كبير، للتوصل إلى اتفاق سلام مع حركة طالبان الباكستانية. وطالب حلفاء باكستان، وخصوصا الولايات المتحدة، بإلحاح بعملية تستهدف مخابئ المتشددين في المنطقة القبلية الجبلية، للقضاء على مجموعات مثل شبكة «حقاني»، تستخدم المنطقة لاستهداف قوات الحلف الأطلسي في أفغانستان المجاورة.

والمنطقة التي تعد واحدة من سبع مناطق قبلية تتمتع بحكم ذاتي على الحدود الأفغانية، تمثل قاعدة مهمة لطالبان الباكستانية التي قتلت الآلاف في عمليات تفجير وهجمات مسلحة في التمرد المستمر منذ سبع سنوات. وتسبب القتال بنزوح كبير للمدنيين من شمال وزيرستان إلى مدن بانو وبيشاور وكوهات الباكستانية، وعبر الحدود إلى أفغانستان.

ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية أمس عن المدير العام لسلطة إدارة الكوارث في المناطق القبلية إرشاد خان قوله إن «نحو 157 ألف شخص وصلوا إلى بانو من مناطق مختلفة من شمال وزيرستان. وأقيمت مراكز تسجيل ومخيمات لمواجهة تدفق النازحين في بانو، لكنّ كثيرين يفضلون مواصلة السفر والإقامة مع أقاربهم في أماكن أخرى». وفي أفغانستان قال المتحدث باسم إدارة خوست، مبارز محمد زدران، إنه جرى تسجيل 1400 أسرة نازحة وقدر أن تكون نحو 10 آلاف أسرة (أو 70 ألفا إلى 80 ألف شخص) موزعة بالفعل في أنحاء الولاية. وأقامت حكومة الولاية إلى جانب هيئات إغاثية والمفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة مخيما للنازحين.

وتبرز مخاوف من أن يؤدي النزوح من شمال وزيرستان إلى تفشي شلل الأطفال، حيث إن هذه المنطقة تعد أكثر المناطق التي تسجل فيها إصابات بهذا المرض في باكستان.

وفي الجانب الأفغاني يقول المسؤولون إن السلطات قامت بتلقيح أكثر من 5500 طفل ضد شلل الأطفال الذي لا يزال متفشيا على جانبي الحدود.

وفي باكستان أعطي النازحون من شمال وزيرستان قطرات اللقاح عند حاجز أمني قبل الدخول إلى ولاية خيبر بختنخوا المجاورة. وشوهد الآلاف وبينهم نساء وأطفال، يتوجهون سيرا إلى بانو صباح أمس. وكانت النسوة يجلسن إلى جانب الطريق بينما كانت العربات وحافلات الركاب تعبر ببطء الطريق المزدحم في طوابير طويلة.

وفي ميرانشاه ومير علي، البلدتين الرئيستين في شمال وزيرستان، غادر أكثر من 80 في المائة من السكان أو يعتزمون المغادرة في الساعات القادمة. لكن رغم تحذير المسؤولين الأمنيين عن قرب القيام بهجوم بري كبير، فإن عددا كبيرا من السكان في مناطق أخرى اختاروا البقاء وعدم المغادرة. وقدر مسؤول حكومي في ميرانشاه أمس أن نحو 40 في المائة من سكان المنطقة قد يبقون فيها. وفي رمزك، إحدى ثلاث نواحٍ في شمال وزيرستان، قرر نصف عدد الأهالي تقريبا البقاء فيها لاعتقادهم أنهم سيكونون في مأمن لغياب أي نشاط للمتمردين في منطقتهم. وقال المسؤول: «أبلغونا أن منطقتهم لم تتعرض لأي ضربة من الطائرات من دون طيار لعدم وجود أي نشاط للمتمردين فيها». ولم تسجل حتى الآن على ما يبدو أي مقاومة تذكر من طالبان الباكستانية للعملية العسكرية رغم أن الوضع يمكن أن يتغير عندما تبدأ المعركة البرية. وفي منطقة تورغار على بعد نحو 130 كلم شمال غربي بيشاور، انفجرت عبوة ناسفة على جانب طريق استهدفت عربة للشرطة مما أدى إلى مقتل شرطي وإصابة اثنين آخرين.