رئيس الحكومة المغربية يحسم الجدل حول السلطة المشرفة على الانتخابات.. ويطلق مشاورات مع الأحزاب بشأن قوانينها

وزير الداخلية يقول إنها ستجري في احترام تام للآجال القانونية والدستورية

عبدالإله ابن كيران مع أعضاء الحكومة في اجتماع سابق
TT

حسم عبد الإله ابن كيران، رئيس الحكومة المغربية، الجدل حول السلطة المشرفة على الانتخابات البلدية والقروية المزمع إجراؤها منتصف السنة المقبلة، وأكد خلال الجلسة الأولى للمشاورات السياسية، التي عقدها مساء أول من أمس مع 35 أمينا عاما للأحزاب السياسية، أن حكومته ستشرف فعليا على الانتخابات، وهو ما يعد استبعادا للمطالب التي تنادي بإحداث هيئة مستقلة للإشراف على الانتخابات.

ووزع ابن كيران أدوار الإشراف على العملية الانتخابية، موضحا أن رئاسة الحكومة ستتكلف بالجانب السياسي المتعلق بالتوافق على القوانين المنظمة والأجندة الزمنية، فيما سيعهد لوزارة الداخلية مهمة الإشراف التقني والتفصيلي.

وخفف رئيس الحكومة من توجسات الأحزاب السياسية حول نزاهة الانتخابات، والتي دفعت حزبي الاستقلال والاتحاد الاشتراكي إلى التلويح بمقاطعة أول انتخابات تجري في عهد الحكومة التي يقودها الإسلاميون «إذا ما تزايدت الأدلة على أن البلاد ذاهبة إلى انتخابات متحكم فيها وفي نتائجها». وأعلن ابن كيران عن وجود تعليمات ملكية صارمة لتحصين العملية الانتخابية، وكشف خلال الاجتماع أنه تلقى من العاهل المغربي تعليمات «لضمان شفافية ونزاهة الانتخابات المقبلة»، مضيفا أن «باب مكتبه سيظل مشرعا في وجه الأمناء العامين للأحزاب».

من جهته، أعلن محمد حصاد، وزير الداخلية المغربي مساء أول من أمس، أن المشاورات مع الأحزاب السياسية بشأن مشاريع القوانين الانتخابية ستبدأ الشهر المقبل، يليها عرض هذه المشاريع على مجلس الحكومة ومجلس الوزراء في سبتمبر (أيلول) المقبل، قبل أن تحال على البرلمان في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر (تشرين الثاني) المقبلين، ليجري بعد هذا المسار إصدار القوانين التنظيمية بعد المصادقة عليها في ديسمبر (كانون الأول) المقبل.

وأوضح حصاد، خلال الاجتماع الذي عقده رئيس الحكومة، مع رؤساء الأحزاب السياسية، والذي خصص لاستعراض التصور العام للإعداد للاستحقاقات الانتخابية المقبلة، أن الجدولة الزمنية لهذه الاستحقاقات الهامة ستنظم في احترام والتزام تأمين بالآجال القانونية والدستورية، بدءا بانتخابات ممثلي المأجورين (العمال)، ثم الانتخابات الجماعية (البلدية)، فانتخابات الغرف المهنية، وانتخابات مجالس العمالات والأقاليم (المحافظات)، وصولا إلى انتخابات مجلس المستشارين (الغرفة الثانية في البرلمان).

واستعرض حصاد مشاريع القوانين التنظيمية الخاصة بالجهوية المتقدمة (الحكم اللامركزي) وبالجماعات الترابية الأخرى، وقال إن هناك اتفاقا مع الأحزاب السياسية على منهجية عمل ستدوم ستة أشهر، موضحا أن الهدف هو تحضير كل القوانين المتعلقة بالانتخابات قبل ديسمبر المقبل. وأضاف «بدأنا اليوم بقانون الجهة (المناطق)، الذي جرى تقديمه بصفة دقيقة جدا، وبعد 15 يوما من الآن سنقدم القوانين التنظيمية الأخرى المخصصة للجماعات المحلية (البلديات) والمجالس الإقليمية، على أن نقدم باقي النصوص الأخرى ابتداء من أغسطس (آب) المقبل».

من جانبه، قال ابن كيران إن اللقاء شكل فرصة لطرح أفكار جديدة في أفق التوافق بشأنها مع الأحزاب السياسية، موضحا أن ممثلي هذه الأحزاب أدلوا بملاحظات أولية، على أن تتوصل رئاسة الحكومة بمقترحاتهم النهائية في غضون شهر من هذا الاجتماع.

وتابع موضحا أن الاجتماع تطرق إلى عدد من الجوانب المتعلقة بالانتخابات المقبلة «سواء تعلق الأمر بالجهوية أو نمط الاقتراع، كما طرحت قضايا مرتبطة بحذف وصاية الإدارة على الجماعة الترابية».

وثمن زعماء الأحزاب السياسية المغربية، من جهتهم، مبادرة الحكومة، وعبروا عن الأمل في أن يجري الإعداد الجيد للاستحقاقات المقبلة، التي تشكل حدثا مفصليا بالنسبة لتكريس المسار الديمقراطي بالمغرب.

وفي هذا السياق، عبر نبيل بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، عن ارتياحه لعقد هذا الاجتماع انسجاما مع روح وتوجهات الدستور الجديد، ووصفه بأنه يكتسي دلالة رمزية وسياسية هامة، وذكر بأن الاجتماع شكل فرصة لتقديم مقترحات محددة وللإنصات إلى تصور الحكومة بشأن الاستحقاقات المقبلة، موضحا أن وزارة الداخلية «ستستمر في القيام بالدور المنوط بها على المستوى التنظيمي من أجل مصاحبة هذا المسلسل».

من جهته، رحب محند العنصر الأمين العام لحزب الحركة الشعبية، بعقد هذه الاجتماع الذي شكل، برأيه، انطلاقة المشاورات حول المسلسل الانتخابي والقوانين المتعلقة بها، وفرصة للأحزاب السياسية لإبداء ملاحظاتها بشأنها.

ودعا إدريس لشكر، الأمين العام لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية المعارض، إلى ضرورة تغيير منهجية العمل «حتى تكون المشاورات بشأن الانتخابات المقبلة مثمرة ومختلفة عن سابقاتها»، كما دعا للبحث عن «صيغ جديدة للمشاورات تأخذ بعين الاعتبار موقع الأحزاب (أغلبية أو معارضة)، بدل الشكل الذي حدثت به اليوم، إذ جرى الاجتماع مع كافة الأحزاب السياسية الموجودة على الساحة»، و«هو ما يجعل النقاش حول قضايا ذات أهمية مثل الانتخابات أمرا صعبا»، حسب رأيه. وفي السياق ذاته، دعا مصطفى باكوري، الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة المعارض، إلى «التركيز على توفير الشروط اللازمة لإنجاح أي مشاورات، باعتبارها المدخل الرئيس لإنجاح العملية الانتخابية المقبلة»، وعبر عن الأمل في أن يجري احترام الجدولة الزمنية، وفي أن تفتح الاستحقاقات المقبلة آفاقا جديدة تستجيب لانتظارات وتطلعات المغاربة.