العاهل المغربي: أفريقيا قادرة على تحقيق «معجزة» قوامها ضمان الأمن والاستقرار والنهوض بالتنمية البشرية

قال إن الاستقرار رهين باحترام وحدة الدول والتنسيق لمواجهة الإرهاب

TT

قال العاهل المغربي الملك محمد السادس إن القارة الأفريقية قادرة على خلق «معجزة» قوامها ضمان الأمن والاستقرار، والنهوض بالتنمية البشرية.

وأوضح الملك محمد السادس، في رسالة وجهها أمس إلى منتدى كرانس مونتانا الذي تستضيفه «إيسيسكو» بمقرها في الرباط، تلاها صلاح الدين مزوار، وزير الخارجية، أن التعاون جنوب - جنوب لا ينبغي أن يظل مجرد شعار فارغ، بل يجب ترجمته إلى حقيقة وضرورة يتعين تجسيدهما في مقاربة شاملة، تشاركية ومندمجة، كفيلة بتحقيق نتائج فعالة.

ويعقد الاجتماع الـ25 للمنتدى تحت شعار «العلاقات جنوب - جنوب: من خيار استراتيجي إلى ضرورة ملحة».

وفي هذا السياق، قال العاهل المغربي إنه واثق أن القارة الأفريقية قادرة بما تزخر به من موارد طبيعية متكاملة وبما يتوفر عليه الإنسان الأفريقي من مؤهلات، على خلق «معجزة أفريقية»، قوامها ضمان الأمن والاستقرار، والنهوض بالتنمية البشرية، وتحقيق التقدم والازدهار لشعوبها، مشيرا إلى أن تحقيق هذه المعجزة ليس مجرد حلم أو أمل يتطلع إليه، بل إن شعوب القارة قادرة على جعله واقعا ملموسا، إذا ما جرى تجاوز الخلافات المصطنعة، وتوافرت الإرادة السياسية، وتضافرت الجهود من أجل بناء أفريقيا مستقرة وموحدة.

وأكد الملك محمد السادس أن استتباب الأمن والاستقرار في القارة يقتضي احترام سيادة الدول ووحدتها الوطنية والترابية، والتنسيق لمواجهة التنظيمات الإرهابية، وعصابات الاتجار في السلاح والبشر والمخدرات، التي تهدد، ليس فقط الأمن الإقليمي بالساحل والصحراء، بل أيضا المنطقة الأورو - متوسطية، والأمن الدولي برمته.

وقال الملك محمد السادس إن ما تحتاجه دول الجنوب عموما، وبلدان القارة الأفريقية على وجه الخصوص، هو إقامة وتفعيل تعاون جنوب - جنوب، تضامني وفعال، تنخرط فيه كل الدول.

وأعرب العاهل المغربي عن استعداد بلاده لوضع ما راكمته من خبرة وتجربة في خدمة التعاون الثلاثي لصالح الشعوب الأفريقية، مذكرا بتوطيد المغرب لعلاقات الأخوة والتعاون والتضامن، التي تربطه بالدول والشعوب الأفريقية في مختلف المجالات: السياسية والاقتصادية والاجتماعية والروحية والثقافية.

وأضاف العاهل المغربي أنه من منطلق إيمانه بقدرة هذه القارة على تحقيق «المعجزة الأفريقية» المنشودة، فإن المملكة المغربية تعمل جاهدة من أجل «انبثاق أفريقيا معتزة بهويتها، وقوية بتراثها الثقافي والروحي، ومتحررة من سلبيات الماضي، ومن كل مركبات النقص. أفريقيا عصرية وطموحة تأخذ بزمام المبادرة».

وأوضح الملك محمد السادس أن بلاده جعلت التعاون جنوب - جنوب أحد الدعامات الرئيسة لسياستها الخارجية، وهو ما تعكسه الزيارات التي قام بها إلى عدد من الدول الأفريقية، وما أنجز خلالها من برامج تنموية، ومن اتفاقيات للتعاون في مختلف المجالات.

وقال العاهل المغربي إن المغرب يعتمد مقاربة شاملة ومنسجمة اتجاه أفريقيا، مبنية على ثلاث ركائز هي النهوض بالمواطن الأفريقي، وتعزيز التعاون في المجال الديني مع البلدان الأفريقية التي عبرت عن رغبتها في الاستفادة من النموذج الديني المغربي، القائم على المذهب المالكي، الذي يدعو إلى الوسطية والتسامح والاعتدال. أما الركيزة الثالثة فهي المساهمة الفاعلة في استتباب الأمن والاستقرار في القارة، سواء من خلال مبادرات الوساطة لحل النزاعات بالطرق السلمية، أو عبر المشاركة في عمليات حفظ السلام الأممية بالقارة.

من جانبه، قال عبد العزيز التويجري المدير العام لـ«إيسيسكو» إن الاجتماع السنوي لمنتدى كرانس مونتانا، ينعقد في ظروف تـتـفـاقـم فيها المخاطر التي تهدد السلام العالمي، نتيجة للصراعات الإقليمية والأزمات الدولية التي تصاعدت وتيرتها في ظل انتهاك القانون الدولي، وإهدار حقوق الإنسان، وتنامي موجات العنصرية والكراهية والتعصب، وانتشار تيارات العنف والتطرف والإرهاب، مع تدني مستويات العيش الكريم لدى شعوب كثيرة، تعاني الفقر والهشاشة، وتدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، مما ينعكس، برأيه، بصورة سلبية، على استقرار المجتمعات الإنسانية.

وأوضح التويجري أن من بين الأهداف الإنسانية التي يعمل المنتدى على تحقيقها، تعزيز الحوار بين الثقافات، والتشجيع على دعم التنمية الشاملة المستدامة في دول الجنوب، مشيرا إلى أن هذه الأهداف النبيلة هي نفسها التي تنطوي عليها الرسالة الحضارية لـ«إيسيسكو» التي تعبر، كما وصفها الملك الراحل الحسن الثاني، عن «الضمير الثقافي للعالم الإسلامي».

ونوه جان بول كارترون، رئيس المنتدى، بالاهتمام الذي يوليه الملك محمد السادس للبلدان الأفريقية، وتطلعه إلى إرساء نموذج للتنمية فيها، يحافظ على خصوصية كل بلد وقيمه، مشيرا إلى أن الدول التي لا تحافظ على تقاليدها وقيمها تعد في حالة موت. وانتقد دول الشمال التي لم تعد قدوة لدول الجنوب لأنها غلبت المصالح الشخصية على المصالح العامة.

وحضر افتتاح المنتدى رئيس بوركينا فاسو بليز كومباوري، ضيف شرف هذه الدورة، وماري لويس كولييرو بريشا، رئيسة جمهورية مالطا، إلى جانب عدد من الوزراء، ورؤساء المنظمات الدولية.