محكمة مصرية تثبت الحكم بإعدام مرشد الإخوان و182 آخرين في سابقة تاريخية

محامي الجماعة لـ «الشرق الأوسط»: الموقف غامض ولا نعرف من منهم أدين حضوريا

قوات الأمن المصرية خارج محكمة المنيا بصعيد مصر التي أصدرت حكما بتثبيت إعدام المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، محمد بديع، و182 آخرين لإدانتهم بارتكاب أعمال عنف أمس (رويترز)
TT

قضت محكمة في صعيد مصر أمس بتثبيت إعدام المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، الدكتور محمد بديع، و182 آخرين، لإدانتهم بارتكاب أعمال عنف قتل خلالها شرطي في محافظة المنيا قبل نحو عام. ويعد حكم الإعدام الصادر أمس هو الأكبر في تاريخ مصر الحديث بحسب فقهاء قانونيين، لكنه قابل للطعن عليه. وينتظر بديع الذي تولى قيادة الجماعة قبل أربع سنوات حكما مماثلا في قضية مشابهة أحيلت فيها أوراقه للمفتي تمهيدا لصدور حكم بالإعدام أيضا.

وقضت محكمة جنايات المنيا التي يترأسها المستشار سعيد يوسف، بإعدام بديع و182 من أنصار الجماعة بتهمة التحريض واقتحام وقتل رقيب شرطة وحرق مركز شرطة العدوة بمحافظة المنيا (جنوب القاهرة) يوم 14 أغسطس (آب) الماضي، وبرأت المحكمة 496 آخرين.

ووقعت أحداث المنيا التي أدين فيها المرشد بعد ساعات من فض السلطات الأمنية في البلاد اعتصامين لأنصار جماعة الإخوان في ميداني رابعة العدوية (شرق القاهرة)، ونهضة مصر (غرب القاهرة)، خلفت مئات القتلى. وكان المستشار يوسف أحال أوراق 528 متهما من أنصار الجماعة إلى المفتي لاستطلاع رأيه بشأن إعدامهم، في ثاني جلسات القضية، وفي غياب معظم المتهمين المتحفظ عليهم في أواخر مارس (آذار) الماضي، وصدر حكم بإعدام 37 منهم لإدانتهم في أعمال عنف مماثلة بمركز شرطة مطاي في المنيا في أواخر أبريل (نيسان) الماضي. كما أحال المستشار يوسف أوراق 683 متهما بينهم المرشد إلى المفتي في القضية التي صدر فيها الحكم أمس، أواخر أبريل الماضي أيضا.

ويحيط الغموض بموقف مدانين لم يحضروا الجلسة أمس وعلى رأسهم بديع. وقال محامي جماعة الإخوان محمد طوسون، الذي حضر جلسة النطق بالحكم، لـ«الشرق الأوسط» إن الحكم لم يوصف حالة كل متهم على حدة. وأضاف أن القاضي قال حكمت المحكمة على الآتية أسماؤهم غيابيا وحضوريا، بالإعدام. وقال: «هذا أمر لم يحدث من قبل».

وأشار طوسون الذي تحدث إلى «الشرق الأوسط» عبر الهاتف إلى أن المحاكمة بدأت بحضور 76 متهما، ثم جرى القبض على بعض المتهمين لاحقا، وبلغ عدد المتهمين المقبوض عليهم 110 متهمين، لافتا إلى أنه لا يستطيع أن يعتبر أيا من هؤلاء قد صدر بحقه الحكم حضوريا قائلا: «التقاضي لا يعرف إلا الأوراق، وفي الأوراق لا يوجد وصف إذا ما كان الحكم حضوريا أم لا».

ويلزم القانون المصري السلطات القضائية بإعادة محاكمة المحكومين غيابيا فور القبض عليهم. وقال طوسون إنه لا يستطيع أن يعرف من منطوق الحكم ما إذا كان مرشد الإخوان صدر بحقه الحكم حضوريا أم غيابيا.

وأضاف طوسون أن هيئة الدفاع عن المدانين ستطعن على الحكم، بالإضافة لكونها سترفع دعوى مخاصمة ضد القاضي، مشددا على أن أيا من المحامين الحاضرين عن المدانين لم يترافع في القضية.

ووضع بديع رهن الحبس الاحتياطي منذ إلقاء القبض عليه في أغسطس (آب) الماضي. ويحاكم المرشد الثامن في تاريخ جماعة الإخوان في عدة قضايا في اتهامات بالتحريض على القتل. وأحالت محكمة في القاهرة الخميس الماضي أوراق بديع و13 آخرين إلى المفتي تمهيدا لصدور حكم بإعدامه، في القضية المعروفة إعلاميا بأحداث مسجد الاستقامة في محافظة الجيزة المتاخمة للعاصمة.

وتتعامل السلطات المصرية مع جماعة الإخوان كتنظيم إرهابي منذ نهاية العام الماضي، وصدر بعد شهرين من القرار الحكومي حكم من القضاء المستعجل يؤيد ذلك القرار. ويحاكم قادة وأنصار الجماعة أمام دوائر مخصصة لنظر قضايا الإرهاب.

وقبل يوم من صدور حكم الإعدام على بديع، أدانت جماعة الإخوان المسلمين في بيان لها الجمعة قرار المحكمة بإحالة أوراقه للمفتي في قضية مسجد الاستقامة، وتعهدت الجماعة بمواصلة مظاهراتها للاحتجاج على عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي المنتمي للجماعة الصيف الماضي، كما توعدت بالقصاص ممن وصفتهم بـ«الطغاة» قائلة «ليعلموا أن جموع الشعب المصري الثائرة التي لم تتوقف ثورتها السلمية في كل ربوع مصر على مدار عام كامل لن ترهبها مذابح العسكر وأدواته، ولن تهدأ ثورتها السلمية حتى تنتزع حريتها وكرامتها قريبا، وساعتها سيقتص الشعب من الطغاة».

ودعت جماعة الإخوان أنصارها إلى الاحتشاد يوم الثالث من يوليو (تموز) فيما سمته «الانتفاضة الكبرى» في الذكرى الأولى لعزل مرسي، لكنها صعدت خلال الأيام الثلاثة الماضية من تحركاتها الميدانية، ولم يعد مستغربا أن تجوب شوارع رئيسة في العاصمة على نحو مباغت مسيرات إخوانية، ترفع شعارات منددة للجيش وللرئيس عبد الفتاح السيسي.

ويراكم أنصار جماعة الإخوان شعاراتهم في مسعى لإثبات وجودهم وحشد المزيد من المناصرين، بحسب مراقبين، وذلك بعد نحو عام شهدت فيه الجماعة أسوأ محنة في تاريخها الممتد لما يزيد على 80 سنة.

وتنافست خلال مظاهرات جماعة الإخوان خلال اليومين الماضيين، لافتات تحمل صور مرسي، وشعار رابعة العدوية. وفي قفزة غير متوقعة، أضافت الجماعة نزاعا جديدا حول رقعة صغيرة مدون عليها سؤال؛ «هل صليت على الرسول اليوم؟»، بعد قرار وزارة الداخلية بإزالتها عن السيارات، باعتبارها «مثيرة للفتنة».

وقال الدكتور حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة إن الجماعة تسعى لحشد فصائل الإسلام السياسي وتعبئة أنصارها، في محاولة لتثبيت مزاعمها حول أن الدولة «تقف ضد الدين، وأنها علمانية كافرة».

وأضاف نافعة قائلا لـ«الشرق الأوسط»: «جماعة الإخوان تعمل على استدراج الدولة لإثارة الفتنة، وكان على الدولة أن تنتبه إلى ذلك، لكن السلطات بالغت في رد فعلها وما كان يجب أن يصدر قرار بإزالة هذه اللافتات».

وأشار نافعة إلى أن اهتمام الجماعة بهذا النوع من الصراعات يأتي في إطار إدراكها أنها تخوض معركة شاملة ضد السلطات الحالية، لكنها لن تتخلى عن الصراع السياسي، ولا شعاراته، لكنها تلجأ إلى وسائل مختلفة، فحين تضيق ساحة من ساحات الصراع، يتجهون إلى ساحة أخرى. وتابع: «تحاول الجماعة أن تثبت نفسها وتؤكد وجودها، هي تريد أن تقول إننا موجودون ولن تستطيعوا هزيمتنا».