إسرائيل تحول ليل الفلسطينيين إلى جحيم.. والسلطة تقرر التوجه إلى مجلس الأمن

نتنياهو يدعو عباس إلى حل الشراكة مع حماس.. والحركة تتبادل الاتهامات مع فتح

فلسطينية تبكي حفيدها الذي قتل على أيدي جنود إسرائيليين في مخيم العين للاجئين قرب مدينة نابلس بالضفة الغربية أمس (رويترز)
TT

صعدت إسرائيل من حملتها العسكرية في الضفة الغربية، وحولت ليل الفلسطينيين إلى جحيم، عبر الاجتياحات المتكررة لجميع مدن الضفة الغربية، والتي تشمل تفتيش بيوت ومحلات واعتقالات وإخضاع فلسطينيين للتحقيق الميداني، في إطار البحث عن ثلاثة مستوطنين مفقودين منذ الخميس قبل الماضي في منطقة قريبة من مستوطنة «غوش عتصوين» جنوب الضفة الغربية.

وقتل الجيش الإسرائيلي، أمس، فلسطينيين اثنين، في رام الله ونابلس، واعتقل نحو 40، في حين هاجمت الطائرات أهدافا في قطاع غزة.

وبدت الضفة الغربية لأول مرة منذ عام 2002 تحت النار، إذا أعادت مشاهد اجتياح الجنود للمدن والمخيمات والقرى، واشتباكهم مع متظاهرين وإطلاقهم النار وقنابل الغاز على ملقي الحجارة، وشنهم هجمات على المنازل تضمنت إجراء عمليات تفتيش دقيقة واعتقال ناشطين مع بزوغ الفجر، ذكريات الانتفاضة الأولى والثانية.

وحاصرت القوات الإسرائيلية مراكز الشرطة الفلسطينية في المدن ومنعت أيا من عناصرها من أداء مهمته، في حين أخضعت مزيدا من مؤسسات حماس الرسمية والأهلية للتفتيش وصادرت أموالا ووثائق منها.

وتقول إسرائيل إنها تسعى إلى ضرب البنية التحتية لحركة حماس في الضفة الغربية، لكنها عمليا تخضع جميع الفلسطينيين إلى عقاب جماعي.

وشرعت القيادة الفلسطينية بإجراء اتصالات مكثفة لعقد جلسة عاجلة لمجلس الأمن الدولي، «لوضع حد للعدوان الإسرائيلي المستمر، والتوجه إلى الجهات والمنظمات الدولية من أجل توفير الحماية الشعب الفلسطيني».

وجاء في بيان أصدرته القيادة الفلسطينية أمس، أنها تندد «بالعدوان الغاشم والمفتوح، والعقوبات الجماعية التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي في جميع الأرض الفلسطينية، الذي أسفر حتى الآن عن ارتكاب عدد لا يحصى من الجرائم والانتهاكات بحق أبناء شعبنا وممتلكاته».

وقالت القيادة التي تمثل الرئاسة الفلسطينية واللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ولجنة مركزية حركة فتح وأمناء عامين الفصائل: «إن العدوان الإسرائيلي المتمادي منذ عدة أيام من أعمال قتل أسفرت عن استشهاد ستة من أبناء شعبنا، وانتهاك حرمة المنازل، واقتحام المؤسسات والجمعيات والجامعات، واعتقال المئات وإعادة اعتقال من أطلق سراحهم وفق الاتفاقات، بذريعة البحث عن المستوطنين المفقودين الثلاثة، يعني أن الحكومة الإسرائيلية تدفع الوضع باتجاه المزيد من التأزم والانفجار». وأضافت: «إن هذا العدوان لن يحقق أهدافه، ولن يؤدي إلا إلى المزيد من التمسك بحقوقنا، وإن هذه الغطرسة الإسرائيلية لن تحول دون إصرار شعبنا على تحقيق أهدافنا الوطنية المشروعة في الحرية والاستقلال، ولن تنال من صلابة وحدته، ورسوخها في مواجهة هذه الهجمة الشرسة، الرامية إلى تدمير مشروعنا الوطني».

ولا تبدو أن نهاية قريبة تلوح في الأفق للهجوم الإسرائيلي على الضفة الغربية الذي عرقل حياة وأعمال الفلسطينيين وكبدهم خسائر اقتصادية كذلك.

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من جديد، إنه يملك «أدلة دامغة تؤكد ضلوع حركة حماس في عملية الاختطاف بشكل لا يقبل التأويل». وأضاف في مستهل جلسة الحكومة الإسرائيلية: «قمنا بتزويد عدة دول في العالم بمعلومات تتوفر لديها بهذا المضمار وسننشر هذه الحقائق لاحقا».

وطلب نتنياهو من الرئيس الفلسطيني محمود عباس حل الشراكة مع حماس قائلا، إن اختبار أقوال عباس ضد عملية الاختطاف تكمن في هذه الخطوة.

وتحدث نتنياهو عن عمل طويل ومستمر في الضفة يتطلب أن «احتكاكا لدرجة ما مع السكان المدنيين في الضفة الغربية». وقال: «إسرائيل لا تستهدف أحدا بشكل متعمد لا يوجد لدينا أي نية لإيذاء أي شخص عمدا، ولكن أحيانا يسقط ضحايا بين الفينة والأخرى لأن جنودنا يدافعون عن أنفسهم».

لكن الناطق باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي أقر بتعريض حياة الفلسطينيين واقتصادهم لضربة. وقال: «من الواضح أن مجرى الحياة الطبيعي في الضفة الغربية، وخصوصا في منطقة الخليل، مختلف اليوم عما كان عليه قبل عملية اختطاف الشبان الثلاثة على يد مخربي حماس». وأضاف: «الصور الواردة من المنطقة تثبت أن الاقتصاد المحلي تكبد خسائر في مجالات العمل والتجارة والإنتاج وبكل ما يتعلق بالقيود المفروضة على دخول التجار والعمال إلى إسرائيل بالإضافة إلى العمليات الإسرائيلية بحثا عن المختطفين والتي تعرقل مجرى الحياة الطبيعي لأسباب مفهومة وذات طابع أمني. طبعا هناك من يحملنا المسؤولية، بينما الحقيقة تثبت العكس (لأن) من نفذ وينفذ عقابا جماعيا هي تلك المنظمة الإرهابية الإجرامية التي تقدم على أفعالها غير آبهة بمواطنيها. ويا للصدفة أنها نفذت هذه العملية أيام قبل بداية شهر رمضان الفضيل».

ولم تتبن حماس حتى الآن العملية وقالت إنها «شرف لا تدعيه»، بينما أظهرت العملية العسكرية الإسرائيلية في الضفة إلى أي حد تبدو فيه جبهة الفلسطينيين الداخلية منقسمة على الرغم من اتفاق المصالحة الداخلي.

وهاجم مسؤولون في حماس الرئيس الفلسطيني ووصفوه بـ«أسوأ» ممثل للفلسطينيين.

وكان عباس أدان خطف الإسرائيليين الثلاثة وتساءل في مقابلة نشرت أمس مع صحيفة «هآرتس» اليسارية لماذا لم يستنكر نتنياهو حتى الآن مقتل الفلسطينيين خلال عملية البحث. وأضاف: «قلت إن الاختطاف جريمة، ولكن هل يبرر ذلك قتل المراهقين الفلسطينيين بدم بارد؟» في إشارة إلى مقتل فتيين الأسبوع الماضي.

وفي غضون ذلك، انتقد ناشطون يساريون وإسلاميون أداء الأجهزة الأمنية الفلسطينية، وردت حركة فتح باتهام حماس وآخرين بالسعي «لانقلاب».

وترجم الخلاف الفلسطيني بهجوم شنه شبان فلسطينيون على أحد مراكز الشرطة الفلسطينية في رام الله عقب انسحاب الجيش الإسرائيلي من المدينة فجر أمس، وردت الشرطة بإطلاق النار بعد أن تعرضت محتويات المركز وسيارتها للتخريب، واعتقلت في وقت لاحق المهاجمين الذين فسروا عملتهم بالاحتجاج على التنسيق الأمني.

واستنكرت حركة فتح «الحملة التي تستهدف الأجهزة الأمنية الفلسطينية». وقالت: «إن هذه الحملة وفي هذا الوقت الذي يتعرض فيه شعبنا للعدوان الإسرائيلي، هي وصفة خطيرة لنشر بذور الفتنة الداخلية خدمة للاحتلال الإسرائيلي ومخططات نتنياهو». واتهمت حركة حماس بالسعي إلى «خلق حالة من الفوضى في الضفة كي تمهد للقيام بانقلاب، وتقيم سلطتها على أنقاض الدولة الفلسطينية والمشروع الوطني الذي بناه الشعب الفلسطيني بتضحياته الجسام عبر عقود من الزمان».