بوادر تفاهم بين أعضاء الحكومة اللبنانية على آلية ممارسة صلاحيات رئيس الجمهورية

مصدر «قواتي» لـ «الشرق الأوسط» : عون لم يقدم أي مؤشر إيجابي خلال تفاوضه مع الحريري

TT

في وقت تعثرت فيه الحكومة اللبنانية في التوافق على آلية ممارسة صلاحيات رئيس الجمهورية، التي ينص الدستور اللبناني على انتقالها إلى مجلس الوزراء عند شغور سدة الرئاسة، وذلك إثر الفشل في تسمية رئيس جديد للبلاد عقب انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان، أعلن رئيس الحكومة اللبنانية تمام سلام، أمس، أن «عقدة منهجية عمل الحكومة تحلحلت»، من دون الخوض في التفاصيل.

وكانت الحكومة اللبنانية عقدت سلسلة اجتماعات منذ انتهاء ولاية الرئيس سليمان في 25 مايو (أيار) الماضي، من دون أن تتمكن من التوافق على آلية ممارسة صلاحيات رئيس الجمهورية.

ومن المتوقع أن يدعو سلام، بعد عودته من زيارة إلى الكويت بدأها أمس، مجلس الوزراء إلى الانعقاد الخميس المقبل. وتقضي التسوية بأن يوافق الوزراء مسبقا على جدول أعمال الجلسات، وأن يصار إلى سحب البنود الخلافية منه، وهو ما سيحول دون الخلاف على توقيع المراسيم التي سيصدرها مجلس الوزراء، والتي ستحمل إما توقيع وزير عن كل كتلة أو جميع الوزراء.

وأكدت المواقف السياسية الصادرة أمس على لسان عدد من النواب، التوصل إلى مخرج إيجابي، بما يحول دون تعطيل مجلس الوزراء في ظل شغور منصب الرئيس. وأشار النائب في كتلة المستقبل جمال الجراح أمس إلى «حصول نوع من التفاهم حول آلية عمل مجلس الوزراء فيما يخص توقيع رئيس الجمهورية، بعد حل الموضوع في الجانب الدستوري».

واستغرب الجراح كيف «نعيش حالة ترف سياسي، وكأننا نعيش في جنة الاستقرار والأمن والاقتصاد المزدهر والسياحة، ونأخذ وقتنا بكل راحة (لنخيط) رئيسا للجمهورية»، عادا أن «ما جرى أمنيا يجب أن يكون حافزا لكي ننتخب رئيسا للجمهورية، لأننا في مأزق كبير على كل المستويات».

وفي حين جدد الإشارة إلى أن رئيس الحكومة الأسبق، رئيس تيار المستقبل سعد الحريري «كان أوضح من الوضوح عندما قال إنني أحد مكونات (14 آذار) ولدي حلفاء مسيحيون وأنا خلفهم في هذا الموضوع»، أعرب الجراح عن اعتقاده أن «الحريري والنائب وليد جنبلاط لا يعتقدان أنهما اللاعبان الوحيدان على الساحة اللبنانية في موضوع رئاسة الجمهورية»، في إشارة إلى اللقاء الثنائي الذي عقداه مساء الجمعة في باريس.

وكان جنبلاط بحث والحريري في الاستحقاق الرئاسي، واستطلع جنبلاط سبل دعم الحريري لمرشحه الرئاسي هنري حلو، لكن الأخير ربط دعمه بموافقة حلفائه المسيحيين في «14 آذار»، وخصوصا أن فريقه يتبنى ترشيح رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع.

واكتفى مصدر مسؤول في «القوات» اللبنانية، في تعليق لـ«الشرق الأوسط»، بالتذكير بمضمون المبادرة التي سبق لجعجع أن قدمها قبل أسبوعين من أجل حل أزمة الرئاسة، لافتا إلى أنها «تحظى بموافقة كاملة من حلفائنا في (14 آذار) وتنتظر إجابات الفريق الآخر، سواء الفريق الوسطي أم الخصم».

وكان جعجع أبدى في مقابلة تلفزيونية قبل أسبوعين جهوزيته لأي «اقتراح يخرجنا من الأزمة إذا كان هناك أي اقتراح في الأفق». واقترح مبادرة نصت على دعوة رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون النزول إلى البرلمان وخوض المنافسة، أو أن يتفاهم فريق «14 آذار» مع فريق «8 آذار» على اسمين والنزول إلى البرلمان للتصويت عليهما.

وشدد المصدر «القواتي» على أن «الأولوية في المرحلة الراهنة لانتخاب رئيس جديد قبل أي شيء آخر»، مؤكدا أنه «لا يمكن لفريقه (القوات) أن ينتخب عون لأنه ليس مرشحا توافقيا ولأن مشروعنا السياسي يختلف بالكامل عن مشروعه، ولكن إذا ربح سنهنئه ونكون في صفوف المعارضة».

وقال المصدر ذاته لـ«الشرق الأوسط»، إن «عون لم يقدم أي مؤشر إيجابي في مفاوضاته مع الحريري، لناحية تراجعه عن دعم (حزب الله) وقتاله في سوريا، أو عن تأييد (الرئيس السوري) بشار الأسد إضافة إلى مسائل أخرى على الصعيد الداخلي».

في موازاة ذلك، شدد النائب في كتلة «حزب الله» حسن فضل الله على أن «واحدة من عوامل حماية هذا البلد هي أن تنتظم المؤسسات الدستورية فيه، لأن أعداء هذا البلد يتسللون من بين عناصر ضعف الدولة والتي واحدة منها هي أن المؤسسات غير مكتملة». وأكد في كلمة أمس «الحاجة إلى انتخاب رئيس للجمهورية يكون بحجم هذه التحديات ولديه الحيثية الشعبية والسياسية الحقيقية على مستوى بيئته وعلى المستوى الوطني العام، لأن مثل هذا الرئيس يسهم في حماية الاستقرار في الداخل من موقعه ودوره وصلاحياته».

من ناحيته، أبدى النائب في كتلة «التحرير والتنمية» ياسين جابر أسفه لأن «الواقع السياسي الحالي وتشبث الفرقاء بمواقفهم لا يسمح بانتخاب رئيس للجمهورية». وتساءل في كلمة ألقاها خلال احتفال أمس: «هل من المعقول أن تعطل الحكومة، نحن في وضع دقيق والمنطقة المحيطة بنا الوضع فيها دقيق، ونعطل عمل الحكومة وعمل المجلس النيابي؟».

وتابع: «القوى الأمنية التي نحن اليوم نثني على جهودها، أليس المطلوب منا أن نؤمن لها الغطاء السياسي، أليس المطلوب منا أن نقف إلى جانبها لاتخاذ قرارات مهمة، الشعب اللبناني الذي يعيش حالة ضياع نتيجة التفجيرات والأزمة الاقتصادية لا يستحق منا أن نعمل من أجله في الحكومة وفي المجلس النيابي لكي نلبي حاجاته المطلوبة؟».