تخفيف الاستنفار الأمني على المتحف اليهودي في بروكسل

التحضير لمسيرة تضامن بعد أربعة أسابيع على حادث إطلاق الرصاص

TT

خففت السلطات الأمنية البلجيكية من حالة الاستنفار الأمني التي حدثت في أعقاب حادث إطلاق الرصاص داخل المتحف اليهودي ببروكسل قبل أربعة أسابيع، وتمثلت في زيادة أعداد العناصر المدججة بالأسلحة النارية، وسيارات الشرطة حول المراكز والمؤسسات اليهودية وأماكن تجمع أبناء الجالية اليهودية في بروكسل (العاصمة) ومدينة أنتويرب (شمال البلاد)، ولوحظ خلال جولة لـ«الشرق الأوسط» اليومين الماضيين اختفاء الحراسات الأمنية المشددة حول المناطق المهمة لليهود، وعادت الأمور إلى طبيعتها بالنسبة للمراقبة الأمنية، وظهر ذلك واضحا في مدينة أنتويرب، حيث تعيش جالية يهودية تزيد على 20 ألف شخص ويتمركزون في أحد الأحياء بالقرب من الأحياء التي يقطنها غالبية من الأجانب وخاصة المغاربة. إلى ذلك تجري الاتصالات حاليا في بروكسل بين ممثلي عدة جمعيات وفعاليات يهودية وإسلامية لتنظيم تظاهرة مليونية لرفض العنف والكراهية والتأكيد على التضامن، كرد فعل على حادث إطلاق النار داخل المتحف اليهودي في 24 مايو (أيار) الماضي الذي أسفر عن مقتل أربعة أشخاص، وجرى اعتقال شاب فرنسي من أصل مسلم على خلفية الحادث، مما فتح الباب أمام جدل كبير بشأن الشعور بالخوف والقلق من تداعيات الحادث سواء بالنسبة للبلجيكيين أو بين أبناء الجاليتين اليهودية والمسلمة، وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» قال رودي فيرفورت رئيس حكومة مقاطعة بروكسل العاصمة: «علينا أن نحارب كل أشكال التطرف، ولدينا نموذج في بروكسل يحتذى به للتعايش السلمي، وجاء هذا الحادث ليلطخ هذا النموذج وهذا غير مقبول، وعلينا أن نفعل ما بوسعنا لعدم تكرار ما حدث ولنركز على التربية والتثقيف وإسقاط الأقنعة من على وجوه أصحاب الخطابات التي تحرض على الكراهية والعنف؛ لأن هدفهم الوحيد هو التحريض على المواجهة بين أطراف المجتمع البلجيكي، وهذا مرفوض من جانبنا تماما». من جانبه قال شاب مغربي مقيم بالقرب من مكان المتحف اليهودي، إن «اعتقال شخص من أصول عربية وإسلامية ربما قد يسيء لصورة العرب والمسلمين هنا، ونخشى أن يتزايد العنف والكراهية ضد المسلمين، وبالتالي نعود إلى الوراء، فعلا ما حدث في المتحف أمر مؤسف وعمل غير مقبول». ورغم هذه المخاوف فإن قيادات الجالية اليهودية تؤكد على التعايش السلمي مع الجالية المسلمة هنا في بروكسل، وفي هذا الإطار سيجري تنظيم تظاهرة للتعبير عن الموقف المشترك الرافض للعنف، وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» يقول موريس طال رئيس جمعية «ميمونة»: «إن مجموعة قليلة جدا من المتشددين الإسلاميين هي التي تضرب عرض الحائط بكل محاولات التقارب بيننا، وأنا واثق أن 90 في المائة من المسلمين هنا يدينون هذا الحادث، وسنعمل على تنظيم تظاهرة كبيرة في بروكسل يشارك فيها اليهود والمسلمون والمسيحيون لنقول لا للعنف وإننا نقف مع بعضنا البعض». ويضيف موريس في تصريحاته أنه «يجب أن لا يكون هناك أي قلق أو مخاوف لأن المسلمين في بلجيكا لا يؤيدون مثل هذه الأعمال الإرهابية العمياء وبعيدون كل البعد عن هذا الأمر، ونحن لا نعمم ويجب أن لا نخاف، فقط علينا أن نتوخى الحذر، فهناك شباب يسافر إلى سوريا للجهاد هناك، علينا أن نراقبهم ونقف في وجه التطرف ونفتح قنوات للحوار مع الشباب وخاصة الذين لا يعلمون حقيقة الأمور ويجري استقطابهم من طرف الجماعات الإرهابية. يجب أن نقدم لهم الدروس والعبر من الحالات التي سافرت وقتلت هناك». واختتم بالقول: «علاقتي بالإخوة المسلمين جيدة ومستمرة، وبيتي مفتوح للجميع، ونلتقي ونتبادل الزيارات ونعيش في أمن واطمئنان مع أفراد الجالية المسلمة، وخاصة المغربية، وأنا من أصول مغربية وأتمنى أن نقوم بكل ما في وسعنا لكي لا يحدث هذا الأمر مرة أخرى».

ومن وجهة نظر الكثير من المراقبين هنا، فالتضامن والتنسيق ليس فقط مطلوبا بين المواطنين، وإنما أيضا بين الدول الأوروبية المعنية بهذا الملف، وخاصة في مجال تبادل المعلومات الأمنية وإجراءات أخرى، ويعد الاتحاد الأوروبي لمجموعة من الإجراءات الملموسة للتعرف على الشباب الأوروبيين الذين ذهبوا للقتال في سوريا ومنعهم من ارتكاب مجازر وستعرض في اجتماع وزاري ينعقد في روما التاسع من الشهر المقبل. وجرى الاتفاق على ذلك خلال الاجتماع الأخير لوزراء العدل والداخلية في دول التكتل الأوروبي الموحد الذي انعقد الأسبوع الماضي في لوكسمبورغ، وفي تصريحات له على هامش الاجتماع أكد المسؤول الأول عن مكافحة الإرهاب جيل دي كيرشوف أن «أكثر من ألفي أوروبي توجهوا أو يرغبون في التوجه إلى سوريا للقتال. بعضهم عاد. وهذا لا يعني أن جميعهم يرغب في تنفيذ هجمات (بعد عودتهم) لكن بعضهم سيفعل».. ومن جانبها شددت وزيرة الداخلية البلجيكية جويليه ميلكويه على ضرورة تطبيق مسألة تبادل المعلومات الشخصية للمسافرين عبر أراضي الاتحاد الأوروبي على غرار ما اتبعته الولايات المتحدة الأميركية في أعقاب أحداث 11 سبتمبر (أيلول) 2001 وأضافت ميلكويه بالقول: «أفهم جيدا أن هناك بعض الأعذار الجميلة مثل احترام الخصوصيات، ولكن الأمور تغيرت وسوف ننظر في كيفية تعزيز تدابير السلامة».