المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية: طهران زودت العراق بطائرات هجومية

خبير عسكري عراقي قال لـ «الشرق الأوسط» إن مقاتلات «سوخوي» عراقية كانت مودعة لدى إيران عادت إلى بغداد

صورة وزعتها وزارة الدفاع العراقية لإحدى طائرات الـ«سوخوي 25» التي وصلت إلى العراق أخيرا (أ.ف.ب)
TT

قال الفريق أول متقاعد وفيق السامرائي، مدير الاستخبارات العسكرية العراقية خلال الحرب العراقية الإيرانية والمستشار العسكري للرئيس العراقي جلال طالباني، إن «طائرات السوخوي 25 الروسية المقاتلة التي دخلت الخدمة في القوات الجوية العراقية أخيرا، قسم منها وردت من روسيا والقسم الآخر من إيران»، مشيرا إلى أن «طائرات السوخوي التي جاءت من إيران هي في الأصل عراقية كانت مودعة لدى إيران منذ عام 1991».

وأضاف السامرائي الذي يعتبر متخصصا في الملف الإيراني، قائلا لـ«الشرق الأوسط» في لندن أمس إن «الرئيس العراقي الراحل صدام حسين عام 1991 كان قد أودع 143 طائرة عراقية مقاتلة خشية قصفها خلال حرب تحرير الكويت بعد أن كان نائبه وقتذاك عزة الدوري قد زار طهران وبرفقته محمد حمزة الزبيدي وعقد اتفاقا مع السلطات الإيرانية لإيداع هذه الطائرات أمانة تسترجع بعد الحرب»، موضحا أن «أنواع الطائرات التي تم إيداعها هي (ميراج F1)، و(ميغ 29) وهي طائرة روسية مقاتلة، و(ميغ 25)، و(سوخوي 25) و(سوخوي 22)، وطائرات (الإواكس) العراقية مع طائرات نقل).

وأشار السامرائي إلى أن «إيران رفضت إعادة هذه الطائرات واعتبرتها جزءا من تعويضات حربها مع العراق (1980 - 1988)»، موضحا بأن «الطيارين العراقيين الذين نقلوا هذه الطائرات إلى القواعد الجوية الإيرانية كانوا يخضعون للتحقيق من قبل السلطات الإيرانية حول المواقع التي قصفوها والميداليات والنياشين التي حصلوا عليها وقد أحيط صدام حسين وقتذاك بهذا الأمر ولم يتوقف عن إرسال الطائرات، إذ إن طهران كانت تضمر غير ما تعلنه».

ولم تحدد جنسية الطيارين الذين يستخدمون اليوم طائرات السوخوي في العراق، حيث يعتقد ان طيارين ايرانين يقودونها. وقال الفريق الركن مدير الاستخبارات العراقية الأسبق: «حتى عام 1991 كان يوجد 1700 طيار عراقي، وفي الحسابات المنطقية فإن الطيار يمكنه من تشغيل وقيادة الطائرة المقاتلة حتى بلوغه نهاية الخمسين من عمره، وأن الطيار العراقي كان معروفا بجدارته لتجربته الطويلة في الحرب العراقية الإيرانية، وأنا على يقين أنه يوجد اليوم في العراق ما يقرب من 400 طيار قادرين على قيادة السوخوي وبجدارة». وبسؤاله عن صلاحية هذه الطائرات كونها قديمة، قال السامرائي: «للمعلومات إن طائرات (F16) التي استخدمتها إسرائيل لقصف المفاعل النووي العراقي عام 1981 ما تزال في الخدمة، أما (F14) الأميركية لا تزال في الخدمة لدى القوات الأميركية والإيرانية منذ 1974، بينما طائرات السوخوي 25 دخلت الخدمة عام 1987 وهذا يعني أنها أكثر حداثة من غيرها».

وكان المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن قد كشف أن إيران زودت العراق بطائرات مقاتلة بعد أيام من إعلان بغداد حصولها على طائرات «سوخوي» من روسيا لمساعدتها في قتال جماعات سنية متمردة تقودها الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش).

وكتب جوزيف ديمسي، المحلل لبرنامج التوازن العسكري في المعهد المرموق في لندن أنه بعد تسلم العراق دفعة أولى من طائرات الهجوم الأرضي سوخوي 25 (فروغفوت) من روسيا، أعلنت وزارة الدفاع العراقية عن وصول دفعة جديدة من الطائرات التي تلقتها مطلع الشهر الحالي. وأوضح أن مصدر هذه الدفعة الجديدة من الطائرات وهي أيضا من طراز سوخوي 25 لم يُكشف رسمياً، إلا أن تحليلاً أجراه معهد الدراسات الاستراتيجية كشف أن الطائرات من هذه الدفعة الأخيرة مصدرها إيران جارة العراق.

وكانت إيران أعلنت في الأيام الماضية أنها ستدعم العراق في قتاله ضد «داعش»، إذا ما طلب منها ذلك. لكن تسليم العراق طائرات السوخوي سيكون ترجمة عملية لمثل هذا الدعم.

وقال المعهد اللندني إن إيران تملك أسطولاً صغيراً من طائرات سوخوي 25 يشرف عليها الحرس الثوري. وأشار إلى أن المفارقة هي أن معظم هذه الطائرات كانت تابعة لسلاح الجوي العراقي أيام الراحل صدام حسين، بما في ذلك سبع طائرات سوخوي 25 لجأت إلى إيران خلال حرب الخليج الأولى. وأضاف المعهد أن إيران رفضت إعادة هذه الطائرات بعد انتهاء حرب الخليج، ووضعتها في الخدمة إلى جانب ثلاث طائرات «سوخوي 25 يو بي» المقاتلة التي تستخدم للتمارين والمصنعة في روسيا.

وأوضح المعهد أن استنتاجه أن الطائرات الجديدة التي حصل عليها العراق مصدرها إيران يقوم على تحليل لمصادر معلومات متاحة علناً وليست سراً. وقال إن أسطول الـ«سوخوي 25» الإيراني أعطي أرقاماً متسلسلة من ستة أرقام كلها تبدأ بـ«15 - 245x» وإن الرقمين الأخيرين يتكرران عند أنف الطائرة (مقدمها). وأضاف أن طائرات السوخوي التي عرضتها وزارة الدفاع العراقية في الأول من الشهر الحالي يظهر في الأرقام المتسلسلة ذاتها التي تعود إلى أرقام الطائرات الإيرانية. ولاحظ أيضا أن التمويه للطائرات (الطلاء الخارجي) هو ذاته المعتمد حالياً لأسطول طائرات السوخوي 25 الإيرانية، وهو تمويه ليس معتمداً لدى أي أسطول طائرات حربية لدولة أخرى.

وكشفت دراسة المعهد أنه حصلت محاولة لإخفاء المصدر الذي أتت منه هذه الطائرات، من خلال طلاء واضح فوق معالم بارزة للطائرات العراقية الجديدة - مثل إخفاء الرقم المتسلسل فوق زعنف ذيل الطائرة، ومكان العلم الإيراني وشارة الحرس الثوري، ولاحظت الدراسة أيضا أن هذه الدفعة الجديدة من الطائرات هي في حال أفضل بكثير من الطائرات المستعملة التي حصل عليها العراق قبل أيام من روسيا. وقالت إن الطائرات التي جاءت من روسيا وصلت مفككة وجرى حملها بطائرات شحن إلى العراق، أما الطائرات الإيرانية فيبدو أنها وصلت بالطيران مباشرة من إيران (لفتت الدراسة إلى أن خزانات وقود إضافية جرى تركيبها تحت أجنحة طائرات السوخوي - للسماح لها بالطيران لمسافة أطول كما يبدو».

من جهة أخرى ادعى موقع «بيزنس إنسايدر» الإلكتروني أن إيران سلمت في الأول من يوليو (تموز) سبع مقاتلات سوخوي - 25 إلى الحكومة العراقية. وقد هبطت هذه المقاتلات الروسية التي كانت بحوزة الحرس الثوري الإيراني يوم الثلاثاء الماضي في قاعدة الإمام علي العسكرية في الناصرية جنوب العراق. ونشرت وسائل إعلام عراقية مقاطع فيديو عن تسليم هذه المقاتلات إلى القوات الجوية العراقية. وكان الناطق الرسمي باسم القائد العام للقوات المسلحة العراقي، الفريق قاسم عطا أعلن أن السوخوي روسية الصنع دخلت الخدمة بالفعل ونفذت طلعات على مواقع المسلحين في مدينة تكريت وضواحيها في وقت لا تزال فيه المعارك مستمرة في كثير من أحياء مدينة تكريت (170 كلم شمال بغداد) التي تحولت إلى مدينة أشباح. وأعلن رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي في السادس والعشرين من شهر يونيو (حزيران) المنصرم في مقابلة مع قناة «بي بي سي» العربية أن العراق اشترى من روسيا أكثر من عشر طائرات من طراز «سوخوي 25».

وقال الخبير الأمني العراقي معتز محي الدين مدير المركز الجمهورية للدراسات الاستراتيجية تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «العراق اشترى بالفعل طائرات سوخوي من روسيا كونها تملك المواصفات التي تتطلبها المواجهة الآن حيث إنها قابلة على الاستطلاع الجوي والهجوم وتحمل أربعة صواريخ ونحو نصف طن من الحاويات، وهي قادرة على القيام بمهام متعددة ولها قابلية المناورة» مشيرا إلى أنه «وضمن صفقة الشراء فإن الطاقم الذي يتولى قيادة الطائرة الآن ويدرب عليها الطيارين العراقيين هم طاقم روسي، لأن الطيارين العراقيين الذين تركوا الخدمة في هذا النوع من الطيران لأكثر من عقدين من الزمن بحاجة إلى فترة تدريب وتأهيل ولذلك فإن طاقمها الحالي روسي مع طاقم عراقي للتدريب والتأهيل».