ساركوزي لا يزال المرشح المفضل لقيادة حزبه المعارض رغم التهم الموجهة إليه

الرئيس الفرنسي السابق يؤكد على براءته ويهاجم القضاء والسلطة السياسية

مسؤولون محليون في حزب «الاتحاد من أجل حركة شعبية» بمدينة ليون يشاهدون التسجيل التلفزيوني لساركوزي مساء أول من أمس (رويترز)
TT

يطبق الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي مبدأ معروفا في الفنون العسكرية، يقول بأن «أفضل وسائل الدفاع الهجوم»، وذلك في المعركة التي يخوضها ضد القضاء بسبب الفضائح المرتبطة باسمه والتي كان آخر مظاهرها توقيفه على ذمة التحقيق طيلة 15 ساعة وتوجيه تهم خطيرة إليه رسميا منها الفساد وسوء استغلال النفوذ بشكل فاعل وانتهاك أسرار مهنية.

ولم ينتظر ساركوزي طويلا لشن هجوم معاكس، إذ اغتنم ليل أول من أمس فرصة حديث مطول مشترك للقناة الأولى في التلفزيون الفرنسي التي يملكها صديقه مارتن بويغ، رجل الأعمال ورئيس شركات ناشطة في الأشغال العامة والهاتف الجوال، وللإذاعة الخاصة «أوروبا رقم 1»، لتفنيد التهم الموجهة إليه وإظهار نفسه بمظهر الضحية المزدوجة للنظام القضائي من جهة وللسلطة السياسية من جهة أخرى. بيد أن استطلاعا للرأي نشرت نتائجه صحيفة «لوباريزيان» أمس يفيد بأن 63 في المائة من الفرنسيين لا يعتقدون أن ساركوزي هو ضحية القضاء، وأنه «يعامل كأي شخص آخر». غير أن هذه النسبة تتبدل كثيرا لدى محازبي اليمين الذين يصدقون ما يزعمه الرئيس السابق.

بداية، حرص ساركوزي على تأكيد أنه بريء من كل التهم التي تساق بحقه. وقال الرئيس السابق «يتعين على الفرنسيين أن يحكموا (بأنفسهم) على الواقع فيما يجري غرضه إعطاء صورة عني لا تطابق الواقع، وأريد أن أؤكد لكل الذين يشاهدوننا الليلة أنني لم أقم أبدا بعمل مخالف لمبادئ الجمهورية أو لدولة القانون». وبذلك يسعى ساركوزي للتخفيف من الوقع الكارثي لصورة الرئيس السابق الذي يجرجر وراءه سيلا من الفضائح والملفات لا تقل عن ستة. ولمزيد من الفعالية، لا يتردد ساكوزي في القول إن هناك «رغبة في إهانتي» مما يعني ضمنا وجود رغبة في التخلص منه، أي في منع عودته إلى المسرح السياسي.

يستطرد ساركوزي بتأكيد أنه ضحية «مؤامرة» طرفاها القضاء «المسخر» والسلطة السياسية الاشتراكية بما فيها رئيس الجمهورية الحالي، فضلا عن رئيس الحكومة ووزيرة العدل التي تسعى للإجهاز عليه. وهاجم ساركوزي القضاء الذي وصفه بـ«المتحيز»، ولم يتردد في مهاجمة القاضيين اللذين أمرا بتوقيفه على ذمة التحقيق، ووجها التهم الخطيرة رسميا بحقه، مستهدفا بالدرجة الأولى القاضية كلير تيبو المنتمية إلى «نقابة القضاة» القريبة من اليسار. فضلا عن ذلك شكا ساركوزي من «المعاملة الخاصة» التي يتعرض لها ومنها التنصت على هواتفه وعلى حياته الخاصة (وهي سابقة في تاريخ رؤساء الجمهورية)، وتوقيفه احترازيا من غير حاجة لمعاملة من هذا النوع.

وحرص ساركوزي على تأكيد أنه لن يتخلى عن العمل السياسي «لأن علينا أن نتحمل واجباتنا إزاء بلدنا»، مستعيرا كلمة شهيرة للرئيس الأميركي الأسبق جون كيندي الذي قال إنه «ليست للأميركيين حقوق على بلدهم، بل عليهم واجبات إزاءه». وكشف ساركوزي أنه سيعلن أواخر أغسطس (آب) أو مطلع سبتمبر (أيلول) المقبلين ما إذا كان سيسعى لترؤس حزب «الاتحاد من أجل حركة شعبية» تمهيدا لمحاولة استعادة رئاسة الجمهورية التي خسرها في ربيع عام 2012، أم لا. وفي هذا السياق، فإن استطلاع الرأي المذكور يفيد بأن ساركوزي ما زال المرشح الأفضل لمحازبي اليمين لترؤس الحزب المعارض الأول الذي يجتاز هو الآخر مرحلة صعبة بسبب سلسلة من الفضائح المالية والمنافسة المستميتة بين عدد من قادته. لكن الاستطلاعات المتواترة تفيد رغم ذلك بأن شعبية ساركوزي تتراجع، وأن منافسه الأخطر حتى داخل حزبه هو رئيس الحكومة ووزير الخارجية السابق آلان جوبيه الذي يحصل على 21 في المائة من أصوات عينة الاستفتاء مقابل 25 في المائة للرئيس السابق.

في المقابل، سعى برونو لورو، رئيس المجموعة الاشتراكية في البرلمان الفرنسي، لدحض مزاعم ساركوزي، مشيرا إلى أنه «ليس ضحية مؤامرة أو تهاكل النظام القضائي عليه، بل إنه ملاحق من العدالة كأي شخص آخر ويتعين عليه أن يجيب عن الاتهامات الخطيرة جدا المساقة بحقه»، ومنها الفساد وسوء استخدام السلطة. وبدورها، اتهمت نقابة القضاة ساركوزي بـ«السعي للتشكيك (في نزاهة) القضاء الذي يقوم عمله على البحث عن الحقيقة».