تنظيمات إسلامية لبنانية رفضت مبايعة البغدادي.. وخبير يحذر من «انقلابها»

بعد تعيين داعش «أميرا أردنيا» للبنان

TT

لم تلق دعوات تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش) وزعيمها أبو بكر البغدادي الذي نصبته «خليفة للمسلمين» أي ترحيب علني حتى الساعة في أوساط التنظيمات الإسلامية في لبنان، التي رفضت إعلان «دولة الخلافة» بالشكل والطريقة التي تمت بها، بينما نبه خبير بشؤون الجماعات الإسلامية من إمكانية أن يكون هناك «سياسات غير معلنة» للتنظيمات المذكورة في لبنان قد تكون متعاطفة مع «داعش» وتشكل بيئة مرحبة بها.

وكانت معلومات صحافية، لم تؤكدها أي مصادر أمنية، تحدثت الأسبوع الماضي بعيد تفجير «الروشة» عن أن «داعش» عينت عبد السلام الأردني أميرا على لبنان. وأشارت المعلومات إلى أن «داعش» أقامت مخيما لتدريب انتحاريين يرسلون إلى لبنان بمنطقة حدودية بين سوريا وتركيا.

ومن أبرز الأحزاب التي تدعو لإقامة دولة الخلافة الإسلامية، حزب «التحرير» الذي ينشط في أكثر من 40 دولة حول العالم. ويعرف الحزب عن نفسه على أنه حزب سياسي، مبدؤه الإسلام، وغايته استئناف الحياة الإسلامية بإقامة دولة إسلامية تنفذ نظم الإسلام وتحمل دعوته إلى العالم. ويقول المسؤول الإعلامي للحزب في لبنان أحمد القصص إن حزبه يعمل على إقامة دولة الخلافة، معتبرا أن لا وجود حاليا لا لدولة «داعش» ولا لدولة الخلافة في العراق أو سوريا، محذرا من محاولات لـ«تسخيف مشروع الدولة وتقزيمه وتشويهه وصولا لإجهاضه لأن هناك تخوفا حقيقيا من قبل البعض من قرب موعد تطبيقه». ويشدد القصص في تصريح لـ«الشرق الأوسط» على أن إعلان دولة الخلافة «سيغير المعادلة في المنطقة والعالم وبالتالي لا يمكن أن يعلن الخلافة تنظيم لا يملك زمام الأمور على المساحة التي هو فيها». ويضيف: «يوما بعد يوم تصبح التربة خصبة أكثر لقيام دولة الخلافة بعدما كفر العالم الإسلامي بالأنظمة العلمانية وبالحدود التي تقسم الدول العربية واقتناعه بالمشروع السياسي الإسلامي».

وعن إمكانية أن تقوم دولة الخلافة في لبنان، استهجن القصص الطرح قائلا: «لبنان ليس إلا شبه دولة، فكيف يكون دولة الخلافة؟ هو ليس مؤهلا لذلك باعتبار أن هذه الدولة يجب أن تقوم في قطر يمتلك مقومات قيامها واستمراريتها، كسوريا أو العراق أو تركيا أو مصر»، مشيرا إلى أنه «لا يتم تحديد قطر معين لقيامها مسبقا، فحيث يتيسر الأمر تقوم».

ويصف ممثل «الجماعة الإسلامية» في البرلمان اللبناني، النائب عماد الحوت، الإعلان بـ«غير المقبول والمرفوض»، مشيرا إلى أن مفهوم الخلافة «نمط من أنماط الحكم القائم على رأي الناس وتصويتهم وليس على منظومة أشخاص مجهولين يعملون على تشويش المشهد القائم في المنطقة».

ويقول الحوت في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «داعش» لا تمتلك مقومات الدولة ولا السيطرة على مساحات محددة من الأراضي، واصفا دولتها المعلنة بـ«الوهمية». وأضاف: «هذه الدولة ستبقى قائمة ما دام أراد ذلك المستفيدون منها، وهي ستضمحل وتنتهي حين يريدون هم ذلك».

ويحذر الخبير في الجماعات الإسلامية قاسم قصير من إمكانية حصول «انقلاب» في المواقف المعلنة للتنظيمات الإسلامية في لبنان في حال نجحت «داعش» بتثبيت مواقعها وبدأت تتمدد أكثر فأكثر، لافتا إلى هناك في لبنان «بيئة مرحبة بأي وضع متشدد، وهو ما أثبتته السنوات الماضية، فحتى لو أعلنوا رفضهم قيام دولة الخلافة في العلن، فهم يتعاطفون معها على غرار ما حصل مع (القاعدة) وغيرها من التنظيمات المتطرفة».

ويعتبر قصير في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن أكثر من عنصر ساهم في كسب «داعش» قدرات كبيرة، أبرزها الأحداث المحتدمة في سوريا والعراق، «ما مهد بتمدد التنظيم بهذا الشكل»، وأضاف: «في المنطقة التي تبسط (داعش) السيطرة عليها إمكانيات وموارد غير عادية، وخصوصا آبار نفط تساعدها على الاستمرارية والبقاء».

ويرى قصير أن «داعش» تستفيد حاليا من «ارتباك وسكوت المجتمع الدولي ومن المشروع الدولي القائم على إعادة صياغة المنطقة بطريقة جديدة»، مشددا على أنه «لا خيار لنا في المنطقة إلا الدولة المدنية التي تحكمها الديمقراطية لنعطي صورة حضارية عن الدين والإسلام بعكس الصورة التي ترسخها (داعش) في العقول».

وتعتبر «داعش» لبنان جزءا من مشروع دولتها، بحسب ما ينقل أحد الناشطين السوريين عن عناصر التنظيم، لافتا إلى أنه «متى أتتهم الأوامر للدخول إليه سيدخلون». وأكد الناشط لـ«الشرق الأوسط» نقلا عن عناصر من «داعش» التقاهم في مدينة «الرقة» السورية أنهم «قادرون على التوغل في لبنان وتنفيذ هجمات كما فعلوا أخيرا».

وهزت ثلاث عمليات انتحارية لبنان أواخر الشهر الماضي، تبنت «داعش» آخرها في أحد فنادق منطقة «الروشة» في بيروت، حيث فجر انتحاري نفسه خلال مداهمة القوى الأمنية اللبنانية غرفته. وكان الانتحاري وزميله في الغرفة يعدان، وبحسب التحقيقات، لعملية انتحارية تستهدف أحد أشهر المطاعم في الضاحية الجنوبية لبيروت، معقل «حزب الله».