«عقدة المالكي» تنتقل إلى السنة والأكراد بعد جلسة البرلمان العراقي شبه المفتوحة

بعد أن أخفقوا في ترشيح رئيسي المجلس الوطني والجمهورية

TT

رغم الإشارات المتضاربة من ائتلاف «دولة القانون» بشأن المرشح السني لرئاسة البرلمان، فإن هناك شبه تأكيد أنهم سيقبلون بالمرشح الذي سيجريإعلان عنه رسميا طبقا لما أعلنه القيادي البارز في «دولة القانون» عباس البياتي. وبينما ينحصر التنافس على رئاسة البرلمان داخل الكتل السنية بين زعيم «متحدون» أسامة النجيفي وزعيم «ديالى هويتنا» سليم الجبوري، والقيادي في ائتلاف «الوطنية» محمود المشهداني (رئيس البرلمان الأسبق) - فإن كتلة «التحالف الكردستاني» لم تحسم أمرها بشأن مرشحها لرئاسة الجمهورية. لكن فشل الجلسة الأولى للبرلمان العراقي في انتخاب رئيس للبرلمان (سني) مع نائبين (شيعي وكردي) وما بدا أنه نوع من التحايل على الجلسة المفتوحة التي أفتت المحكمة الاتحادية العليا بعدم جوازها - فإنها بالقدر الذي منحت فيه ائتلاف «دولة القانون»، الذي يتزعمه نوري المالكي، فرصة للمناورة أكثر من أي وقت مضى من منطلق أن الأولوية الآن هي ليس لاختيار رئيس الوزراء بقدر ما هي انتخاب رئيس البرلمان ورئيس الجمهورية الذي يكلف مرشح الكتلة الأكبر لرئاسة الحكومة، فإن الكتلة الأكبر (التحالف الوطني الشيعي) وجد نفسه أمام فسحة جديدة على طريق ما بات يسمى التوافق الوطني في اختيار الرئاسات الثلاث بعد أن فشل وعلى مدار الأشهر الستة الماضية في تخطي «عقدة المالكي».

قانونيا واستنادا إلى ما أبلغ به «الشرق الأوسط» الخبير القانوني طارق حرب، فإنه «بات لدينا الآن مددا دستورية لا يمكن تخطيها لاختيار الرئاسات الثلاث، تنتهي كلها في الرابع عشر من شهر سبتمبر (أيلول) المقبل طبقا للمادة 55 من الدستور العراقي التي أوجبت انتخاب رئيس البرلمان خلال الجلسة الأولى». وأضاف أن «المادة 76 أولا من الدستور ألزمت رئيس الجمهورية تكليف مرشح الكتلة الأكبر خلال 15 يوما من تاريخ انتخابه»، وبذلك فإنه «لم تعد هناك جلسة مفتوحة مثلما حصل خلال انتخابات عام 2010»، عادا «رفع الجلسة الأولى من دون انتخاب رئيس البرلمان لا يمكن عده أمرا دستوريا، لكن المشكلة التي نواجهها أن مسألة خرق الدستور يقوم بها الجميع، والمشكلة الأكبر التي سوف يواجهونها عند عقد الجلسة المقبلة يوم الثلاثاء المقبل، حيث إن رفعها من دون انتخاب هيئة رئاسة للبرلمان سوف يعد خرقا دستوريا وتجاوزا على ما قررته المحكمة الاتحادية».

من جانبها، فإن الكتل الرئيسة الممثلة للمكونات الثلاث (الشيعة والسنة والكرد) لم تتمكن من اختيار مرشحيها للرئاسات الثلاث. فـ«التحالف الوطني الشيعي» أكد الأسبوع الماضي أنه تخطى قضية الانقسام بين صفوفه حين أعلن نفسه الكتلة الأكبر داخل البرلمان التي سوف ترشح ضمن معايير معينة رئيس الوزراء. غير أن اللجنة المكلفة من قيادات الخط الأول داخل «التحالف الوطني» لم تتمكن من اختيار شخصية واحدة من بين أبرز ثلاثة مرشحين؛ وهم: نوري المالكي (دولة القانون)، وعادل عبد المهدي وأحمد الجلبي (الائتلاف الوطني)، بينما كان مقررا وطبقا لما أبلغ به «الشرق الأوسط» أمير الكناني القيادي في «التيار الصدري»، أن «الخلافات لا تزال قائمة، حيث إن الإخوة في (دولة القانون) لا يزالون يناورون ويسعون إلى كسب الوقت ومحاولة استنزاف الكتل الأخرى من أجل أن تقدم هي مرشحيها أولا»، عادا «المفروض أن يقدم السنة والكرد مرشحيهم حتى تمشي العملية السياسية وفق الاستحقاقات الدستورية ولكي يصبح لزاما على (التحالف الوطني) حسم مرشحه لرئاسة الوزراء، غير أن ربط كل شيء بتغيير المالكي أولا بدا كـأنه شرط بات تعجيزيا، خصوصا مع بدء العملية الدستورية بعقد الجلسة الأولى للبرلمان».

وحيث إن المرشح الكردي يبدو هو الأكثر مرونة من بين مرشحي العرب السنة لرئاسة البرلمان والشيعة لرئاسة الحكومة، فإن التطورات التي حصلت بعد أحداث الموصل والخلافات بين الأحزاب الكردية وانتظار الكرد لما يمكن أن تسفر عنه التطورات في ميادين المواجهة العسكرية - جعل المرشح لمنصب رئاسة الجمهورية لا يزال طي الكتمان رغم تداول مجموعة من الشخصيات الكردية المعروفة لهذا المنصب، أبرزهم القياديان في (الاتحاد الوطني الكردستاني) فؤاد معصوم وبرهم صالح».

سنيا، تبدو الصورة أكثر تعقيدا بعد الخلاف الذي يبدو حادا داخل ما بات يعرف بـ«اتحاد القوى العراقية» الذي يضم «متحدون» و«العربية» و«ديالى هويتنا» و«الوفاء للأنبار» مع نواب مستقلين، بينما تجري مفاوضات لضم ائتلاف «الوطنية» بزعامة إياد علاوي إلى هذا الاتحاد. لكن قياديا في ائتلاف «متحدون» أبلغ «الشرق الأوسط»، طالبا عدم الإشارة إلى اسمه، أن «الشرط الذي وضعته (الوطنية) للانضمام إلى (تحالف القوى العراقية) هو ترشيح الدكتور محمود المشهداني لرئاسة البرلمان»، مؤكدا «رفض قيادات التحالف هذا الشرط المسبق، علما أنه لا ضير من ترشيح المشهداني، لكن في إطار الضوابط التي يحددها (الاتحاد) فيمن سيكون مرشحا لرئاسة البرلمان».

«اتحاد القوى الوطنية»، وفي بيان له، أكد أن «(اتحاد القوى الوطنية)، الذي يضم أكثر من 35 نائبا سنيا، يدعو إلى تبني القوى السياسية خارطة طريق تؤمن بالتغيير مقدمة للإصلاح الشامل في الشكل والمضمون»، مؤكدا أن «الحل العراقي يبدأ في مرحلته الأولى بتغيير شخصيات المنصة السيادية رئاسة الجمهورية والوزراء والبرلمان». ودعا «اتحاد القوى الوطنية»، إلى «ضرورة انتهاج سياسة الانفتاح والاستيعاب والحوار بعيدا عن التخندقات الطائفية والحزبية وتغليب مصلحة الوطن والمواطن». القيادي في ائتلاف «متحدون» محمد الخالدي أكد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «(اتحاد القوى) منسجم مع نفسه ولا توجد عقدة كبيرة لديه في اختيار مرشحه لرئاسة البرلمان كتلك العقدة الموجودة داخل التحالف الوطني»، مبينا أن «مرشحنا لرئاسة البرلمان جاهز بصرف النظر عن التسريبات هنا وهناك بشأن هذا الشخص أو ذلك، لكننا لن نعلن عنه إما بعد إعلان (التحالف الوطني) مرشحه لرئاسة الوزراء وإما اختيار الرئاسات الثلاث بالتوافق وفي إطار صفقة واحدة».