تجدد المواجهات في القدس.. وغارات وحشود حول غزة

والد محمد أبو خضير لـ «الشرق الأوسط» : أنتظر أن يأمر نتنياهو بهدم منازل قتلة ابني

فلسطينيون يسيرون على ركام منزلهم الذي دمرته القوات الإسرائيلية أمس (أ.ب)
TT

**مصادر عسكرية إسرائيلية: الجيش الإسرائيلي يستقدم تعزيزات، بما فيها قوات مدرعة، إلى محيط قطاع غزة تحسبا لاحتمال تصاعد الأوضاع الأمنية فتحت حادثة تعذيب وإحراق الفتى الفلسطيني، محمد أبو خضير (17) على يد مستوطنين متطرفين في القدس، الباب لتصعيد كبير في الضفة الغربية وقطاع غزة، إذ تمددت المواجهات العنيفة بين الفلسطينيين الغاضبين والجيش الإسرائيلي إلى أنحاء واسعة في مدنية القدس، وتركزت في مخيم شعفاط لليوم الثاني، وأدت إلى إصابة أكثر 250 فلسطينيا، فيما قصفت فصائل فلسطينية مدينة سديروت الإسرائيلية القريبة من غزة بعدة صواريخ أصابت سيارات، وردت إسرائيل بسلسلة غارات، وتعزيزات عسكرية على الحدود.

وهيمنت حادثة اختطاف وحرق الفتى أبو خضير حتى الموت على اجتماعات القيادتين الفلسطينية والإسرائيلية وحازت على إدانات دولية.

واتصل الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) بوالد الفتى، حسين أبو خضير، وعزاه في فاجعته بابنه وتعهد له بمتابعة الأمر حتى النهاية. بينما اعتقلت الشرطة الإسرائيليين المشتبهين بتعذيب وقتل الفتى الفلسطيني بعد أوامر مباشرة من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي كان وصف العملية بـ«الشنيعة».

وقال حسين أبو خضير والد الشهيد محمد بينما كان جثمان ابنه في معهد الطب العدلي في أبو كبير يخضع للتشريح إنه لا ينتظر سوى خروج الاحتلال من القدس وفلسطين.

وأكد أبو خضير لـ«الشرق الأوسط» أنه سيواصل مطاردة قتلة ابنه حتى ينالوا عقابهم، وأضاف «طلبت منهم هدم منازل قتلة ابني قلت لهم أنتظر أن يأمر نتنياهو بهدم منازل المستوطنين مثلما هدم منازل متهمين بقتل المستوطنين في الخليل».

وكان الجيش الإسرائيلي هاجم فورا منزلي الشابين عامر أبو عيشة ومروان القواسمي المتهمين بقتل 3 مستوطنين في الخليل وهدم منازلهم ضمن حملة انتقامية ضد حركة حماس.

ولم يتسلم أبو خضير بعد أي معلومات حول قتلة ابنه. وقال إن جهاز الشرطة الإسرائيلي رفض إعطاءه معلومات حتى الآن.

وكان 3 مستوطنين في سيارة مارة بالقرب من منزل أبو خضير، اختطفوه فجر أول من أمس «الأربعاء» ونكلوا به ومن ثم أحرقوه حتى الموت في حادثة هزت المجتمع الفلسطيني.

وتجددت أمس مواجهات عنيفة في مخيم شعفاط حيث يسكن أبو خضير. ولجأ الفلسطينيون أمس إلى تشكيل لجان حماية شعبية في القدس ومناطق أخرى في الضفة الغربية على تماس مع المستوطنات لحماية المواطنين والممتلكات من هجمة انتقامية أطلقها المستوطنون عقب العثور على جثث 3 منهم مدفونة في جنوب الضفة الغربية.

وأصدرت «القيادة الوطنية الإسلامية الموحدة» في بيان هو الأول من نوعه منذ انتهاء الانتفاضة، دعت فيه الأحياء والبلدات إلى تشكيل لجان حماية وحراسة ليلية لتكون الدرع الحامي للأهالي، وحذرت المستوطنين والاحتلال من التمادي في غيها.

وكان المستوطنون دهسوا فتاة قرب بيت لحم وحاولوا اختطاف فتيان في مناطق مختلفة أكثر من مرة قبل أن يتمكنوا من اختطاف أبو خضير وعادوا أمس وحاولوا اختطاف آخرين.

وتطلب عائلة أبو خضير إقرارا رسميا إسرائيليا بأنه قتله والتمثيل في جثته وإحراقها كان على خلفية قومية.

وكان وزير الأمن الإسرائيلي اعترف بوجود رابط بين قتل المستوطنين الثلاثة في الخليل وقتل أبو خضير.

وأبلغ نتنياهو، وزير الخارجية الأميركي جون كيري بعد إدانة واشنطن ومجلس الأمن للحادثة أنه أمر بفتح تحقيق بجريمة قتل الشاب الفلسطيني أبو خضر، للكشف عن الفاعل بأقرب وقت ممكن. وأضاف نتنياهو «إسرائيل دولة قانون وإن كل من يزهق روحًا سيحاسب».

وقالت عائلة أبو خضير في مؤتمر صحافي من أمام المنزل إنها لن تستلم جثمان ابنها دون إقرار الحكومة الإسرائيلية بأن قتله كان على خلفية قومية وليست جنائية وإدانة المستوى السياسي لها.

كما حملت العائلة أجهزة الأمن الإسرائيلي مسؤولية تداعيات ونتائج تأخير تسليم الجثمان، مؤكدة أنها لن تقيم جنازته في ساعات الليل لضمان ترتيب جنازة مهيبة تليق به.

ومن المفترض أن تكون جنازة أبو خضير أقيمت أمس قبل المغرب إذا لم تعطل إسرائيل تسليم جثمانه.

وأثارت حادثة قتل أبو خضير شكوكا كبيرة حول إمكانية التعايش المشترك بين عرب ويهود في إسرائيل.

وانتبهت وزيرة القضاء الإسرائيلي تسيفي ليفني لذلك، وقالت أمس إن المنطقة بأسرها ترقد على برميل بارود يوشك أن ينفجر في أي لحظة.

وأضافت ليفني في مؤتمر نقابة المحامين المنعقد في إيلات «الفترة التي نمر بها هي بمثابة اختبار لمواطني الدولة يهودا وعربًا حول قدرتنا على ضبط النفس وعدم تمكين الصراع من تحطيم أسس التعايش المشترك».

وشددت ليفني على «وجوب عدم السماح للإرهابيين بتحديد أولوياتنا وإرغامنا على فقدان بوصلتنا الأخلاقية».

لكن والد محمد لم يعر هذه التصريحات أهمية تذكر. قائلا إنه يريد أن يرى كيف سيعاقب القتلة.

وانعكس الغضب الفلسطيني على الأوضاع في قطاع غزة، وأطلق فلسطينيون سلسلة قذائف صاروخية على سديروت وتجمعات إسرائيلية أخرى.

وردت طائرات إسرائيلية بقصف 15 هدفا لتنظيمات فلسطينية في قطاع غزة بحسب ما قال الجيش الإسرائيلي.

واستهدف القصف «منصات مطمورة لإطلاق القذائف الصاروخية، ومنشآت استخدمت لتدريب عناصر التنظيمات، ولتخزين وسائل قتالية».

وقالت مصادر فلسطينية إن الغارات الإسرائيلية أسفرت عن إصابة 5 أشخاص بجروح في منطقة بلدة بيت لاهيا بشمال القطاع.

وأكدت مصادر عسكرية إسرائيلية أمس أن الجيش الإسرائيلي استقدم تعزيزات، بما فيها قوات مدرعة، إلى محيط قطاع غزة تحسبًا لاحتمال تصاعد الأوضاع الأمنية هناك، كما جرى تكثيف وجود سفن سلاح البحرية قبالة سواحل غزة.

ويضغط اليمين الإسرائيلي من أجل توجيه ضربة قوية لحركة حماس، وردت حماس بقولها إن المقاومة الفلسطينية جاهزة للرد على أي تصعيد إسرائيلي ضد القطاع.

لكن الناطق باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي أكد أن الهدوء من غزة سيقابل بهدوء من طرف إسرائيل. وقال أدرعي في بيان «رسالتنا أمام قطاع غزة هي أن الهدوء يقابل بالهدوء. نحن نتخذ سلسلة إجراءات دفاعية على الحدود مع القطاع في ضوء مواصلة إطلاق الصواريخ من هناك وأمام إمكانات أخرى تأخذ بالحسبان ولكن وجهتنا ليست للتصعيد».