الرئيس التونسي: المجموعات المسلحة لن توقف مسار الحداثة الذي اختاره المواطنون

قال إن جيش بلاده سينتصر حتما في معركته ضد الإرهاب

TT

أشرف الرؤساء الثلاثة (المنصف المرزوقي ومصطفى بن جعفر ومهدي جمعة) على موكب تأبين الجنود الأربعة، الذين قتلوا قبل يومين في جبل ورغة بمنطقة الكاف، إثر تعرض آليتهم العسكرية للغم أرضي زرعه إرهابيون.

وألقى الرئيس المرزوقي كلمة قال فيها إن الإرهابيين لن يتمكنوا من المس بمعنويات التونسيين، ووعد بانتصار حتمي للجيش في معركته ضد الإرهاب. وشدد المرزوقي على أن المجموعات الإرهابية لن تنجح في إيقاف مسار الحرية والديمقراطية والحداثة الذي اختاره التونسيون. وأعلن المرزوقي، بالمناسبة، عن منح عناصر الجيش الأربعة أوسمة عسكرية، وترقيتهم في وظائفهم العسكرية، في التفاتة تؤكد اعتراف السلطات بمجهودات المؤسسة العسكرية والأمنية في مجابهة مخاطر الإرهاب.

من جهته، أعلن غازي الجريبي، وزير الدفاع التونسي، في تصريح لوسائل الإعلام عقب انتهاء موكب التأبين، عن اتخاذ قرار باكتساح الجبال المتاخمة لمنطقتي جندوبة والكاف شمال غربي تونس. وقال إن الإرهابيين لا يقدرون على مواجهة الجيش والأمن الداخلي. وأضاف أن استراتيجيتهم تقوم على زرع الألغام وعدم المواجهة المباشرة، وهي سياسة خوف، على حد تعبيره. كما تعهد بدحرهم من أماكن اختبائهم والقضاء عليهم، وذكر بعملية اكتساح جبل الشعانبي بداية من 11 أبريل (نيسان) الماضي، ونوه بنتائجها الإيجابية على الأمن والاستقرار في البلاد. بيد أن شهود عيان ذكروا أن سكان مدينة الكاف أبدوا استياء من الحكومة بسبب غياب من يمثلها في المنطقة بعد وقوع حادثة انفجار اللغم، خاصة أن المنطقة ذاتها شهدت الثلاثاء الماضي إصابة ستة عناصر من قوات الجيش والحرس.

وتشهد المنطقة الغربية من البلاد مواجهات حادة تقودها المجموعات الإرهابية المسلحة ضد قوات الأمن والجيش، أدت إلى إصابة سبعة عناصر من الجيش بجراح متفاوتة، ومقتل أربعة جنود في فترة زمنية لا تزيد على ثلاثة أيام.

وتوجه محمد صالح الحامدي، قائد أركان جيش البر، إلى الثكنة العسكرية بالكاف، بهدف الرفع من معنويات العسكريين، والتأكيد على مواصلة ملاحقة المجموعات الإرهابية، بقطع النظر عن الكلفة المرتفعة للمواجهات. ويقود الحامدي بنفسه منذ نحو سنة العمليات العسكرية، التي تنفذها قوات الجيش والأمن ضد الإرهابيين المتحصنين في جبال الشعانبي في القصرين، وسط غرب تونس.

من جهة أخرى، ألغت نقابة حراس السجون في تونس إضرابا عاما كان مقررا، أمس، بكامل سجون البلاد، احتجاجا على مسلسل تلفزيوني تونسي عدته مهينا لحراس السجون، وأقرت بأن ردة فعلها على المسلسل كان مبالغا فيها.

وقالت ألفة العياري، رئيسة «نقابة السجون والإصلاح» (غير حكومية) لوكالة الصحافة الفرنسية: «نحن نعمل بشكل عادي»، مشيرة إلى إجراء اتصالات حول الموضوع مع الحكومة، رافضة الكشف عن مضمونها. وأضافت: «لقد أعطينا للمسلسل أهمية أكثر مما يستحق».

لكنها عدت في المقابل أن السماح لمخرج المسلسل بتصوير مشاهد داخل سجن مهجور بولاية زغوان (شمال شرق) «كارثة».

من جهته، قال رضا زغدود، الناطق الرسمي باسم إدارة السجون في وزارة العدل التونسية، إن المؤسسات السجنية في البلاد «تعمل بنسبة مائة في المائة من إمكانياتها».

وتظاهر أول من أمس حراس سجن المرناقية (أكبر سجن في تونس) أمام السجن للاحتجاج على الحلقة الثانية من مسلسل «مكتوب» الذي شرع تلفزيون «التونسية» الخاص في بثه منذ بداية شهر رمضان، وطالبوا بوقف بثّه.

وتضمنت الحلقة المثيرة للجدل في هذا المسلسل مشاهد لحراس سجن يرتدون أزياء نظامية ويضربون مساجين، ويسيئون معاملتهم، ولظروف الحبس السيئة.

وكانت ألفة العياري قد أعلنت أن حراس السجون سيضربون عن العمل أمس، وسيمنعون عائلات النزلاء ومحاميهم من زيارتهم احتجاجا على المسلسل.

وأعربت قناة «التونسية» عن «استغرابها من ردة الفعل العنيفة لنقابة السجون». وقالت القناة، التي يديرها سامي الفهري، وهو نفسه منتج ومخرج مسلسل «مكتوب» إن المسلسل «عمل من وحي الخيال ولا يمت للواقع بصلة». وأضافت ساخرة: «الكل يعلم أن السجون في تونس عبارة عن فنادق من فئة خمس نجوم».

وذكرت وسائل إعلام محلية أن سامي الفهري، منتج ومخرج المسلسل الذي قضى سنة موقوفا بسجن المرناقية على خلفية قضية فساد مالي، أراد من وراء الحلقة المثيرة للجدل إبراز ظروف الإيقاف السيئة داخل سجون تونس.

وفي أبريل (نيسان) الماضي نشرت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان تقريرا بعنوان «السجون التونسية بين المعايير الدولية والواقع» نبهت فيه إلى أن «الاكتظاظ» وتقادم البنى التحتية للسجون التونسية يضرّ بصحة المساجين ويتسبب في «تفريخ المجرمين».

ويطالب أعوان السجون بالتفاوض مع الحكومة من أجل إصلاح المنظومة السجنية برمتها، وتحسين ظروف موظفي السجن، على اعتبار أنهم يعملون 12 ساعة يوميا، في ظل نقص كبير في المعدات اللازمة، وكذا تغيير الصورة السلبية التي يحملها التونسيون عن السجون والإصلاحيات.

وفي السياق نفسه، قال شكري حمادة، المتحدث باسم النقابة الوطنية لقوات الأمن الداخلي، إن النقابة كانت تنوي تنفيذ وقفة احتجاجية للتأكيد على أن رجل الأمن داخل السجن ليس بالصورة السلبية التي قدمها مسلسل «مكتوب».

وتؤكد الهياكل النقابية لموظفي وأعوان السجون والإصلاح على الوضع الكارثي داخل عدد من المنشآت السجنية التونسية، وتقول منظمات حقوقية تونسية وأجنبية إنها تعاني من كثافة عدد المساجين، إذ يجري توزيع قرابة 31 ألف سجين في تونس على 27 سجنا، وهي بذلك لا تزال بعيدة عن المعايير الدولية.