منظمات دولية تحذر من حدوث مجاعة في جنوب السودان.. وجوبا تصفها بالمبالغ فيها

نائب وزير الخارجية بيتر بندي لـ«الشرق الأوسط»: السلطات لم تمنع سفر موظفين محليين تابعين للأمم المتحدة

TT

حذرت منظمات إنسانية عاملة في جنوب السودان من حدوث مجاعة في الأسابيع القليلة المقبلة في حال عدم تأمين مساعدات غذائية كبيرة في هذه الدولة التي تشهد حربا أهلية منذ 6 أشهر، في وقت وصفت فيه الحكومة تحذيرات المنظمات بأنها ضخمة ولا تعكس الواقع، وأكدت أن هناك ثلاث ولايات تشهد نقصا في الغذاء بسبب الحرب.

في غضون ذلك، منعت السلطات الأمنية عدة موظفين محليين يعملون في الأمم المتحدة من السفر إلى أوغندا، وقامت بمصادرة جوازات سفرهم، وتعد هذه هي الواقعة الثانية خلال أسبوع واحد، ويرجح أن السبب يرجع إلى الانتماءات العرقية لهؤلاء الموظفين. غير أن وزارة الخارجية في جوبا نفت بشدة وقوع الحادثة بالصورة التي أعلنها مسؤول في المنظمة الدولية، وشددت على أن الوزارة لم تصلها شكوى من أي جهة بما فيها الأمم المتحدة.

وقالت لجنة الطوارئ البريطانية التي ترعى 13 منظمة غير حكومية إن النزاع إذا استمر في جنوب السودان ولم تتم زيادة المساعدات الإنسانية فإن مناطق عديدة في هذه الدولة ستواجه على الأرجح بمجاعة بحلول أغسطس (آب)، ولا تملك الأمم المتحدة سوى 40 في المائة من الأموال اللازمة للمساعدات وما زال ينقصها أكثر من مليار دولار. وقد تشرد أكثر من 1.5 مليون مواطن منذ اندلاع الحرب في منتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وقال المسؤول في لجنة الطوارئ للكوارث، وهي تحالف منظمات تضم «أوكسفام» و«أنقذوا الطفولة»، صالح سعيد، في تصريحات صحافية إن هناك خطرا واقعيا بحدوث مجاعة في بعض مناطق جنوب السودان، محذرا من أن ملايين الأشخاص قد يواجهون أزمة غذائية كبيرة. وقال إن لجنة الطوارئ البريطانية للكوارث تملك أقل من نصف الأموال اللازمة للمساعدات على منع تحول الأزمة الغذائية في جنوب السودان إلى كارثة.

غير أن نائب وزير الخارجية في جنوب السودان بيتر بشير بندي قال لـ«الشرق الأوسط» في اتصال هاتفي من جوبا إن تقرير المنظمات فيه تضخيم مبالغ فيه. وأوضح أن حكومته وضعت احتياطاتها بالاشتراك مع الأمم المتحدة لمواجهة الأزمة الغذائية التي حصرها في ثلاث ولايات متأثرة بالحرب وهي جونقلي شرق البلاد، والوحدة وأعالي النيل في شمالها. وأضاف أن هناك 7 ولايات أخرى أوضاعها معقولة، وأنها شهدت أمطارا فوق المعدل هذا العام للدرجة التي تتخوف معها الحكومة من أن تتحول غزارة الأمطار إلى كارثة أخرى، مشيرا إلى أن حكومته شاركت في مؤتمر عقد في العاصمة النرويجية أوسلو في مايو (أيار) الماضي، وأنها تعهدت بدفع 300 مليون دولار لتأمين الغذاء، وكان الهدف جمع أكثر من مليار دولار لتجنب مجاعة قد تهدد الملايين في هذه الدولة حديثة الاستقلال.

وقال نائب وزير الخارجية إن المنظمات الدولية تطلق تحذيراتها بصورة متكررة وتقوم بتضخيمها حتى تحصل على موارد مالية كبرى من المانحين، واستدرك قائلا «نعم هناك مهددات تواجه المواطنين في نقص الغذاء لكنها لا تصل إلى هذا الحد الذي تتحدث عنه المنظمات لا سيما أن الحكومة تسيطر على أكثر من 90 في المائة من الأراضي». وأضاف «تقديرات هذه المنظمات بعيدة عن الواقع خاصة أن النزوح تم من ثلاث ولايات فقط إلى ولايات أخرى إلى جانب اللجوء إلى دول كينيا وأوغندا وإثيوبيا التي استقبلت أكبر أعداد من الجنوبيين»، مشيرا إلى أن اللاجئين في تلك الدول يتلقون مساعدات من الأمم المتحدة، وقال «نحن وضعنا تحوطاتنا ونعلم أن هناك أجندة سياسية وراء عمل هذه المنظمات لأنها تصر على مسألة الممرات، وإذا اعترضت الحكومة فإن هذه المنظمات تطلق بيانات الإدانة والتعبئة والحملات الإعلامية ضدنا رغم أننا نسهل للمنظمات عملها في كل أنحاء البلاد».

من جهة أخرى، رفض بندي تصريحات منسوبة لمسؤولين للأمم المتحدة بمنع عدة موظفين محليين يعملون في المنظمة الدولية من السفر إلى أوغندا، وقال «هذا الحديث بعيد كل البعد عن الواقع والعكس هو الصحيح تماما لأن موظفي الأمم المتحدة يسافرون يوميا من مطار جوبا حتى المحليين منهم دون اعتراض من أي جهة». وأضاف «كنت قبل أيام قليلة في اجتماع مع مبعوثة الأمين العام للأمم المتحدة هيلدا جونسون، والتي انتهت فترة عملها ولم تذكر هذا الموضوع إطلاقا». وقال إن وزارته هي المعنية بالتعامل المباشر مع بعثة الأمم المتحدة وهي الجهة التي عليها تسهيل عمل البعثة وتتلقى الشكاوى في حال حدوث مشكلة. وأضاف «لم تصلنا شكوى إطلاقا بخصوص منع سفر موظفين من الأمم المتحدة أو عرقلة لأي إجراءات إدارية». وتابع «وزارة الخارجية هي الجهة التي تتلقى الإخطار وبصورة مباشرة من الأمم المتحدة والبعثات الدولية الأخرى».

وكان مسؤولون في الأمم المتحدة قالوا أول من أمس إن ضباطا من جهاز الأمن قاموا بمنع عدد من الموظفين المحليين العاملين في المنظمة الدولية من السفر إلى أوغندا هذا الأسبوع، وإنها الواقعة الثانية التي تحدث. ورجح مسؤول في البعثة الدولية السبب لانتماءات هؤلاء الموظفين العرقية، ونقل عن المسؤول أن منظمته تقدمت بشكوى إلى حكومة جنوب السودان تستوضح أسباب منع أربعة من موظفيها المحليين من ركوب الطائرة التابعة للأمم المتحدة وحجز جوازات سفرهم وبطاقات هوياتهم التي أعيدت إليهم لاحقا، وفقا للمسؤول الأممي.

وقال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك إن موظفي البعثة كانوا ينوون السفر في مهمة رسمية للأمم المتحدة للانضمام لدورة تدريبية في مركز الدعم الأممي في عنتيبي. وتابع «للأسف هذه ليست واقعة منعزلة.. لقد حدثت واقعة مماثلة مع موظفين محليين آخرين من بعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان في مطار جوبا الثلاثاء الماضي»، مشيرا إلى أن البعثة لم تتلق أي تفسير قانوني أو سبب آخر لحظر أولئك الموظفين المحليين من السفر.