سجن رومية هدف محتمل للمتشددين.. والنصرة تعد الموقوفين بـ«الفرج القريب»

إجراءات مشددة بعد معطيات عن احتمال استهداف مدخله بشاحنة يقودها انتحاري

سجن رومية
TT

قفز سجن رومية المركزي في لبنان إلى صدارة المشهد الأمني في لبنان على ضوء المعلومات المتقاطعة عن التخطيط لعمل أمني كبير يستهدف السجن على أيدي مجموعة إرهابية بهدف تحرير من يطلق عليهم اسم «الموقوفين الإسلاميين» في رومية.

وتأتي التعزيزات الأمنية التي فرضتها السلطات العسكرية والأمنية داخل السجن وفي محيطه وعند مدخله الرئيس، في اليومين الأخيرين بعد معلومات تلقتها الأجهزة تتحدث عن تحضيرات لهجوم إرهابي كبير يطال المدخل الرئيس للسجن بواسطة شاحنة مفخخة يقودها انتحاري، وتفجيرها على المدخل الرئيس للسجن بشكل يؤدي إلى إرباك القوى الأمنية والعسكرية المولجة حماية السجن وصرف الانتباه إلى حالات إنقاذ المصابين، ونقل الضحايا. ويترافق ذلك مع تنفيذ عملية واسعة لتهريب السجناء سيما الإسلاميين من ضمن خطة مدروسة ومعدة سلفا.

وتتقاطع هذه المعلومات مع رسالة وجهها أمير «جبهة النصرة» في منطقة القلمون السورية أبو مالك الشامي، الذي وعد السجناء الإسلاميين في رومية بـ«الفرج القريب وخلال أيام معدودات».

وتوجه الشامي، وفق تسجيل صوتي بثته جبهة النصرة على حسابها على موقع «يوتيوب»، إلى حزب الله بالقول: «إنَّ معركتنا معكم لم تعد مقتصرة على الحدود وفي الجبال. لقد استطعنا اختراق ا‌طواق ا‌منية في كل المناطق في لبنان وأصبح لدى الجبهة مجاهدون با‌‌ف وهم ينتظرون ا‌ذن ليبدأوا المعركة داخل لبنان».

وخاطب الشامي من أسماهم بـ«أسارى المسلمين وخاصة إخواننا المجاهدين في سجن رومية وباقي السجون»، قائلا: «والله إن قلوبنا عندكم، وما هي إلا أيام معدودات وتفرج بإذن الله الكُربات. فأحسنوا الظن بالله ولا تيأسوا من روح الله، فإنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون». وقالت مصادر أمنية لـ«الشرق الأوسط» إن «الإجراءات المتخذة في محيط سجن رومية، تأتي في سياق إجراءات استباقية ولقطع الطريق على أي حدث مباغت قد يفتح الوضع الأمني في البلاد على احتمات خطيرة بدءا من رومية وتعميمه على لبنان ككل».

وأشارت المصادر ذاتها إلى أن «سجن رومية بات تحت المجهر، في ظل وجود موقوفين فيه يعدّون من العناصر الخطرة جدا، بينهم الفلسطيني بلال كايد الذي كان استطاع تجنيد شبان جامعيين من مدينة طرابلس ضمن مجموعة خططت لاغتيال رئيس شعبة المعلومات في جهاز الأمن العام في شمال لبنان المقدم خطار ناصر الدين، والأردني عبد الملك عبد السلام، الموقوف منذ سنتين والمحكوم عليه بالأشغال الشاقة مدة أربع سنوات، بجرم الانتماء إلى تنظيم إرهابي مسلّح (القاعدة)، والتخطيط لأعمال إرهابية في لبنان، وهذا الأخير هو شقيق الأردني الذي جنّد مجموعة فندق (دي روي) الانتحارية في منطقة الروشة في بيروت، والفرنسي الذي أوقف داخل فندق (نابليون) في الحمراء، وهو الذي يمدّ مجموعة فنيدق التي يترأسها منذر الحسن (فار من العدالة) الذي يؤمن المتفجرات والأحزمة الناسفة للانتحاريين»، علما أن كايد يلاحق أيضا بتفجير عبوات ناسفة كانت تستهدف قوات الطوارئ الدولية «اليونيفيل» العاملة في جنوب لبنان.

وأوضحت المصادر الأمنية لـ«الشرق الأوسط» أن «عناصر الخلل الأمني في سجن رومية باتت كلها في متناول وزارة الداخلية التي بدأت تضع أسسا لمعالجة هذا الخلل، وهذه المعالجة تقوم على ثلاث ركائز، الأولى تسريع وتيرة محاكمة الموقوفين الإسلاميين، بحيث تجري إدانة المرتكب والمجرم، وتبرئة البريء كي لا يتحول مشروع إرهابي داخل السجن. والثانية: البدء ببناء سجن حديث يتناسب مع أوضاع الموقوفين ذوي الحيثية الأمنية، والثالثة الحد من وصول تقنيات الاتصال إلى السجناء، إن لم يكن بالمقدور منعها كليا، لتقليص قدرتهم على التواصل مع الخارج وإدارة عمليات أمنية وغير أمنية من داخل السجن، والتحريض على حركات التمرّد التي حفل بها سجن رومية خلال السنوات الماضية».

وكانت وزارة الدفاع اللبنانية سبق وصنفت سجن رومية، بحسب المصادر ذاتها، من «ضمن البقع الأمنية الخطيرة، مع المخيمات الفلسطينية خصوصا عين الحلوة، والحدود الشرقية مع سوريا المتاخمة لمنطقة القلمون السورية».

وأعلنت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي قبل يومين أنّه «لدواعٍ أمنية، ستتخذ تدابير سير استثنائية بصورة مؤقتة، حول سجن رومية المركزي والطرق المؤدية إليه». وأشارت في بيان إلى أنه «يمنع مرور جميع المركبات الآلية صعودا ونزولا باتجاه سجن رومية وتحويله عبر أوتوستراد المتن وغيره من الطرقات الفرعية».

ويفوق عدد السجناء الإسلاميين الـ200 شخص، منهم نحو مائة أوقفوا أثناء مواجهات مخيم نهر البارد التي دارت صيف عام 2007 بين الجيش اللبناني وتنظيم «فتح الإسلام»، إضافة إلى 42 موقوفا آخرين من أنصار الشيخ السلفي المطلوب للعدالة أحمد الأسير، أوقفوا إثر أحداث بلدة عبرا في مدينة صيدا، جنوب لبنان: صيف العام الماضي، أما الباقون فهم عبارة عن مجموعات جرى توقيفهم تباعا بالتورط في الأحداث السورية، وإدخال سيارات مفخخة من سوريا إلى لبنان والتخطيط لأعمال إرهابية على الأراضي اللبنانية.

ويعد سجن رومية الذي افتتح عام 1970 من أكبر السجون في لبنان وعلى الرغم من أنّ مساحته لا تتسّع لأكثر من 1500 شخص إلا أن عدد نزلائه يتخطى الـ5 آلاف موقوف وسجين. وإضافة إلى هذا الاكتظاظ، تعكس الصور التي تنقل دوريا من داخله صورة صادمة لحياة «قاطنيه»، لا سيّما ما يعرف بـ«الموقوفين الإسلاميين»، إذ تظهر حالة من «الترف» والترفيه الذي يعيشه هؤلاء في جناح خاص بهم: من موائد الطعام التي تمدّ في بعض الغرف والأطباق الجاهزة التي تصل عبر خدمة «الدليفري»، إضافة إلى استخدام الهواتف الخلوية، حتى إن بعض الموقوفين يشاركون في مداخلات عبر وسائل الإعلام عبر الهاتف، عند حصول أي مشكلة أو أعمال شغب داخل السجن، ولا سيّما حالات التمرّد التي تشهدها غرفه بين فترة وأخرى. وقد شهد السجن في السنوات الأخيرة محاولات عدة للفرار باءت معظمها بالفشل.

ومنذ توليّه وزارة الداخلية، وضع الوزير نهاد المشنوق ملف السجون ولا سيّما تأهيل سجن رومية في سلّم أولوياته، مؤكدا أنّه سيعمل لإعادة تأهيله وتفكيك «الدولة» الموجودة داخله وتعطيل «قدرتها على التخويف»، رافضا الكلام عن «وجود تغطية حماية من قبل أي جهة لهذه المجموعات في السجن». وخلال رعايته وضع حجر أساس لمبنى السجناء ذوي الخصوصية الأمنية في سجن رومية الشهر الماضي، قال المشنوق إن «القدرة على الاستيعاب في السجون اللبنانية والنظارات هي 2500 سجين، لكن حاليا هناك 7800 سجين وموقوف، من هنا يتضح حجم خطورة هذا الملف».

وكشف عن تأسيس «الجمعية اللبنانية لتأهيل السجون» التي تعمل بالتعاون مع القطاعين العام والخاص لتمويل عملية تأهيل السجون، مؤكدا «إننا سنواجه الإرهاب من داخل السجون».

ودعا المشنوق، كما عدد كبير من المسؤولين، إلى «تسريع المحاكمات ووتيرة عمل القضاء، لا سيما أن 62 في المائة من الموقوفين هم من دون محاكمات»، منذ سنوات، من دون أي مبرر. وأعلن المشنوق عن تشكيل لجنة للمسؤولين عن السجون تضم عددا من الشخصيات العامة ووزراء وضباطا إضافة إلى التعاون مع رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي جان فهد لوضع خطة محددة من أجل تسريع المحاكمات ما يريح السجون.