«داعش» يفتح «باب التوبة» أمام الفصائل التي تحاربه ويمنح «صكوك الغفران»

سمح لبلجيكيين يقاتلان في صفوفها بمقابلة والديهما في منطقة حدودية بين سوريا والعراق

TT

نشر ناشطون، أمس، صورا لاستمارة التعهد بالكف عن محاربة «داعش» وتسليم السلاح وإعلان التوبة، وقالوا إنها صور لنص «صك توبة»، وتظهر الصورة النص وقد تُرك فراغ مكان اسم المتعهد والتنظيم الذي ينتمي له، يجري ملؤها من قبل طالب التوبة.

وذلك بعد يوم من إعلان تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) عن فتح «باب التوبة» ومنح صكوك لمن يعلن توبته عن قتاله من جانب فصائل المعارضة المسلحة في محافظة دير الزور شرق سوريا، التي يطلق عليها التنظيم اسم «ولاية الخير»، وقال التنظيم في بيان تداولته مواقع تابعة له على شبكات التواصل الاجتماعي وتنسيقيات الثورة الإعلامية: «تعلم الدولة الإسلامية كل من يريد التوبة أو أعلن توبته من الفصائل المسلحة الموجودة في ولاية الخير أن الدولة فتحت باب التوبة، وعليه تسليم سلاحه في مدة أقصاها أسبوع من تاريخ صدور البيان». كما اعتبر التنظيم أن كل من لا يستجيب للبيان أو له علاقة بإخفاء سلاح أو تستر على من أخفاه بعد انتهاء مهلة الأسبوع التي حددها «خلية نائمة معادية للدولة الإسلامية». وختم بيانه بعبارة «وقد أعذر من أنذر».

وعرض التنظيم طريقة التوبة من خلال إحضار صورتين شخصيتين، وصورة البطاقة الشخصية إلى مكتب المعلومات بالمحكمة الإسلامية التابعة للتنظيم، لم يحدد مكانها، بغرض التوثيق حتى لا يتعرض له «جنود الدولة» لاحقا. وطلب ممن أخذ ورقة توبة قبل صدور هذا البيان أن يوثقها في المحكمة الإسلامية بمدينة الميادين التابعة لمحافظة دير الزور، وإلا فإنها تُعد ملغاة.

وسيطر تنظيم الدولة الإسلامية، الأسبوع الماضي، على معظم مناطق الريف الشرقي لمحافظة دير الزور، الممتد على مسافة 130 كلم حتى الحدود العراقية، بعد مبايعة سكانه وبعض فصائل المعارضة التابعة للجيش الحر والنصرة والجبهة الإسلامية فيه للتنظيم وإعلان توبتهم عن قتاله، ليسيطر التنظيم بذلك على معظم مساحة المحافظة، بعد سيطرته أخيرا على الريف الغربي فيها.

في غضون ذلك، سمح التنظيم لشابين بلجيكيين يقاتلان في صفوفها بمقابلة والديهما في منطقة حدودية بين سوريا والعراق، عبر الحدود التركية السورية.

واصطحب البلجيكي ديمتري بونتينك معه رجلين جاءا خصيصا لرؤية ولديهما لوكاس 18 عاما وعبد الملك 19 عاما، وهما من المقاتلين في صفوف جماعة داعش، وسبق أن سافر ديمتري منذ فترة إلى سوريا ونجح في إعادة ابنه جيجوين بعد أن شارك فترة من الوقت في العمليات المسلحة هناك، وكان هناك أمل في أن ينجح والدا لوكاس وعبد الملك في العودة برفقة الشابين إلى مدينة كورتريك البلجيكية التي تركاها منذ فترة للانضمام إلى العمليات القتالية في سوريا، ولكن تنظيم داعش سمح للشابين بالذهاب لرؤية الأبوين في مدينة الرقة الحدودية بين سوريا والعراق، وحضرا بصحبة ستة من الحراس الملثمين، وقضيا فترة من الوقت مع الأبوين ثم عادا من حيث جاءا، وبحسب ما نقلت وسائل الإعلام في بروكسل، أمس (السبت)، فقد صرح والد لوكاس أن ابنه كان يبدو عليه الخوف الشديد، وقالت صحيفة ستاندرد البلجيكية اليومية على موقعها بالإنترنت: «عاد الأبوان من جديد إلى الحدود التركية السورية، ودون أن تتضح الصورة بالنسبة لهما هل سيعود الأبناء أم لا، أو هل ستسمح لهما (داعش) بالعودة؟».

وفي مطلع الشهر الحالي، أكد مكتب التحقيقات الفيدرالي البلجيكي في بروكسل، أن السلطات البلغارية على الحدود المشتركة مع تركيا، اعتقلت أحد الشبان البلجيكيين كان برفقة والده، على طريق العودة إلى أسرته في بلجيكا، بعد أن تلقى العلاج في أحد المستشفيات التركية، من إصابة كبيرة جراء مشاركته بالعمليات القتالية في سوريا، وذكرت شبكة تلفزيون «في آر تي» البلجيكية أن الشاب يبلغ من العمر 24 عاما، كان قد سافر قبل بضعة أشهر إلى سوريا للمشاركة في الصراع الدائر هناك، وبالفعل أصيب بجروح خطيرة، وجرى نقله إلى أحد المستشفيات التركية حيث تلقى العلاج، واتصل بوالديه من المستشفى وأخبرهم بما حدث له. ومنذ عدة أيام، اختفى الشاب من المستشفى، وبعدها أوقفته السلطات الحدودية البلغارية أثناء محاولة عبوره الحدود مع تركيا، وكان برفقة والده، وجرى اعتقاله بناء على مذكرة توقيف أوروبية صدرت عن السلطات البلجيكية لمشاركته في أنشطة إرهابية، وسمحت السلطات لوالده بعبور الحدود إلى بلجيكا. ومن المفترض أن تتبع خطوة التوقيف إبلاغ بروكسل بالأمر، وعليها أن تتقدم بطلب إلى بلغاريا لإعادته إلى بلجيكا.

ويُذكر أن السلطات البلجيكية قد أعلنت في وقت سابق أن هناك 300 شاب يقاتلون حاليا في سوريا، وقد عاد عدد قليل منهم، كما لقي عدد آخر مصرعهم هناك، وتُعدّ بلجيكا واحدة من الدول المتضررة من مسألة تسفير الشباب الأوروبي إلى سوريا للقتال، وتجري مشاورات على مستويات مختلفة مع الدول الأخرى المتضررة من هذا الملف، سواء في أوروبا أو على الحدود مع سوريا لإيجاد حلول للحد من سفر المزيد من الشباب إلى سوريا للقتال هناك.

وفي نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي جرى الإعلان في بروكسل أن جهات التحقيق البلجيكية، واصلت جولات الاستقصاء مع أحد الشبان العائدين من سوريا، وكانت السلطات اعتقلته في الـ18 من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ومنذ ذلك الوقت جرى عدة مرات إحضار الشاب جيجوين بونتينك من مكان احتجازه في سجن هاسلت، إلى مدينة انتويرب شمال البلاد، في الجزء القريب من الحدود مع هولندا والناطق بالفلامنكية، وذلك حسب الإعلام المحلي الذي ذكر أن جيجوين، خلال التحقيق معه، أنكر أنه سافر بغرض الانضمام إلى المجموعات القتالية، وأنه لم يقرر السفر متأثرا بدوافع من جانب جماعة الشريعة في بلجيكا، التي اتهمتها السلطات بالتحريض وتسفير شبان من الإسلاميين إلى سوريا للمشاركة في القتال هناك، وهي أمور نفاها المغربي الأصل فؤاد بالقاسمي مسؤول الجماعة التي جمدت السلطات نشاطها قبل عدة أشهر، ويوجد فؤاد حاليا داخل السجن.