الأمم المتحدة: الإخفاق في اختيار رئيس للبرلمان العراقي اليوم سيؤدي إلى فوضى

رئيس السن لمجلس النواب: ينبغي إعادة النظر بقواعد تشكيل الرئاسات الثلاث

TT

دعا ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في العراق نيكولاي ملادينوف البرلمان العراقي أمس إلى انتخاب رئيس له في جلسته الثانية المقررة اليوم، عادا أن الإخفاق في ذلك يعرض العراق لمخاطر الانزلاق «في حالة من الفوضى».

وقال ملادينوف بحسب ما نقل عنه بيان أوردته وكالة الصحافة الفرنسية «أدعو جميع البرلمانيين لحضور الجلسة المقبلة لمجلس النواب»، مضيفا أنه «بينما تسعى الكتل السياسية نحو الاتفاق على الشخصيات الرئيسة، فإن الخطوة الأولى هي انتخاب رئيس جديد للبرلمان خلال جلسته المقررة غدا». وحذر من أن «الإخفاق في المضي قدما في انتخاب رئيس جديد للبرلمان ورئيس جديد للدولة وحكومة جديدة يعرض البلد لمخاطر الانزلاق في حالة من الفوضى»، مشددا على أن الوقت الحالي «ليس وقت تبادل الاتهامات».

يذكر أن البرلمان العراقي فشل في جلسته الثانية إثر فشله في الجلسة الأولى في انتخاب رئيس له بحسب ما ينص الدستور وسط استمرار غياب التوافقات السياسية حول الرئاسات الثلاث، وخصوصا رئاسة الوزراء. ويظلل تمسك رئيس الحكومة نوري المالكي بمنصبه المشهد السياسي، بعدما أكد أنه لن يتنازل «أبدا» عن السعي للبقاء على رأس الحكومة لولاية ثالثة، على الرغم من الانتقادات الداخلية والخارجية له والاتهامات الموجهة إليه باحتكار الحكم وتهميش السنة. ويطالب خصومه السياسيون كتلة «التحالف الوطني» أكبر تحالف للأحزاب الشيعية بترشيح سياسي آخر لرئاسة الوزراء، فيما يصر هو على أحقيته في تشكيل الحكومة مستندا إلى فوز لائحته بأكبر عدد من مقاعد البرلمان مقارنة بالكتل الأخرى (92 من بين 328).

وينص الدستور العراقي على أن يجري انتخاب رئيس جديد للجمهورية خلال ثلاثين يوما من تاريخ أول انعقاد للمجلس، وهي الجلسة التي انعقدت في الأول من الشهر الحالي. ويكلف رئيس الجمهورية مرشح الكتلة النيابية الأكثر عددا بتشكيل مجلس الوزراء خلال خمسة عشر يوما من تاريخ انتخاب رئيس الجمهورية، على أن يتولى رئيس مجلس الوزراء المكلف تسمية أعضاء وزارته خلال مدة أقصاها 30 يوما من تاريخ التكليف.

من ناحية ثانية، عبر رئيس السن للبرلمان العراقي السياسي والأكاديمي العراقي البارز مهدي الحافظ عن خيبة أمله من الأداء الحالي للطبقة السياسية العراقية ممثلة بالبرلمان الجديد بسبب «غياب الرؤية والإرادة الوطنية لدى الكتل والزعامات السياسية».

وقال الحافظ في حديث لـ«الشرق الأوسط» أمس، عشية جلسة البرلمان العراقي المقررة اليوم لاختيار رئاسات الجمهورية والحكومة والبرلمان، إن «العراق يمر بأزمة خطيرة في الوقت الراهن على كل المستويات وهناك ما هو منظور في هذه الأزمة وهو الأزمة الأمنية والسياسية والمتمثلة بالتهديد الجدي الذي تمثله التنظيمات الإرهابية وفي المقدمة منها (داعش) التي استولت على مساحة كبيرة من الأراضي العراقية، ومنها ما هو غير منظور أو مسكوت عنه ويتمثل في الموارد المائية التي يعاني منها العراق في ظل عدم وجود اتفاقات حقيقية مع دول الجوار المعنية بهذا الجانب وهي تركيا وإيران وسوريا وصلة ذلك بالأمن الغذائي الذي بات مصدر خطر جديا ينشغل عنه السياسيون نظرا لاهتمامهم بالمناصب والمكاسب فقط».

وأضاف الحافظ على هامش ندوة أقامها «مركز التقدم» الذي يترأسه عن «المخاطر المحتملة للموارد المائية والأمن الغذائي في العراق» إن «الحاجة باتت ماسة لمراجعة على كل المستويات بما في ذلك الدستور الذي تحول إلى جزء من الأزمة لكونه غير كامل بالإضافة إلى أن البلد مهدد الآن بالتجزئة والتقسيم»، عادا أن «الخلافات الجدية بين القوى السياسية باتت تعيق إمكانية تحقيق تقدم في أي ميدان من الميادين ومجال من المجالات».

ودعا الحافظ إلى «إعادة النظر بالقواعد والأسس التي تقوم عليها الرئاسات الثلاث في العراق على وفق مبدأ تكافؤ الفرص وليس التوزيع على أساس الأعراق والمكونات». وتساءل الحافظ «من الذي وضع هذه القواعد الحالية في أن يجري توزيع المناصب على هذه الطريقة العقيمة»؟ مؤكدا أن «الحاجة باتت ماسة الآن لرئيس عربي للعراق لأن العراق دولة عربية، بمعزل عن الانتماءات الأخرى، كما أن كل المناصب الأخرى هي ليست حكرا على هذا المكون أو ذاك وبالتالي ما لم تتغير هذه القواعد الخاطئة فلن نتوقع حصول تقدم حقيقي على أي مستوى في البلاد». وردا على سؤال بشأن جلسة البرلمان اليوم، قال الحافظ «لم أتسلم بوصفي رئيس السن حتى الآن أسماء المرشحين للرئاسات الثلاث ولا أتوقع أنني سأتسلمها بسبب صراع المصالح الذي بات هو الطاغي والمهيمن وغياب الإرادة الوطنية»، موضحا أن «برلمان اليوم هو نتاج البرلمانات والحكومات السابقة في ظل غياب حقيقي للمصالحة الوطنية والوحدة الوطنية، إذ إنه لو كانت مثل هذه المسائل المصيرية قد عولجت خلال الدورات السابقة لما وصلنا إلى ما وصلنا إليه اليوم».

وحول الدعوة التي أطلقها المرجع الديني الأعلى آية الله علي السيستاني بضرورة تشكيل حكومة جديدة تحظى بقبول وطني واسع، قال الحافظ إن «دعوة السيستاني مهمة في هذا الظرف الحساس ولكن العبرة في النتائج وفي مستوى الالتزام بها لا سيما من قبل الجهات التي تبدو الدعوة ملزمة لها أكثر من غيرها، إذ لا يبدو أن الجميع يؤيدونها».