استنفار أمني في جنوب لبنان يواكب القرار الرسمي بالحفاظ على استقرار الحدود

حماس تنفي ضلوعها بإطلاق الصواريخ اتجاه إسرائيل من الأراضي اللبنانية

TT

سيطر هدوء حذر أمس على مناطق جنوب لبنان الحدودية مع إسرائيل، بعد ساعات على إطلاق صواريخ من جنوب مدينة صور، باتجاه الدولة العبرية التي رد جيشها بقصف مدفعي على محيط عدد من البلدات الجنوبية. وبينما استنفرت قوات حفظ السلام الدولية العاملة في جنوب لبنان (يونيفيل)، فعلت الأجهزة العسكرية والأمنية اللبنانية حراكها وشددت تدابيرها، بهدف «الحفاظ على أمن واستقرار لبنان انطلاقا من الجنوب».

وأكدت مصادر ميدانية في جنوب لبنان لـ«الشرق الأوسط» أن الجيش اللبناني كثف تدابيره الأمنية في المنطقة، بالتزامن مع الدفع بتعزيزات نشطت دورياتها على طول الخط الأزرق، وفي البلدات الحدودية، بهدف منع أي تدهور أمني. وواكبت قوات اليونيفيل الجيش اللبناني بحركته العسكرية، على الرغم من سيطرة هدوء حذر على المنطقة.

وذكرت «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية اللبنانية أن الهدوء يسود المنطقة الحدودية في القطاع الغربي الذي شهد سقوط قذائف إسرائيلية عقب إطلاق صواريخ باتجاه مستوطنة نهاريا في الجليل الغربي، بينما واصلت وحدات من الجيش اللبناني وقوات اليونيفيل في عملية البحث والتفتيش لمعرفة مكان إطلاق الصواريخ التي لم يعثر على منصة إطلاقها.

وكان مجهولون أطلقوا قبيل منتصف ليل السبت - الأحد، للمرة الثانية خلال يومين، ثلاثة صواريخ باتجاه إسرائيل، من سهل القليلة جنوب مدينة صور. وردت إسرائيل بقصف مدفعي طال محيط الكثير من البلدات الجنوبية من غير أن يسفر عن أضرار بشرية.

ودعت قوات اليونيفيل، أمس، الجانبين اللبناني والإسرائيلي إلى «ضبط النفس»، مشيرة في بيان إلى أن «قائد اليونيفيل العام بالوكالة العميد تارونديب كومار اتصل على الفور بقيادات القوات المسلحة اللبنانية والجيش الإسرائيلي وحثهم على اعتماد أقصى درجات ضبط النفس والتعاون مع اليونيفيل منعا لأي تصعيد». وأكدت اليونيفيل أنه «بالتنسيق مع الجيش اللبناني، تحافظ يونيفيل على وجود عملاني معزز على الأرض وتجري دوريات مكثفة في كامل منطقة عملياتها لمنع وقوع أي حوادث إضافية»، لافتة إلى أن «الجانبين أعادا تأكيد التزامهما بوقف الأعمال العدائية وهما يتعاونان بالكامل مع اليونيفيل في جهودها لمنع أي حوادث إضافية على طول الخط الأزرق».

وقال البيان إن يونيفيل باشرت تحقيقا في الحادث «الذي شكل خرقا خطيرا للقرار 1701 الصادر عن مجلس الأمن في الأمم المتحدة وعرض حياة الناس للخطر»، مشيرا إلى أن «الوضع الآن في المنطقة هادئ». وتأتي الإجراءات الأمنية اللبنانية انطلاقا من «قرار رسمي بالحفاظ على الاستقرار»، كما قال عضو كتلة التنمية والتحرير في جنوب لبنان النائب قاسم هاشم لـ«الشرق الأوسط»، مشددا على «وجود قرار حاسم لدى الجيش اللبناني وكل الأجهزة الأمنية واليونيفيل، بضرورة الحفاظ على الاستقرار الوطني انطلاق من الحدود الجنوبية»، مشيرا إلى أن القرار «انسحب على كل القوى السياسية الفاعلة في جنوب لبنان وقوى المقاومة».

ورأى هاشم أن إطلاق الصواريخ باتجاه إسرائيل «يحمل رسائل عدة، بينها القول إن كل الساحات مفتوحة إلى جانب غزة، من لبنان إلى بلدان أخرى»، وهو ما يتكرر في كل مرة حين تشن إسرائيل حربا على الفلسطينيين. وقال إن تلك الخروقات «لا تخدم الشعب الفلسطيني ولا لبنان، لأن عملا مشابها ليس مدروسا ولا يأخذ بعين الاعتبار المصلحة الوطنية اللبنانية، والمعطيات التي تخدم مسيرة العمل المقاوم وبالتالي يتحول مردوده سلبيا على صعيد زعزعة استقرار جنوب لبنان». وتعد هذه الحادثة الثانية خلال يومين، إذ أطلق صاروخ كاتيوشا من لبنان صباح الجمعة وسقط في شمال إسرائيل دون وقوع ضحايا أو خسائر. ورفعت إسرائيل شكوى لدى قوات الطوارئ الدولية العاملة في جنوب لبنان. وألقت السلطات الرسمية اللبنانية القبض على شخصين للاشتباه بضلوعهما في إطلاق الصواريخ، بينهما شخص ينتمي إلى جماعات متشددة، واعترف بأنه كان برفقته شخصان فلسطينيان هما أيضا من الجماعات المتشددة، ولا يزال البحث جاريا عنهما. ورجح النائب هاشم أن تكون مجموعات متشددة تقف وراء إطلاق الصواريخ باتجاه إسرائيل، قائلا في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «الخيوط الأولية للتحقيق تقود إلى ضلوع متشددين ومعهم جماعات فلسطينية»، مشيرا إلى أن الاحتمالات بأن تكون «أكثر من جهة تقف وراء هذا العمل بهدف زعزعة الاستقرار في جنوب لبنان».

وترتفع أسهم الاتهامات باتجاه المجموعات المتشددة، كون تلك المجموعات درجت على إطلاق الصواريخ باتجاه إسرائيل منذ عام 2010، وكشفت التحقيقات اللبنانية أن «كتائب عبد الله عزام» المرتبطة بتنظيم القاعدة كانت المسؤولة عن إطلاق الصواريخ باتجاه إسرائيل. وقبل اعتقال الجيش اللبناني عددا كبيرا من قيادات التنظيم في لبنان، وأبرزهم «أميره» ماجد الماجد في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، كانت آخر عمليات التنظيم لجهة إطلاق الصواريخ باتجاه إسرائيل في 12 أغسطس (آب) الماضي، حين أطلق أربعة صواريخ من نوع «كاتيوشا»، من منطقة الحوش في صور (جنوب لبنان) باتجاه شمال إسرائيل، لم تسفر عن سقوط قتلى.وفي فبراير (شباط) 2009، عثر الجيش اللبناني وقوات الأمم المتحدة العاملة في جنوب لبنان (اليونيفيل) على خمسة صواريخ «كاتيوشا» شمال منطقة الناقورة في جنوب لبنان على بعد نحو خمسة كيلومترات من الحدود مع إسرائيل. وجاء ذلك بعد إطلاق أربعة صواريخ في الثامن من يناير (كانون الثاني) 2009 من جنوب لبنان على شمال إسرائيل أسفرت عن إصابة إسرائيليتين بجروح، أثناء الحرب في قطاع غزة.