الغرب يطالب إيران بأن تكون «أكثر واقعية» في طموحاتها النووية

توقعات بتمديد المفاوضات قبل أسبوع من موعدها النهائي

وزير الخارجية الأميركي جون كيري يترأس الفريق المفاوض الأميركي في لقاء مع وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في فيينا أمس (أ.ف.ب)
TT

قبل أسبوع من حلول الموعد المتفق عليه بين إيران والدول دائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا للتوصل إلى اتفاق حول ملف طهران النووي - بقيت الفجوة بين الطرفين كبيرة. وحضر وزراء خارجية إيران والولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وألمانيا اجتماعات مكثفة في فيينا أمس بهدف تقريب وجهات النظر، ولكن من دون نتائج ملموسة معلن عنها. وقال وزراء خارجية الدول الكبرى الذين حضروا إلى فيينا أمس لتقييم المفاوضات مع إيران، أن التوصل إلى اتفاق نهائي حول البرنامج النووي لطهران لا يزال بعيد المنال، قبل أسبوع من انتهاء مهلة العشرين من يوليو (تموز) أمس.

وصرح وزير الخارجية الفرنسي، لوران فابيوس، الذي كان أول من غادر فيينا، بأنه «لم نتوصل بعد إلى اتفاق»، لافتا إلى أن «المشاورات كانت مفيدة وستتواصل». ولاحقا، قال نظيره الألماني فرانك فالتر شتاينماير: «الوقت يضيق قبل العشرين من يوليو (...) لا يمكنني أن أجزم بأن اتفاقا سيحصل»، مضيفا أن «الكرة في ملعب إيران، أمل أن تكون الأيام المتبقية قبل 20 يوليو كافية لدفع طهران إلى التفكير». ومن جهته، قال وزير الخارجية البريطاني، ويليام هيغ، للصحافيين: «لم نحقق الاختراق الحاسم.. هناك عدة فجوات كبيرة، وخصوصا بشأن تلك المسألة (التخصيب). هناك فجوة كبيرة» بشأنها. وأضاف هيغ أنه يجب على إيران «أن تكون أكثر واقعية إزاء ما هو ضروري» للتوصل إلى اتفاق مع القوى الست الكبرى ينهي العقوبات المفروضة على طهران مقابل الحد من أنشطتها النووية.

وجاءت تصريحات الوزراء الأوروبيين قبل اجتماع وزير الخارجية الأميركي جون كيري بنظيره الإيراني محمد جواد ظريف في فيينا مساء أمس. وقبيل الاجتماع، قال ظريف عبر موقع «تويتر» إن «الثقة ينبغي أن تكون متبادلة». وأجرى وزراء الخارجية الأميركي والبريطاني والألماني والفرنسي في العاصمة النمساوية سلسلة لقاءات ثنائية وثلاثية، في محاولة لتسوية «التباينات الكبيرة» مع الإيرانيين.

وكان من اللافت أن بكين وموسكو لم توفدا وزيريهما أمس إلى فيينا، وكان التركيز على المفاوضات الغربية مع الإيرانيين. وحضت الصين، العضو في مجموعة الدول الست الكبرى، جميع الأطراف على «إظهار ليونة» في المفاوضات. وقال نائب وزير الخارجية الصيني لي باو دونغ: «نحن أمام منعطف، علينا التقدم».

وأوضح الوزير البريطاني، في وقت سابق، أن الهدف من الاجتماعات هو «تحديد الهامش الذي لدينا لإحراز تقدم قبل 20 يوليو». وتنتهي المهلة المحددة للتوصل إلى اتفاق في 20 يوليو مع انتهاء مهلة اتفاق تمهيدي أبرم سابقا. لكن يمكن إرجاؤه في حال موافقة الطرفين على ذلك. وسئل هيغ عن إمكان تمديد المفاوضات، فعد «الحديث عن ذلك لا يزال مبكرا جدا».

من جانبه، قال فابيوس، في مؤتمر صحافي مع نظيره النمساوي سيباستيان كورز: «إذا استطعنا التوصل إلى اتفاق بحلول 20 يوليو، فهذا جيد. وإذا لم يحصل ذلك فسنكون أمام خيارين: تمديد مباحثاتنا أو القول إنه للأسف ليس هناك اتفاق وشيك».

وصرح مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية، مساء أول من أمس، بأن التوصل إلى اتفاق قبل الموعد المحدد لذلك «صعب، لكنه ليس مستحيلا»، مؤكدا أن المفاوضين مصممون على «العمل حتى اللحظة الأخيرة». لكن المفاوض الإيراني عباس عراقجي نبه إلى أن «القدرة على ردم الهوة ليست أمرا مؤكدا بعد».

ونقطة الخلاف الرئيسة هي القدرة على تخصيب اليورانيوم التي تطالب بها طهران. فتخصيب اليورانيوم بدرجة عالية يمكن استخدامه في صنع قنبلة نووية. أما على درجة متدنية، فيستعمل وقودا في المحطات النووية لإنتاج الكهرباء.

وقال كيري لدى وصوله إلى فيينا إن «التأكد من أن إيران لن تقوم بتطوير السلاح النووي وأن برنامجها سلمي أمر مهم جدا».

في المقابل، جدد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تحذيره أمس من أن أي اتفاق نووي يسمح لإيران بتخصيب اليورانيوم سيكون «كارثيا».

وقال نتنياهو، في مقابلة مع صحيفة «فوكس نيوز صنداي»: «سيكون الأمر كارثة على الولايات المتحدة وعلى جميع الأطراف».

وإضافة إلى النووي الإيراني، بحث الوزراء الغربيون وقفا لإطلاق النار بين إسرائيل وحماس في قطاع غزة. ويزور وزير الخارجية الألماني الشرق الأوسط الاثنين والثلاثاء وكذلك نظيرته الإيطالية فيديريكا موغيريني. ولكن الوزيرين الأميركي والفرنسي لم يتخذا أي قرار حول احتمال توجههما إلى الشرق الأوسط، بحسب أوساطهما.

لم يتبق إلا أسبوع واحد على انتهاء الفترة المحددة للوصول إلى الاتفاق الشامل بشأن البرنامج النووي الإيراني وفقا للاتفاق المرحلي الذي دخل حيز التنفيذ في يناير (كانون الثاني)، في الوقت الذي يجري حاليا وزراء خارجية مجموعة «5+1» وإيران مشاورات مكثفة في فيينا بهدف الوصول إلى الاتفاق النووي الشامل.

وفيما يتحدث مسؤولون أميركيون عن شرخ كبير في مواقف الجانبين، تشير معظم الصحف الإيرانية إلى قرارات صعبة على طرفي المفاوضات في فيينا اتخاذها.

ولفتت صحف «أرمان» و«إطلاعات» و«إيران» و«جمهوري إسلامي» و«أفتاب» الصادرة في طهران إلى اللقاء بين نائب وزير الخارجية الأميركي ويليام بيرنز، ووزير الخارجية الإيراني ظريف أول من أمس، الذي استغرق أربع ساعات، على أنه كان مؤشرا إيجابيا. ونقلت هذه الصحف عن مساعد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي قوله إن الطرفين اتفقا على نحو 60 إلى 65 في المائة من نص الاتفاق النووي الشامل. وعنونت جريدة «ابتكار» في صفحتها الرئيسة «تدخل الجولة السادسة من المفاوضات في فيينا مرحلة صعبة». وأشارت صحيفة «كيهان» إلى مشاركة وزراء خارجية أربع دول أوروبية بهدف «اتخاذ قرارات صعبة» في فيينا.

وأعلن عراقجي عن حصول اتفاق بين إيران ومجموعة «5+1» على أجزاء من نص الاتفاق الشامل، ولكنه أضاف أن «القضايا الخلافية المتبقية لها ثقل كبير، ولم نحرز تقدما خلال هذه الجولة من المفاوضات».

وخصصت جريدة «شرق» عنوانها الرئيس في عددها الصادر أمس (الأحد) للملف النووي والمفاوضات الجارية وإمكانية نجاحها، وردا على هذا السؤال قال المستشار السابق لأوباما في مجلس العلاقات الخارجية الأميركية غاري سيمور: «لا أستبعد الوصول إلى الاتفاق النهائي حتى 20 يوليو في حال عدم حصول أي تطورات، لأن الطرفين يشعران بالرضا نسبيا من الظروف التي مهد لها الاتفاق المرحلي. وتمكنت الولايات المتحدة و(القوى الكبرى) نسبيا من تعليق البرنامج النووي الإيراني مقابل رفع جزئي للعقوبات، وعدم إلغاء الأجزاء الرئيسة من العقوبات. في المقابل، فإن إيران تمكنت من إضفاء حالة من الاستقرار على اقتصادها من دون أن تخسر المكونات الرئيسة لبرنامجها النووي».

وأعرب الخبير في الشؤون السياسية والدولية والأستاذ الجامعي الدكتور هرميداس باوند عن تفاؤله بشأن التطورات التي تشهدها المفاوضات النووية، وقال في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أمس: «لا نستطيع القول بأن المفاوضات بلغت طريقا مسدودا. لو لم يحصل اتفاق بين الخبراء من الجانبين ولم تكن المفاوضات إيجابية، لما شارك وزراء خارجية (الدول الأوروبية) للوصول إلى الاتفاق الشامل». وأضاف: «أعتقد أن المفاوضات ستثمر خلال الفرصة المتبقية عن نتيجة ملحوظة. ركزت التصريحات الصادرة عن أطراف المفاوضات خلال الفترة الأخيرة على البحث عن نقاط الضعف في المفاوضات، وسبل معالجتها، أكثر من توجيه تهديدات إلى إيران. الأمر الذي يمثل إشارة جيدة في المفاوضات الدولية».