مقبرة النجف تضيق بجثث المتطوعين لمحاربة الجماعات المسلحة

مسؤول دفن: نتلقى كل يوم 15 جثة

TT

يشير نشاط قطاع الجنازات ودفن الموتى في النجف إلى أن معدلات القتلى مرتفعة هذا الشهر مثلما كانت في الشهر الماضي على الأقل مع وصول جثث قتلى الجنود الشيعة ومقاتلي الميليشيات والمتطوعين والمدنيين من مختلف أنحاء البلاد، حيث تدور معارك مع مسلحي «الدولة الإسلامية» (داعش) والتنظيمات المسلحة الأخرى.

وأحد القتلى هو صلاح الوائلي الذي استجاب لنداء المرجع الشيعي الأعلى آية الله علي السيستاني إلى «الجهاد الكفائي» وتطوع هذا الشهر في صفوف ميليشيا قرب بغداد تقاتل المسلحين الذين اجتاحوا شمال العراق ويهددون العاصمة بغداد. وبعد أسبوع عاد المقاتل البالغ من العمر 27 عاما جثة هامدة، فقد قتل في معركة بالقرب من مدينة الرمادي في غرب العراق يوم الجمعة الماضي لينضم بذلك إلى قائمة متنامية من الخسائر البشرية من أحدث موجات الصراع في العراق الذي نكب بحروب وعقوبات دولية وحرب طائفية لفترة تزيد على عمر الوائلي القصير.

وحسب تقرير لوكالة «رويترز»، فقد اختلط الحزن بألفة كئيبة بالنسبة لعائلة الوائلي التي دفنته في مقبرة واسعة يتزايد ازدحامها بساكنيها يوما بعد يوم وتعرف باسم «وادي السلام» خارج مدينة النجف. ويرقد صلاح الآن في مثواه الأخير في مقبرة للأسرة إلى جوار ثلاثة أجيال من أقاربه قتلوا في معارك أو اضطرابات داخلية ترجع إلى العام الذي ولد فيه عندما كان العراق يخوض حربا مع إيران. وقال عمه عبد الحسين الوائلي قبل نقل جثمان صلاح لدفنه إلى جوار أحد أعمامه وابن عمه وعم والده: «تعودنا على تقديم الشهداء. نحن بلد التضحية وهذا قدرنا».

وقالت الأمم المتحدة إن أكثر من 2400 عراقي، ثلثاهم من المدنيين، سقطوا قتلى في أعمال عنف خلال الشهر الماضي الذي شن فيه مقاتلو تنظيم الدولة الإسلامية هجومهم عبر المحافظات التي تسكنها أغلبية سنية في العراق. وكان عدد القتلى في يونيو (حزيران) ثلاثة أمثاله في مايو (أيار)، وهو ما يعيد للأذهان ذكريات الحرب الطائفية عامي 2006 و2007.

وقال علي هاشم الذي يدير مركز الشهيد الصدر الذي ينقل إليه القتلى لغسلهم قبل الدفن: «نستقبل 25 جثة في المتوسط كل يوم». وكانت عقارب الساعة تشير إلى العاشرة من صباح يوم السبت عندما قال هاشم: «منذ الصباح تسلمنا ثلاث جثث». وأضاف أن الجثث القادمة من محافظات أبعد في العراق تصل لاحقا. وتابع: «نحن نعمل دائما حتى في الليل. قبل الصلاة وبعد الصلاة». وتابع: «أشعر بأنني مستنزف على المستويين الجسدي والإنساني».

وأمام مكتب هاشم وقفت نحو عشر نساء متشحات بالسواد يحتمين ببقعة صغيرة من الظل من هجير الشمس. وتعالى نشيج النساء لدى وصول جثة جديدة لغسلها وتجهيزها للدفن. وراح رجال، بعضهم يبدو في حالة صدمة، يتجولون بين مكتب تسجيل تكومت فيه عشرات الأكفان على أحد الجوانب وغرف الغسل.

وحمل نعش صلاح الوائلي أعضاء في ميليشيا عصائب أهل الحق التي كان صلاح يقاتل في صفوفها عندما قتل يوم الجمعة ومعهم قائدهم حيدر التميمي وهو يرتدي زيا عسكريا ويضع شعار القوات الخاصة. وقال التميمي إن ستة من جنود الجيش العراقي قتلوا مع صلاح خلال القتال في الرمادي. وأضاف: «المئات سيتبعون صلاح».