خبراء طيران لـ «الشرق الأوسط» : مسارات الطائرات تحدد قبل الإقلاع ولا مجال للخطأ فيها

«منظمة النقل الجوي الدولي» تشدد على أن الطائرة الماليزية سلكت الخط الجوي المسموح به

أوكرانيون يضعون وردا أمام السفارة الهولندية في كييف أمس لتذكر ضحايا الطائرة المنكوبة الذين مثل الهولنديون الغالبية بينهم (أ.ف.ب)
TT

أربعة أشهر مضت على حادثة اختفاء الرحلة «إم إتش 370» التابعة للشركة الماليزية، التي كانت في طريقها من كوالالامبور إلى بكين، في الثامن من مارس (آذار) الماضي، ولغاية اليوم لم يوجد أثر لها، وفي وقت لا تزال الشركة تلملم جراحها، حلت بها حادثة غامضة أخرى أول من أمس، بعد إسقاط رحلتها «إم إتش 17» بصاروخ متطور فوق أراضي شرق أوكرانيا.

التكهنات كثيرة ومتعددة، الفاعل مجهول والتخمينات مبدئية ولا تزال ملابسات الحادث في بدايتها، والكل بانتظار نتائج المحادثات التي تمت على متن الرحلة التي ضربها صاروخ بعد ساعتين من انطلاقها من أمستردام في طريقها إلى كوالالامبور.

اتصلت «الشرق الأوسط» بمنظمة النقل الجوي الدولي «إياتا»، واكتفت إدارتها الممثلة بمديرها العام توني تايلر بالتشديد على أن الطائرة الماليزية وهي من طراز بوينغ 777 كانت تحلق وقت سقوطها في أجواء مسموح بها، وكانت في المسار الجوي المسموح به ولا تشوب هذا المسار أي قيود.

وللاطلاع على مزيد من المعلومات اتصلت «الشرق الأوسط» أيضا بالخبير الجوي والطيار في خطوط طيران الشرق الأوسط الكابتن محمد عزيز، برأيه فإن جميع شركات الطيران العالمية تحدد مسارها الجوي قبل الإقلاع، وهذا الأمر لا يمكن الخطأ فيه، فيوضع برنامج للرحلة ومسار الطائرة والطريق الجوي الذي ستسلكه، كما يتم الحصول على موافقة جميع الدول التي ستمر الطائرة بأجوائها. وأضاف عزيز أن لكل شركة طيران طريقتها في وضع المسار الجوي لرحلاتها ولكن لا يمكن بأن يقرر الطيار تغيير مساره من دون علم مسبق ومن دون سماح الدولة التي يحلق فوقها بذلك.

وبالنسبة للصاروخ المفترض الذي ضرب الطائرة الماليزية، يقول عزيز إن من المؤكد أنه تابع لدولة، لأن الطائرة كانت تحلق على علو مرتفع جدا ولا يمكن أن يطالها صاروخ أو سلاح عادي، إنما هو صاروخ انشطاري من شأنه أن يضرب ويفتت، وهذا واضح من خلال ما رأيناها من حطام وتفحم.

وبرأي عزيز فإن قراءة محتوى الصندوق الأسود ستساعد كثيرا على حل اللغز وحيثيات الحادثة، لأن من المهم معرفة ما إذا كان الطيار حصل على إذن من أوكرانيا لسلوك المسار الذي كان فيه، كما أنه يجب أن يكون هناك تنسيق دقيق ما بين مصلحة الملاحة على الأرض والطائرة، فبعد رصد الطائرات بواسطة الرادار لا بد أن يكون مركز الرصد الجوي في كل بلد على دراية بتحليق أي طائرة في أجوائه، ومن ناحية الأمن والسلامة، لا يجوز للطيار تغيير مساره من دون إخطار مسبق بذلك لأسباب كثيرة منها ما ذكرنا وأخرى لها علاقة بإمكانية وجود طائرة أخرى قد تكون في نفس المسار في نفس الوقت، وإلا فقد تكون النتائج وخيمة. وتابع عزيز أنه يجب أن يكون هناك تنسيق جيد ما بين مصلحة النقل الجوي المدني والعسكري لتفادي وقوع أي حادثة، وقد تكون هذه هي المشكلة التي تسببت في حادثة الطائرة الماليزية في أوكرانيا.

يذكر أنه بسبب النزاع السياسي الذي تشهده أوكرانيا منذ مطلع العام تلقت شركات طيران في وقت سابق تحذيرا بعدم التحليق في مناطق ساخنة محددة بالبلاد. واطلعت «الشرق الأوسط» على «مذكرة داخلية» لشركة طيران عربية يعود تاريخها إلى 10 أبريل (نيسان) 2014. وتشير إلى أن التحليق في محيط مدينة سيمبروفول في شبه جزيرة القرم «غير آمن».

وبحسب خبير جوي لم يرد ذكر اسمه، فإن شركات الطيران غالبا ما تغير مسارها وتحورها في حال كانت الرحلة تحتم التحليق فوق أراض ساخنة أو في حالة حرب، كما هي الحال مع سوريا والعراق أو اليمن، وفي هذه الحالة يتم تغيير مسار الرحلة حتى لا تتعرض الطائرة لأي نوع من الخطر، وهذا الأمر تحدده وتقرره شركة الطيران.

يشار إلى أن شركة كوانتس الأسترالية وكاثي والخطوط الجوية السنغافورية غيرت مسارها أول من أمس ولم تسلك المسار الجوي الذي سلكته الطائرة الماليزية.

وأصدرت الشركة الماليزية قرارا وتم العمل به فورا يفيد بتحويل جميع المسارات الأوروبية لجميع رحلاتها، كما شددت على أن المسار الذي كانت تسلكه طائرتها في أوكرانيا كان مصرحا به من قبل مصلحة النقل الجوي الدولي، وهم الشركة حاليا هو تقديم المساعدة لذوي الضحايا الذين قضوا في الرحلة المشؤومة، وتوجه فريق من المتطوعين إلى أمستردام لمساعدة العائلات المنكوبة.

وبحسب مصلحة المراقبة الجوية الأوروبية «يورو كونترول» فإن الطائرة الماليزية كانت على علو عشرة آلاف متر عندما اختفت من الرادار، كما أن المسار الذي كانت تسلكه كان قد أغلق من قبل السلطات الأوكرانية على علو 320 متر ولكنه تم فتحه مجددا في الوقت التي كانت الطائرة تحلق فيه.

أخيرا، وفي وقت تشدد المطارات على الإجراءات الأمنية لدرجة أن سلطات أمن بعض المطارات تمنع السفر بأجهزة إلكترونية غير مشحونة، بعد حصول السلطات الأميركية على معلومات مفادها أن الطائرات الأميركية معرضة لعمل إرهابي قد يتم من خلال جهاز إلكتروني قد يكون هاتفا ذكيا، ولا يزال المسافرون يعانون من التشديد الأمني ويمنعون من حمل السوائل عند نقاط التفتيش في المطارات، ولكن حادثة أول من أمس أثبتت أن أمن الطيران والملاحة مهدد بشدة في الأجواء أيضا.