فابيوس حمل أفكارا ومقترحات بحثا عن دور فرنسي

يقترح التباحث حول تفاهمات 2012 وإدخال تعديلات عليها

TT

لم يصل وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس وهو ثالث وزير خارجية أوروبي «بعد نظيريه الألماني والإيطالي» يزور المنطقة منذ اشتعال الحرب قبل عشرة أيام بين إسرائيل وحماس خاوي الوفاض إذ أن مصادر فرنسية رسمية أفادت أنه يحمل في جعبته «بعض المقترحات والأفكار» التي يريد مناقشتها ليرى الدور الذي يمكن أن تلعبه فرنسا ومعها أوروبا والمساهمة التي تستطيع تقديمها من أجل الوصول إلى «الهدف الرئيس» أي وقف النار.

وقالت مصادر فرنسية تحدثت إليها «الشرق الأوسط» إن باريس ترى الخروج من التصعيد الحالي في ثلاث مراحل هي كالتالي: وقف النار «فورا» إذا أمكن وبـ«أسرع وقت» في أي حال، والعودة إلى الهدنة التي أبرمت في العام 2012 «مع إعادة النظر بها على ضوء مطالب الطرفين» وهي أمنية من الجانب الإسرائيلي وحياتية معيشية من جانب حماس فيما المرحلة الثالثة تقوم على العودة إلى المسار التفاوضي. وبحسب المصادر الفرنسية، فإن الهدنة المشار إليها «لا يمكن أن تكون ثابتة أو أنها لن تصمد إلا إذا أفضت إلى مناقشة الاهتمامات الأمنية كما تراها إسرائيل واهتمامات الفلسطينيين في غزة أي وضع حد للحصار وفتح المعابر». ثم إن كل ذلك يجب أن يفضي إلى «المفاوضات السياسية» التي تبدو اليوم بعيدة جدا.

لكن المصادر الفرنسية تعترف بأن المشكلة تكمن في إنجاز المرحلة الأولى أي وقف النار. وفي هذا الإطار، فإن باريس «تدعم المبادرة المصرية» كما تقول مصادرها وهذا ما نقله الوزير فابيوس إلى نظيره المصري وإلى الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي يلتقيه اليوم. وهو أول اجتماع من هذا المستوى بين مسؤول فرنسي كبير والرئيس المصري الجديد.

وتريد باريس أن تستفيد من علاقاتها الجيدة مع كافة الأطراف التي لها تأثير على الوضع «لمحاولة لعب دور الوسيط» وهو ما يفسر طلب الرئيس الفلسطيني محمود عباس من فابيوس الاتصال بالجانبين القطري والتركي لما لهما تأثير على حماس.

وترتبط فرنسا وقطر بعلاقات وثيقة ظهرت خلال الزيارة الرسمية التي قام بها أمير قطر مؤخرا إلى باريس. أما العلاقات مع تركيا فقد «تطبعت» منذ مجيء هولاند إلى السلطة بعد التوتر الذي سادها خلال رئاسة نيكولا ساركوزي بسبب رفضه المطلق لفكرة انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي وبسبب ما قامت به فرنسا على صعيد الاعتراف بالمجازر التركية التي حصلت بحق الأرمن وهو ما يثير حساسية الأتراك.

وبما أن باريس لا تقيم، مثلها مثل بقية بلدان الاتحاد الأوروبي، اتصالات مباشرة مع حماس فإنها تعول على صداقاتها القطرية والتركية للاستجابة لرغبة الرئيس محمود عباس من جهة وللسعي لدفع حماس لمواقف قابلة للهدنة من غير «رفع السقف كثيرا» بحسب ما قالته المصادر الفرنسية. وسبق للرئيس هولاند أن تشاور مع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد أثناء وجود خالد مشعل في الدوحة.. كذلك اتصل هولاند بالرئيس التونسي منصف المرزوقي إضافة إلى لاتصالاته مع الجانب الأميركي والشركاء الأوروبيين.

ويحمل فابيوس اقتراحا عمليا يكمن في إعادة إحياء دور المراقبين الأوروبيين الذين نشروا في العام 2005 على معبر رفح بين غزة ومصر عقب انسحاب إسرائيل من القطاع صيف العام المذكور. وتريد باريس، كما فهم من تصريحات فابيوس قبل يومين، ألا تنحصر مهمة المراقبين في معبر رفح وفق الصيغة القديمة بل كذلك المعابر بين غزة وإسرائيل. وقال الوزير الفرنسي إن أوروبا «جاهزة للقيام بعمل ما وتحديدا عبر ما يسمى EUbam أي العناصر التي يمكنها فرض الرقابة على المعابر بين غزة وإسرائيل». وأفادت المصادر الفرنسية أن فابيوس تحادث بخصوص هذه المبادرة مع نظيره المصري سامح شكري وأن الدول العربية «موافقة» على المبادرة التي يفترض أن تحظى بموافقة الخمسة الدائمين في مجلس الأمن الدولي فضلا عن موافقة الاتحاد الأوروبي. غير أن فابيوس عاد أمس ليتحدث فقط عن رفح وليس عن المعابر مع إسرائيل. لكن الاقتراح الفرنسي يستبطن مشكلة أخرى إذ أن الأوروبيين يرفضون التعاون مع حماس ويحصرونه بالسلطة الفلسطينية الأمر الذي يفتح الباب على مسائل أخرى فلسطينية - فلسطينية.

وتعي باريس، وفق مصادرها، وجود عملية «لي ذراع» دبلوماسية تلعب بشأن حرب غزة. لذا، فإنها تريد ألا يكون المدنيون الفلسطينيون هم من يدفع لثمن.

وبعد القاهرة التي زارها أمس، يصل فابيوس اليوم إلى عمان وبعدها ينتقل إلى إسرائيل للاجتماع برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. وربما سيعمد الوزير الفرنسي إلى «استثمار» مواقف الرئيس هولاند المهادنة لإسرائيل لعلها بالمقابل تستجيب لما سيطرحه عليها من أفكار بشأن المطالب التي يمكن أن تسهل الوصول إلى وقف النار.