الحريري يطلق «خريطة طريق لبنانية» أولويتها انتخاب رئيس يتوافق عليه المسيحيون

جدد مطالبته حزب الله بالخروج من سوريا بعدما «أصبح جزءا من مثلث تقوده إيران»

رئيس الحكومة اللبنانية السابق سعد الحريري
TT

أطلق رئيس تيار المستقبل (رئيس الحكومة السابق) سعد الحريري «خارطة طريق» لبنانية أولويتها المصلحة الوطنية والاستقرار على حساب أي مصالح أو ولاءات أخرى، وفق ما أكد في كلمة له ألقاها عبر الشاشة من مقر إقامته في السعودية، خلال الإفطار السنوي الذي أقامه «تيار المستقبل» أمس في مجمع بيال في بيروت ومختلف المناطق اللبنانية.

وتضمّنت الخارطة ست نقاط رئيسة أهمها الدعوة إلى انتخاب رئيس جديد متوافق عليه من المسيحيين، وإنهاء الفراغ باعتباره أولوية تتقدم على أي مهمة وطنية أخرى وتشكيل حكومة جديدة على صورة الحكومة الحالية تتولى مع الرئيس الجديد إدارة المرحلة، إضافة إلى إجراء الانتخابات النيابية في المواعيد التي يحددها القانون وتجنّب أي شكل من أشكال التمديد للمجلس النيابي.

وفيما أعلن عن تحرك لبدء المشاورات مع الحلفاء في قوى 14 آذار، ومختلف القوى السياسية عنوانها البحث عن أي طريقة لإنهاء حال الشغور في رئاسة الجمهورية، طالب الحريري حزب الله بالانسحاب من الحرب السورية، معتبرا بأنّه «أصبح جزءا من مثلّث تقوده إيران وفيه دولة نوري المالكي في العراق ودولة بشار الأسد في سوريا، وهو ما يشكّل عبئا على لبنان وسلامةِ اللبنانيين». وأضاف: «انخراط الحزب في هذه الحرب هو مشروع مجنون يستدعي جنونا مقابلا على بلدنا، نشهده على شكل إرهاب وانتحاريين وخوف وشلل اقتصادي وأزمات اجتماعية».

وشدد الحريري في كلمته على ضرورة إعداد خطة وطنية شاملة لمواجهة الإرهاب بكل أشكاله ومسمياته، ودعا إلى التوافق على خطة طوارئ رسمية لمواجهة أزمة النازحين السوريين إلى لبنان للحيلولة دون إغراق لبنان في تداعيات الأزمة السورية اجتماعيا وأمنيا واقتصاديا.

وجدد الحريري تأكيده بأن «لا فيتو» من قبل «تيار المستقبل»، على أحد، والقرار النهائي في رئاسة الجمهورية هو للتوافق المسيحي، قائلا: «نشارك في كل جلسات مجلس النواب ونؤمن النصاب، وفي هذه المرحلة التي يمر فيها البلد، نحن عامل مساعد لانتخاب الرئيس، بينما العامل المقرر هو توافق المسيحيين على مرشح، ونحن نوافق عليه سلفا، من دون أي تحفظ»..

وشدد الحريري على أهمية إجراء الانتخابات النيابية في موعدها رافضا التمديد لمجلس النواب، قائلا: «مدخل الانتخابات النيابية هو انتخاب رئيس للجمهورية لأن انتخابات نيابية من دون وجود رئيس تعني حكومة مستقيلة حكماً، واستحالة تشكيل حكومة جديدة لأن الأسئلة الحقيقية موجودة حول من يجري الاستشارات النيابية ومن يوقع مرسوم تشكيل الحكومة، في غياب رئيس للجمهورية؟. وهذا يعني بكل بساطة دخول لبنان في سيناريو انهيار تام للدولة.

وأوضح: «من هذا المنطلق كان انفتاحنا على القيادات المسيحية السياسية والروحية لتجنب الوقوع في الفراغ والبحث عن قواسم مشتركة ولمقاربة مختلف المسائل الوطنية بفتح آفاق جديدة للتعاون على إيجاد الحلول بغض النظر عما سينتهي إليه ملف الرئاسة»، في إشارة إلى المباحثات الأخيرة التي جمعته مع خصمه المسيحي النائب ميشال عون الذي يطرح نفسه مرشحا توافقيا، من دون أن تتوصل إلى نتائج إيجابية.

وتوجه إلى كل القيادات اللبنانية قائلا: «لبنان أهم منا جميعا. وأي محاولة للقفز فوق صيغة الوفاق الوطني واتفاق الطائف هي خطوة في المجهول لا تضيف إلى الواقع السياسي الراهن سوى المزيد من التعقيد والانقسام والفراغ».

وتطرق الحريري إلى الوضع الأمني في لبنان وما شهدته البلاد من تفجيرات، مثنيا عل عمل وزارتي الدفاع والداخلية والأجهزة الأمنية الرسمية التي عملت على كشف شبكات الإرهاب والقائمين عليها.

وأضاف: «مشكلة الإرهاب هي مع جميع اللبنانيين من كل الطوائف والمناطق، وملاحقة الإرهاب مسؤولية الجميع، تحت سقف الدولة. أما خلاف ذلك، فتتحول مواجهة الإرهاب إلى مواجهة مذهبية طرفها الأول، التنظيمات والخلايا التي تنتمي إلى القاعدة و«داعش»، وغيرها من أوكار الإرهاب، وطرفها الثاني حزب الله، الذي صار جزءا لا يتجزأ من منظومة القتال في سوريا والدفاع عن نظام بشار الأسد. مضيفا: «كل تنظيم يرمي بالشباب إلى التهلكة والتفجير هو بالنسبة لنا إرهاب وعدو للبنان، وأهل السنة في لبنان معنيون كباقي اللبنانيين بمكافحة هذه الآفة ومنع امتدادها ورفض شعاراتها».

وشدد على أن أي كلام عن وجود حاضنة للخلايا الإرهابية في الوسط السني هو كلام مشبوه ومرفوض يرمي إلى تبرير الإصرار على المشاركة في الحرب السورية. وأوضح: «هناك من يحاول تزوير إنجازات الخطة الأمنية وتصويرها على أنها خطة موجهة ضد السنة في لبنان، لكن هناك تجاوزات وقعت من قبل بعض الأجهزة، وهي تجاوزات مرفوضة وتتم معالجتها، لكن موقفي واضح بأن أي اعتقال عشوائي وغير مبرر وانتهاك لحقوق المواطنين السياسية والإنسانية مرفوض وأي مسؤول يرتكب مثل هذه التجاوزات يسيء إلى الأجهزة الأمنية وعلاقة الناس بالدولة، ويجب أن يحاسب.

وفي بداية كلمته دان الحريري العدوان الإسرائيلي على غزة، ودعا إلى يجاد آلية دولية تمكن الشعب الفلسطيني من إقامة دولته المستقلة، وعاصمتها القدس الشريف.

وحمل المجتمع الدولي المسؤولية الأخلاقية والإنسانية عن تغطية جرائم إسرائيل، من حصار غزة إلى مشاريع الاستيطان ومؤامرة تهويد القدس والاعتداء على المسجد الأقصى، معتبرا أن السكوت وتبرير العدوان على الشعب الفلسطيني سيقطع الأمل بكل مبادرات السلام ويفتح الطريق أمام موجات جديدة من العنف والتطرف وعدم الاستقرار.