قطار تمديد ولاية البرلمان اللبناني ينطلق للمرة الثانية

بعد عاشر فشل في انتخاب رئيس للجمهورية

جانب من جلسة البرلمان اللبناني حيث فشل النواب للمرة العاشرة في انتخاب رئيس جديد للبلاد (إ.ب.أ)
TT

انطلق عمليا، أمس الثلاثاء، قطار التمديد لمرة ثانية للبرلمان اللبناني، مع تقديم النائب نقولا فتوش اقتراح قانون لهذا الغرض، تزامنا مع فشل النواب للمرة العاشرة أمس في تأمين النصاب القانوني لانعقاد جلسة انتخاب رئيس جديد، خلفا للرئيس اللبناني السابق ميشال سليمان الذي انتهت ولايته في 25 مايو (أيار) الفائت.

وأرجأ رئيس البرلمان نبيه بري جلسة انتخاب الرئيس إلى مطلع شهر سبتمبر (أيلول) المقبل، بعدما قاطعها أمس نواب «حزب الله» وتكتل التغيير والإصلاح الذي يترأسه النائب ميشال عون وعدد آخر من نواب «8 آذار»، في حين حضرها معظم نواب قوى 14 آذار الذين اتهموا المعطلين بارتكاب «الجريمة الكبرى» بحق الرئاسة. وخرق النائب نقولا فتوش رتابة المشهد في البرلمان، حيث تكرر وللمرة التاسعة على التوالي سيناريو المقاطعة نفسه بعدما كان نواب «8 آذار» صوتوا في الجلسة الأولى لانتخاب رئيس بورقة بيضاء، إذ تقدم النائب عن منطقة زحلة، شرق البلاد، باقتراح قانون معجل مكرر إلى الأمانة العامة لمجلس النواب، يطلب فيه التمديد للمجلس النيابي سنتين وسبعة أشهر، وهو كان قد تقدم بمشروع مماثل في عام 2013 تم تبنيه والتمديد للمجلس الحالي 17 شهرا.

وبرر فتوش في تصريح له من مجلس النواب تقديمه مشروع القانون باعتبار أن الظروف لا تتيح إجراء الانتخابات، مشددا على أنّه ليس «هاويا» لتقديم اقتراح قانون للتمديد. وقال «أعرف الدستور جيدا وأعرف أحكامه، وأن التمديد لا ينص عليه الدستور، لكن هناك ظروفا استثنائية تولد معطيات استثنائية استنادا إلى مواد الدستور، ويتبين أن الظروف الاستثنائية تعطي الحق للمجلس النيابي وحده في التمديد لنفسه بولاية كاملة وبالقانون في حال الخطر الداهم».

وقال مصدر نيابي في قوى «8 آذار» لـ«الشرق الأوسط» إن «التمديد أصبح أمرا واقعا، إلا أن الخلاف الحاصل اليوم حول مدته، ففيما يدعو البعض لأن يقتصر على عام ونصف العام، يفضل الطرف الآخر أن يمتد لعامين ونصف العام باعتبار أن الملفات متشابكة في المنطقة وقد لا تتبلور الصورة حتى بعد مرور سنة ونصف السنة».

ولاقى تيار المستقبل اقتراح فتوش سريعا، إذ ربط زعيمه رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري بين الانتخابات الرئاسية وتلك النيابية، مشددا على أنه «إذا لم يحصل الاستحقاق الرئاسي أولا فلن يكون هناك استحقاق نيابي». وقال الحريري بعد لقائه وفدا من الهيئات الاقتصادية في مقر إقامته في «بيت الوسط» في بيروت «أنا مع إجراء الانتخابات الرئاسية أولا، وإلا فلا انتخابات نيابية، لأننا لا نريد أن نصل إلى سيناريو العراق، حيث إنه في وقت من الأوقات لم يكن هناك لا رئيس جمهورية ولا رئيس مجلس نواب ولا حكومة، وبالتالي حصل انهيار شامل للبلد».

وأشار الحريري إلى أنه «إذا وصلنا إلى مرحلة اضطررنا فيها للتمديد لمجلس النواب، فأنا مع التمديد، حتى وإن كان ذلك آخر خيار أريده»، موضحا أن «هذا الأمر طرحته مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري، وقد وجدت أنه حتى هو لا يريد التمديد للمجلس، ولا نحن كتيار مستقبل، كذلك، لكننا أيضا لا نريد أن نكون كمن يطلق النار على رجليه أو ينحر نفسه، فهذا الموضوع هو جريمة بحق البلد».

وأكد رئيس كتلة المستقبل النيابية، رئيس الحكومة الأسبق، فؤاد السنيورة، في تصريح له من مجلس النواب «إننا نريد الانتخابات، وهذا القرار مبدئي ويجب أن نحاول أن نلتزم به، وإذا كان ذلك متعذرا فلنكن واقعيين ونتحمل مجتمعين الموضوع، لا أن يزايد كل واحد على الثاني».

وكان وزير الداخلية نهاد المشنوق أعلن الأسبوع الماضي أن الظروف الأمنية التي يمر بها لبنان لا تسمح بإجراء الانتخابات النيابية، لكن رئيس مجلس النواب نبيه بري كان له رأي مغاير، إذ اعتبر في وقت سابق أن التمديد غير وارد خاصة أن المجلس الحالي الذي لا يشرّع لا يستحق تمديد ولايته.

ويُجمع الفرقاء كافة على رفض التمديد مرة ثانية للمجلس، علما بأن الكل سار به في يونيو (حزيران) 2013 إلا تكتل عون الذي تقدم بطعن بالقرار النيابي أمام المجلس الدستوري. وبدا لافتا ما أعلنه رئيس حزب الكتائب أمين الجميل، أمس الثلاثاء، متحدثا عن «بوادر إيجابية بملف الانتخابات الرئاسية قبل الوصول إلى مشارف نهاية ولاية المجلس النيابي». وقال في تصريح له أمس «الأمور غير مغلقة على الرغم من أن البعض يعتبرها صعبة».

وطالب الجميل «بعض الأفرقاء لا سيما (حزب الله) بأن يسهّلوا إجراء الانتخابات الرئاسية، لأن العراقيل التي تحصل ليست فقط نتيجة استمرار النائب ميشال عون في ترشحه، وإنما أيضا نتيجة الدعم الذي يحصل عليه، ولذلك المفروض من الأفرقاء الذين يسهمون في تأجيل الانتخابات أن يتفهموا خطورة هذا الأمر، وتحصل مصارحة حقيقية ضمن الصف الواحد وعلى الصعيد اللبناني حتى ننجز هذا الاستحقاق في أسرع وقت».

ولاقى إيجابية الجميل موقف للنائب عن تكتل عون، حكمت ديب، أشار فيه إلى أن «هناك أجواء متفائلة حول انتخاب رئيس للجمهورية». وكان نائب الأمين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم جدّد، في حديث لتلفزيون «المنار» التابع للحزب، موقفه الداعم للقرارات التي يتخذها عون بالملف الرئاسي، وقال «مرشحنا لرئاسة الجمهورية معروف وعلى الفريق الآخر التفاهم معه»، معتبرا أن عودة الحريري إلى لبنان «غير مرتبطة بتطور ما في الانتخابات الرئاسية».

ووصف رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع مقاطعة معظم نواب «8 آذار» للجلسة العاشرة لانتخاب رئيس بـ«الجريمة الكبرى في حق رئاسة الجمهورية»، وقال في تصريح «كأننا نلغي موقع الرئاسة الأولى من خلال استهتارنا به وكيفية التعاطي مع الجلسات التي ندعى إليها لانتخاب رئيس، في وقت بات فيه العالم العربي والعالم بأسره في أمس الحاجة إلى هذا الموقع الرئيس المسيحي في لبنان في خضم ما يحدث في الشرق الأوسط». ودعا جعجع «المواطنين الذين انتخبوا هؤلاء النواب إلى محاسبتهم، عبر إيجاد باب من أبواب المراجعة القانونية لملاحقتهم ودفعهم للقيام بواجبهم في انتخاب رئيس للجمهورية».