دعا خبراء بالأمم المتحدة في مجال حقوق الإنسان أمس، في رسالة إلى المجتمع الدولي، إلى تحرك عاجل لمنع حصول «إبادة» للإيزيديين في العراق على يد تنظيم «داعش» المتطرف.
وأكدت الخبيرة في مسائل الأقليات لدى الأمم المتحدة، ريتا إسحاق، في بيان نشر بجنيف، «وجوب اتخاذ التدابير الممكنة كافة على عجل لمنع ارتكاب فظائع جماعية وإبادة محتملة في الساعات والأيام المقبلة». وقالت في هذه الرسالة التي تحمل تواقيع عدد من خبراء الأمم المتحدة إن «مسؤولية حماية الشعوب من خطر جرائم مريعة تعود إلى الحكومة العراقية والمجتمع الدولي على حد سواء»، حسبما أفادت به وكالة الصحافة الفرنسية.
وقد لجأ عشرات آلاف الإيزيديين إلى جبل سنجار هربا من زحف مسلحي «داعش». وأكدت المفوضية العليا للاجئين أمس، أن 35 ألف شخص هربوا من منطقة سنجار ولجأوا خلال الـ72 ساعة الأخيرة إلى محافظة دهوك بإقليم كردستان العراق مرورا بسوريا. والواصلون الجدد يعانون الإعياء الشديد والجفاف.
وأوضح المتحدث باسم المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة أدريان إدوارد: «نقدر أن 20 ألفا إلى 30 ألف شخص ما زالوا عالقين في جبال سنجار بلا مأوى ومن دون أمان، ومحرومين من الغذاء والمياه». ونقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية قوله: «إن الوصول إلى هذه الأسر محدود جدا».
ونقلت المفوضية العليا عن رئيس بلدية زاخو أن هذه المدينة في كردستان العراق، القريبة من الحدود التركية، تستضيف الآن أكثر من مائة ألف نازح عراقي، غالبيتهم من سنجار وزمار اللتين طردوا منهما من قبل مسلحي «داعش» خلال الأسبوع الماضي. وفتحت السلطات المحلية مدارس ومباني عامة لإيواء النازحين، فيما احتمى آخرون تحت الجسور أو في مبان قيد الإنشاء، بحسب المفوضية العليا للاجئين.
وباتت محافظة دهوك تستضيف أكثر من 400 ألف نازح غالبيتهم من أقليات عراقية، فيما تستضيف كردستان العراق 700 ألف نازح، بحسب المفوضية العليا للاجئين. وهم موزعون على مئات المواقع المختلفة. وتوزع المفوضية العليا للاجئين عليهم إعانات، وتعتزم بناء ثلاثة مخيمات إضافية.
وهرب ما بين عشرة آلاف وخمسة عشر ألفا من الإيزيديين من منطقة سنجار ولجأوا أيضا إلى شمال شرقي سوريا قرب القامشلي.
والإيزيديون الواصلون استبد بهم التعب والخوف ويقولون بأسى إنهم خلفوا وراءهم ذويهم في العراء.
دخيل، وهو راعي غنم، فر مع أسرته إلى أخاديد صخرية عند المراعي المحيطة بسنجار، لكن عندما بدأ رحلته الشاقة والخطيرة بحثا عن ملاذ آمن بعيدا عن جبل سنجار، ترك والدته البالغة من العمر 95 سنة. قال دخيل لوكالة «رويترز»: «تركت والدتي على الجبل في كهف. قالت لي: أريد البقاء هنا. انجوا بأنفسكم».
وفر دخيل وآلاف آخرون خلال الأيام القليلة الماضية وهبطوا من فوق الجانب الغربي للجبل وعبروا سهلا إلى الحدود السورية ثم عادوا مرة أخرى للعراق إلى إقليم كردستان العراق.
وبالنسبة لكثيرين ممن فروا من جبل سنجار بفضل مساعدة قوات البيشمركة خفيفة التسليح وبع،ض الحراس الإيزيديين جاءت المعونات الغذائية والمياه التي أسقطتها القوات الأميركية والعراقية على الجبل خلال الأيام الخمسة الأخيرة متأخرة جدا.
وقال الناجون الذين وصلوا إلى دهوك، إن محنة سكان سنجار بدأت بقصف قوات «داعش» البلدة في مطلع الأسبوع الماضي وطردهم القوات الكردية، مما دفع الآلاف للفرار إلى قمة الجبل. ولكن، لا يوجد ملاذ آمن. وقال خلف حاجي الذي يعمل في مدرسة: «حين صعدنا لقمة الجبل أطلق القناصة الرصاص علينا. وألقت الفتيات بأنفسهن من فوق قمة الجبل. لم نعد نثق بالعراق. أسروا الآلاف من نسائنا».
ولم يستطع الفارون سوى حمل كميات قليلة من الغذاء والمياه والإسعافات الطبية معهم ولم يجدوا ما يقيهم حرارة الشمس القائظة. وقال شرطي نازع اسمه مورال: «على الجبل... مات أكثر من 30 شخصا جوعا. عاد بنا الزمن أكثر من مائة سنة فوق الجبل» وروى كيف استبد اليأس برجل، مما دفعه ليقتل نفسه وشقيقاته الخمس هربا من المعاناة.
وفي الأمم المتحدة، قال مسؤولون إنهم يبحثون سبل فتح ممر آمن لنقل من لا يزالون محاصرين على قمة الجبل، ولكن ليس هناك ما يشير إلى قرب تحقيق ذلك. وقال كيران دوير، المتحدث باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق المساعدات الإنسانية الموجود حاليا في أربيل، إنه وآخرين يعملون على فتح ممرات آمنة للمحاصرين. وصرح دوير للصحافيين في نيويورك عبر الهاتف: «ليس ضروريا أن نفتح ممرا آمنا وحيدا في الوقت الحالي، وأؤكد أن من يهبطون من الجبل لا يزال أمامهم عبور منطقة خطيرة قبل الوصول لملاذ» أمن».
ورغم المعاناة فوق الجبل، ما زال عشرات الآلاف يلجأون إليه لإدراكهم تهديد المسلحين لحياتهم. وقال مورال، رجل الشرطة، إن المقاتلين الذين سيطروا على سنجار قطعوا أصابع النساء بعد أن عجزوا عن أخذ خواتمهن من أيديهن.