تركيا تبدأ بإخلاء غازي عنتاب من اللاجئين السوريين

بعد إشكالات مع مواطنين أتراك ومظاهرات طالبت بترحيلهم

TT

كانت قلوب اللاجئين السوريين في تركيا، وقيادتهم، مع رئيس الوزراء التركي رجب طيب إردوغان في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، بعد أن دخل وضعهم كمادة سجال أساسية بين المرشحين لهذا المنصب، خصوصا من قبل مرشح المعارضة أكمل الدين إحسان أوغلو الذي وعد الناخبين بـ«تنظيم» وجود السوريين على الأراضي التركية، مستغلا رأيا عاما تركيا يكبر شيئا فشيئا بالاتجاه السلبي، خصوصا من قبل معارضي إردوغان.

وبعد عدة إشكالات في تركيا بين اللاجئين السوريين ومواطنين أتراك، شهدت العاصمة أنقرة موجة احتجاجات انتهت إلى منع إقامة الشبان العازبين في المدينة، فيما تعرضت متاجر للسوريين إلى هجمات من قبل قوميين أتراك.

وبدأت أمس عملية إجلاء 400 عائلة من اللاجئين السوريين من بين 2000 عائلة، في مدينة غازي عنتاب جنوب تركيا، بسبب مظاهرات المواطنين الأتراك المستمرة منذ الاثنين الماضي للمطالبة برحيلهم عن مدينتهم، بعد مقتل مواطن تركي في شجار مع أحد السوريين المقيمين في عقاره، ما أدى إلى تصاعد حدة التوتر. وقال والي غازي عنتاب أردال آطا، إنه سيتم إجلاء نحو 2000 عائلة سورية من المدينة، وإرسالهم إلى مخيمات اللجوء، موضحا أنه سيتم خلال شهر أكتوبر (تشرين الأول) المقبل الانتهاء من أعمال تجهيز مخيمات الحجر الصحي بمدينة إصلاحية، والتي سينقل إليها ما يقرب من 25 ألف أسرة سورية لاجئة ليس لديهم شروط السكن الصحي اللازمة. وعقب هذا الحادث تأزَّمت الأوضاع في المدينة أكثر فأكثر؛ إذ خرج الأهالي في مظاهرات ومسيرات ليلية، معلنين عدم رغبتهم في وجود السوريين على أراضي المدينة، وتخللت هذه المظاهرات والمسيرات اشتباكات وأعمال عنف أسفرت عن تعرض 13 سوريا لإصابات مختلفة بين طعنات سكين وضربات عصي.

في الإطار نفسه، أكد ممثل الائتلاف الوطني السوري في تركيا خالد الخوجة، أن «السياسة التركية تجاه الشعب السوري لن تتغير»، مشيرًا إلى أن «التصريحات الرسمية التركية المتكررة تطمئن السوريين والائتلاف معًا بأن الدعم التركي مستمر تجاه الضيوف السوريين، كما أن سياسة الحكومة التركية بخصوص استقبال السوريين وتقديم الخدمات الصحية والتعليمية والإسكان مستمرة». وأوضح الخوجة أن «التواصل بين الائتلاف ووزارة الخارجية التركية ووالي شؤون السوريين مستمر بهذا الخصوص، وكذلك الأمر مع البلديات أو بعض الولايات، حسبما يسمح الاعتراف بالائتلاف كممثل شرعي للشعب السوري على المستوى السياسي في تركيا». وأضاف الخوجة، أن «رئاسة بلدية عنتاب أكدت وجود جزء من السوريين دون مأوى، وأن بعض العائلات تسكن بشكل جماعي في مكان واحد، لذلك تقوم الحكومة التركية باستضافة السوريين الذي لا قدرة لهم على إدارة معيشتهم في بيوت ضيافة أو في مخيمات» مضيفًا أن «هناك مخيما جديدا في غازي عنتاب يستوعب 25 ألف شخص. وجرى مؤخرًا إخلاء سوريين من مناطق التوتر إلى المخيمات». وأوضح الخوجة، أن «الهجرة من سوريا ما زالت مستمرة، وأزمة اللاجئين تفوق الطاقة الاستيعابية للمخيمات التركية، حيث أصبح عدد السوريين الموجودين في تركيا 1.3 مليون سوري، في حين أن الطاقة الاستيعابية للمخيمات الموجودة 250 ألف لاجئ في 22 مخيمًا، ويوجد في مدينة غازي عنتاب أكثر من 300 ألف سوري». وأعرب الخوجة عن «الشعور بالأسى والحزن تجاه الأحداث التي جرت مؤخرًا في غازي عنتاب، وخصوصا حادثة الاعتداء وقتل الشخص التركي من قبل سوري»، مركزًا على أن «هذه الحادثة فردية ولا يجوز تعميمها على معظم الشعب السوري الذي هاجر رغمًا عنه هربًا من مجازر نظام الأسد وقصفه المستمر للشعب وللبنى التحتية». ووجه الخوجة أصابع الاتهام إلى نظام الأسد الذي ما فتئ يحاول إساءة العلاقة بين الأتراك والشعب السوري، وخلق بؤر توتر بين الجانبين، فقد هدد نظام الأسد بذلك سابقًا وارتكب عناصره تفجيرات منذ فترة على الحدود التركية. وطالب الخوجة المجتمع الدولي بحل مأساة الشعب السوري. ولمح إلى «وجود خطة لدى الائتلاف الوطني السوري لإعادة اللاجئين إلى المناطق الآمنة في سوريا بالتعاون مع أصدقاء الشعب السوري إذا توفرت الحماية الدولية لهم».

ووجه الدكتور محمود أبو الهدى الحسيني، وهو من الشخصيات الحلبية البارزة أمس نداء إلى الأتراك أشاد فيه بـ«الشعب الذي قادنا وقاد العالم الإسلامي 500 عام فكان القوي الأمين».

وقال: «ها هم أبناء سوريا لا يجدون صدرا حانيا كصدر تركيا الحبيبة.. فقد جفاهم إخوانهم العرب وأغلقوا في وجوههم الأبواب». وأضاف: «قد تكون الشدة والمحنة التي آلمت السوريين سببا في خروج بعضهم عن القواعد العامة.. وإننا نناشدكم الله أن تعذروا تلك القلة المسيئة فأكثر القادمين من السوريين إليكم هم أهل مودة وتقدير واحترام».