ترحيب عراقي بتنحي المالكي.. والسيستاني يدعو للتعاون مع العبادي

تحالف القوى العراقية: نستطيع أن نؤسس لمرحلة من الشراكة الفعلية في القرار السياسي

TT

بينما تجاهل رئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته نوري المالكي الإشادة بالمرجعية الدينية في خطاب التنحي بعكس كل خطاباته طوال السنوات الثمانية الماضية من حكمه، فقد اكتفى المرجع الشيعي الأعلى آية الله علي السيستاني بالإشارة إلى تنازل المالكي عن منصبه وسحبه الدعوى القضائية ضد رئيس الجمهورية.

وكان تنازل المالكي قد لقي ترحيبا داخليا وخارجيا في وقت دعا فيه ممثل السيستاني في كربلاء أحمد الصافي الكتل السياسية إلى التعاون مع رئيس الوزراء المكلف حيدر العبادي واستكمال مهمة بناء الدولة ومؤسساتها. وقال الصافي إن «الأحداث الأخيرة التي وقعت بعد الانتخابات والتي أطاحت بمحافظات عراقية عزيزة علينا وأبانت عن خلل كبير في إدارة أهم المؤسسات التي تعنى بأمن العراق والعراقيين». وبيّن أن «ذلك التدهور الكبير في الحياة السياسية بين أطراف الوطن الواحد من جانب والعراق ومحيطه العربي والإسلامي من جانب آخر كل هذه الأمور جعل الحاجة ماسة لتغيير المواقع والمناصب تتغير معه حالة العراق وتعتمد رؤية مختلفة عما جرى لتنقل البلاد إلى بر الأمان».

وأضاف «ندعو الكتل في مجلس النواب إلى أن تكون على مستوى مسؤوليتها التاريخية في هذا الظرف العصيب وأن يتعاونوا مع رئيس الوزراء المكلف في تشكيل حكومة قوية وكفؤة تمتلك برنامجا واضحا لمعالجة الأخطاء السابقة، وتتمكن من إحقاق الحق لجميع العراقيين بمختلف الطوائف والمكونات». ودعا الصافي الكتل إلى ضرورة أن يكون من أولويات الحكومة المقبلة مكافحة الفساد المالي والإداري المتفشي في دوائر الدولة ومؤسساتها.

وأكد رجل الدين الشيعي المقرب من المرجعية الدينية عبد الحسين الساعدي وردا على سؤال لـ«الشرق الأوسط» بشأن تجاهل المالكي للمرجعية الدينية في خطاب تنحيه أن «هذا من الأمور المؤسفة لأن المرجعية الدينية هي التي كانت السد المنيع طوال السنوات العشر الماضية لانهيار العراق بسبب الأخطاء التي ارتكبتها القوى السياسية والحكومة التي تولاها المالكي لدورتين ولم تنجح في أي من الملفات التي كانت أمامها إن كان على مستوى مكافحة الإرهاب أو الفساد أو تحقيق الخدمات أو غيرها من القضايا الهامة»، مشيرا إلى أن «المالكي كان في مقدمة المسؤولين الذين يدعون الأخذ بتوجيهات المرجعية ولكن ثبت الآن أنه عندما قالت المرجعية وعلى لسان المرجع الأعلى السيد السيستاني كلمتها بوضوح تام وهي اختيار رئيس جديد للوزراء فإن المالكي وفي خطاب تنحيه شكر الجميع إلا المرجعية التي لم يكن يهمها سوى مصلحة البلاد والعباد لا المصالح الحزبية والفئوية والطائفية أو العرقية».

من جهتها أعربت الكتل السياسية عن قناعتها بأن المرحلة المقبلة سوف تكون مختلفة عن المرحلة الماضية خلال فترة تولي المالكي رئاسة الوزراء. وقال عضو البرلمان العراقي عن تحالف القوى العراقية (الكتلة السنية في البرلمان) والناطق الرسمي باسم متحدون ظافر العاني في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «العهد الذي انتهى يعد بكل المعايير مرحلة سلبية جدا بحيث أصبح معها الإصلاح مستحيلا بينما اليوم نشعر أن هناك ملامح لمرحلة جديدة يمكن من خلالها أن يصبح التغيير نحو الأفضل ممكنا».

وأضاف العاني «إننا قطعنا اليوم مرحلة هامة على صعيد التداول السلمي للسلطة بحيث نستطيع أن نؤسس لمرحلة من الشراكة الفعلية في القرار السياسي لا مجرد مشاركة في السلطة عبر المناصب والمسؤوليات».

وأوضح العاني أن «هناك أمورا هامة يجب الاهتمام بها وهي ملف النازحين والمعتقلين الأبرياء مع التأكيد على أهمية ألا تكون السلطة إلا بيد الدولة لا الميليشيات وعصابات الخطف والاغتيالات».

وفي السياق نفسه عبرت كتلة التحالف الكردستاني في البرلمان العراقي عن أملها في أن تكون هناك مرحلة من التعاون الجدي بين الجميع. وقال عضو البرلمان العراقي عن كتلة التحالف الكردستاني عبد العزيز حسين في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «المالكي تنحى بعد أن لم يتبق لديه شيء بينما خلفه حيدر العبادي حظي بترحيب داخلي وإقليمي وعالمي نادر في حين بقي المالكي طوال السنوات الماضية محصورا في زاوية ضيقة لم يكن يريد مغادرتها عبر اتهامه لجميع الشركاء». وأشار إلى أن «سياسة المالكي في الحكم كانت مبنية على الأداء الفردي وليس الجماعي مع تهميش مقصود للمكونات الأخرى بينما المطلوب اليوم حكومة شراكة حقيقية لأننا جربنا طوال السنوات الماضية حكومة التعنت والتهميش والإقصاء ولم تجلب الخير للعراق بل كل شيء أصبح الآن على حافة الهاوية وبالتالي فإن أمام العبادي مسؤولية كبيرة للتخلص من تركات تلك المرحلة وكذلك الاستفادة من هذا الإجماع من أجل بناء الدولة بناء صحيحا».

من جهته أعرب رئيس الوزراء المكلف حيدر العبادي عن رغبته بترشيق الحكومة المقبلة من أجل السير بعملية ترشيق النفقات في الموازنة المالية وإدارة مؤسسات الدولة باستراتيجية جديدة تتلاءم مع المرحلة الجديدة وحجم التحديات التي يواجهها البلد. وقال العبادي في بيان له أمس الجمعة إن «هناك أوضاعا يشهدها البلد تختلف عن الأوضاع السابقة وهذا يتطلب منا استراتيجية جديدة وبرنامجا حكوميا يتناغم مع هذه الأوضاع».

وأشار إلى «وجود ملفات كثيرة تحتل أهمية قصوى في برنامجنا الحكومي ومنها القضاء على الفساد الإداري والمالي في مؤسسات الدولة والتي تعد من ركائز عملنا خلال الفترة المقبلة بالإضافة إلى الملف الأمني والسياسي والاقتصادي وملف العلاقات الخارجية والملفات الأخرى».