الاستحقاق الرئاسي في مهب الريح: نصر الله يُطلق يد عون.. وجنبلاط متمسك بترشيح هنري حلو

واشنطن جددت تحذير مواطنيها من السفر إلى لبنان

TT

عادت أزمة رئاسة الجمهورية اللبنانية إلى المربع الأول بعد 85 يوما من انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال سليمان وشغور سدة الرئاسة، مع إطلاق أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله، في إطلالته الأخيرة وبشكل رسمي، يد رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون، وتعيينه المرجع الأول والأخير في قوى 8 آذار للحديث معه بالشأن الرئاسي، وذلك بعدما كان زعيم تيار المستقبل سعد الحريري دعا عون في وقت سابق للتفاوض مع مسيحيي «14 آذار» بشأن تبني ترشيحه وإعلان هؤلاء رفضهم المطلق لحل مماثل. وكان نصر الله انتقد في إطلالة تلفزيونية له، مساء يوم الجمعة الماضي، ما وصفه بـ«اللف والدوران» في الموضوع الرئاسي، لافتا إلى أن ثمة «اسما واحدا وعنوانا واحدا للحديث معه في هذا الموضوع»، ملمحا بذلك بوضوح إلى النائب ميشال عون، ناصحا بعدم انتظار تطورات وتسويات خارجية.

وعدّ سليم سلهب، النائب في تكتل التغيير والإصلاح الذي يتزعمه عون، موقف نصر الله الأخير «إعلانا رسميا بتبني ترشيحه، وردا على كل من كانوا يشككون في نوايا (حزب الله) في هذا الملف على الرغم من مواقف نوابه وقيادييه التي كانت كلها تلمح بشكل غير مباشر لموضوع تبني الترشيح». وقال سلهب لـ«الشرق الأوسط»: «ملف الرئاسة سيتحرك عاجلا أو آجلا، ويبقى التوقيت، باعتبار أن الفريق الآخر ينتظر إشارة خارجية للانطلاق بهذا التحرك بعدما تم ربط الملف بالمشاكل الإقليمية المحتدمة».

وأوضح سلهب أن عون والحريري توافقا، خلال الاتصال الهاتفي الذي جرى بعد عودة الأخير إلى بيروت، على استكمال الحوار بينهما «فلا شك أن لقاء بينهما سيحصل قريبا وسيبحث في الموضوع الرئاسي وفي باقي المواضيع عسى أن يتم حلها سلة واحدة». وبخلاف الترحيب الذي لاقاه موقف نصر الله الأخير لدى تيار عون، كان للموقف نفسه صدى سلبي لدى تيار المستقبل، الذي عدّ نصر الله كرس من خلاله الفراغ في سدة الرئاسة معتمدا منطقا من «الاستقواء والاستكبار». وعدّ النائب في تيار المستقبل جمال الجراح أن نصر الله وبإصراره على ترشيح عون «يعلن تمسكه بفراغ سدة الرئاسة كونه يعي تماما أنه لا إمكانية لانتخابه في إطار التوازنات الداخلية القائمة حاليا»، لافتا إلى أن «عون للأسف يرتضي لنفسه أن يكون متراسا لـ(حزب الله)، مما يجعل إمكانية التوصل لحلول بالملف الرئاسي غير متاحة». واستبعد الجراح أن يكون هناك تحرك قريب للحريري بمحاولة لإحداث خرق بجدار الأزمة الرئاسية «خاصة أن من يمون على عون في هذا الملف هو (حزب الله)، وإذا كان الحزب غير مستعد لأن يطلب منه تقديم تسهيلات فالمؤكد أن زيارة الحريري للرابية (مقر إقامة عون) لن تأتي بثمار في هذا المجال». وأوضح الجراح أنّه لو كان تيار المستقبل على استعداد لتبني ترشيح عون لتبناه منذ فترة طويلة.

ودعا الحريري في حديث إذاعي القوى المسيحية إلى الاتفاق في ما بينها، معتبرا أن «سبب تعطيل الانتخابات الرئاسية في البلاد يعود إلى (حزب الله) والعماد ميشال عون وفريق الثامن من آذار المرتبط بطاولة المفاوضات الإيرانية التي جرى التمديد لها لأربعة أشهر».

وبالتزامن، جدد زعيم الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط تمسكه بترشيح النائب في كتلته هنري حلو لرئاسة الجمهورية، داعيا في أكثر من حديث صحافي الفرقاء المسيحيين لوجوب التنبه لخطر ما يجري في المنطقة والاتفاق على «مرشح تسوية». وأشار النائب في كتلة جنبلاط، غازي العريضي، إلى أن «عامل الوقت ضاغط وليس لمصلحتنا، ولذلك يجب أن نتفاهم»، مشددا على وجوب التعاطي بـ«واقعية» مع الاستحقاق الرئاسي. وقال العريضي، في حديث إذاعي، إن جنبلاط «متمسك بالنائب هنري حلو مرشحا للرئاسة، ولكن هذا الموقف لا يعوق الوصول إلى مخرج ما». ولفت إلى أن الزعيم الدرزي سيستكمل جولته على القيادات وسيقوم بزيارة رئيس حزب الكتائب أمين الجميل، ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، وقيادات أخرى «لدعوة الجميع إلى التفاهم».

وفي سياق منفصل، جدّدت وزارة الخارجية الأميركية، أمس السبت، تحذيرها لمواطنيها من السفر إلى لبنان خوفا على أمنهم وسلامتهم. وقالت الخارجية في بيان إن «خطر الموت أو التعرض لإصابة موجود في لبنان نتيجة التفجيرات الإرهابية المتكررة التي تشهدها مناطق مختلفة من البلاد». وأشار البيان إلى أن «حوادث عنيفة قد تحصل في لبنان في أي وقت، وأن العديد من المدن اللبنانية ومنها طرابلس قد شهدت اشتباكات مسلحة».