نجاة مدير أمن صنعاء من الاغتيال.. والإعلاميون في مرمى المسلحين

مسؤول عسكري يمني لـ «الشرق الأوسط» : «القاعدة» تسعى لتأسيس بؤرة على الحدود مع السعودية

أنصار جماعة الحوثي خلال تجمع في أرحاب شمال صنعاء أمس (رويترز)
TT

تتواصل المواجهات بين قوات الأمن والجيش في اليمن وبين عناصر يعتقد بانتمائهم لتنظيم القاعدة، في جنوب اليمن، وفي حين نجا مسؤول أمني في محافظة صنعاء من محاولة اغتيال، امتدت يد الاغتيالات لتطال العاملين في الحقل الإعلامي.

وقال مصدر عسكري يمني إن أربعة ممن وصفهم بالإرهابيين قتلوا في عملية عسكرية في مديرية القطن بمحافظة حضرموت. وقالت مصادر عسكرية يمنية لـ«الشرق الأوسط» إن مسلحي «القاعدة» من مختلف الجنسيات يسعون إلى تأسيس بؤرة انطلاق على الحدود اليمنية - السعودية من خلال وجودهم المكثف في وادي حضرموت، وإن جنسياتهم هي اليمنية والسعودية ويسعون إلى زعزعة الأمن والاستقرار على الحدود اليمنية - السعودية وتنفيذ سلسلة عمليات مزدوجة على حدود البلدين.

وذكر مصدر عسكري يمني أن أربعة من عناصر تنظيم القاعدة الذين وصفهم بالإرهابيين، لقوا مصرعهم في عملية عسكرية بمديرية القطن بمحافظة حضرموت في جنوب شرقي اليمن. وقال المصدر إن «قوات الجيش داهمت خلية إرهابية في مدينة القطن وقتلت أربعة من الإرهابيين واعتقلت خمسة آخرين»، فيما قتل جندي وجرح خمسة آخرون، حسب تعبير المصدر العسكري اليمني الذي أكد أن عملية المداهمة تمت بعد مراقبة أحد المنازل في المدينة.

وأشارت مصادر أخرى إلى مقتل ستة مسلحين وثلاثة جنود، في اشتباكات في مدينة القطن (جنوب شرقي اليمن) حيث تضاعفت الهجمات على الجيش أخيرا، وفق مسؤول ومصدر عسكري. وصرح المسؤول طالبا عدم كشف هويته لوكالة الصحافة الفرنسية بأن «قوات الجيش قصفت منزلا كان مسلحو التنظيم يتحصنون فيه بعد محاصرته فجر أمس، ما أسفر عن مقتل ثلاثة من مسلحي (القاعدة) وجرح آخرين».

وعثر على جثة رابع في المنزل الذي اعتقل فيه رجلان وامرأتان، وفق ما أفاد به المصدر العسكري. وأوضح أن المعتقلين بينهم باكستانية وفلبينية وصومالي ويمني. وأضاف المسؤول أن «عناصر من التنظيم قدموا من (بلدة) وادي سر (القريبة من هناك) إلى وسط البلدة وشنوا هجوما مسلحا على معسكر لقوات الأمن الخاصة ردا على قصف المنزل».

وتابع أن «الطرفين تبادلا إطلاق النار مستخدمين أنواع الأسلحة، واستمرت لمدة أربع ساعات، مما أسفر عن مقتل ثلاثة جنود وجرح ستة آخرين، فيما قتل اثنان من المهاجمين وأصيب أربعة آخرون».

وقال شهود إن الاشتباكات التي استعمل خلالها مختلف الأسلحة تسببت في إلحاق الضرر ببعض منازل السكان. وأعلنت وزارة الدفاع اليمنية أنها أحبطت الخميس عدة هجمات لتنظيم القاعدة، بينها ثلاثة انتحاريين على مراكز أمنية وعسكرية ومنشآت حيوية في المكلا، كبرى مدن محافظة حضرموت (جنوب شرق).

وأفاد مصدر أمني بأن الهجمات أسفرت عن مقتل شرطي ومهاجمين اثنين وسقوط عدد من الجرحى في صفوف الطرفين. وفي محافظة لحج المجاورة، قتل يمنيان أول من أمس في الحوطة، كبرى مدن المنطقة، خلال حادثين لتبادل إطلاق النار، كما أعلن أمس مصدر أمني، محملا «القاعدة» المسؤولية.

وأضاف المصدر أن مسلحين على دراجة نارية قتلوا محسن فضل (40 سنة) في وسط الحوطة، فيما أصيب رائد سمرا (30 سنة) إصابة قاتلة في هجوم مماثل في حي آخر بالمدينة. وقال المصدر إن «مقاتلي (القاعدة) في اليمن مسؤولون عن هذا النوع من الهجمات التي غالبا ما تقع تحت ذرائع مختلقة مثل ممارسة السحر أو الشعوذة». وقد استفادت «القاعدة» من ضعف السلطة المركزية في اليمن في 2011 بعد الانتفاضة الشعبية ضد الرئيس السابق علي عبد الله صالح، لتعزيز حضورها خصوصا في جنوب البلاد وجنوب شرقيها.

وتنشط «القاعدة» في منطقة محافظة حضرموت في الآونة الأخيرة، وقد نفذت سلسلة من العمليات التي استهدفت قوات الجيش والأمن هناك، على غرار ما يجري في بعض المحافظات اليمنية الجنوبية، حيث يتغلغل التنظيم في أوساط المناطق بحضرموت ويسعى إلى فرض وجوده بالقوة هناك.

إلى ذلك، نجا مدير أمن محافظة صنعاء من محاولة اغتيال استهدفته وقتل خلالها أحد حراسه، في ظل سلسلة الاغتيالات المتواصلة التي تستهدف ضباط الأمن والمخابرات وقوات الجيش والتي أودت بحياة المئات منهم خلال العامين الأخيرين. وانتقلت الاغتيالات التي يشهدها اليمن لتستهدف الإعلاميين، ودانت نقابة الصحافيين اليمنيين ووزارة الإعلام اغتيال أحد المذيعين في إذاعة صنعاء الحكومية، وهو عبد الرحمن حميد الدين، كما دان عدد من المنظمات الحادث الذي تلته محاولة اغتيال المخرج التلفزيوني إبراهيم الأبيض، وعلق مروان دماج، أمين عام نقابة الصحافيين، على الحادث بالقول لـ«الشرق الأوسط» إن «الوسط الصحافي يشعر بقلق كبير جدا مع أول حادثة اغتيال تحدث لزميل صحافي في الإذاعة واستهداف مخرج تلفزيوني، وعلى الأجهزة الأمنية أن توضح لنا من يقف وراء هذه المحاولات والاغتيالات».

يذكر أن الساحة اليمنية تشهد سلسلة من الاغتيالات التي تستهدف ضباطا في أجهزة الأمن والمخابرات وقوات الجيش في عدد من المحافظات اليمنية.

في صعيد آخر أعلنت وزارة الداخلية اليمنية أمس تشديد الإجراءات في مناطق الحزام الأمني في العاصمة، بعد دعوة الحوثيين إلى مخيمات اعتصام بمحيط العاصمة. وبدأت جماعة الحوثيين المتمردة بتطويق العاصمة اليمنية صنعاء بمجاميع قبلية من أنصارها، للمطالبة بإسقاط حكومة الوفاق وإسقاط قرار رفع الدعم عن المشتقات النفطية. وهدد قيادي في جماعة «أنصار الله»، كما يطلقون على أنفسهم، بتصعيد احتجاجاهم إلى المطالبة بإسقاط النظام بشكل كامل، فيما حذر مراقبون من ذلك وعدوه مخططا لإسقاط صنعاء وإقامة معسكرات لمسلحيهم. وذكر القيادي وعضو المجلس السياسي للحوثيين، علي البخيتي، في تصريح سابق لـ«الشرق الأوسط» أن الهدف المعلن لهذه الاحتجاجات هو إسقاط الحكومة وإسقاط الزيادات في الأسعار، وقد أقيمت مخيمات اعتصام بمحيط صنعاء، إضافة إلى مخيمات في صعدة وعمران وعدة مناطق ترفض الجرعة، موضحا «أنها اعتصامات سلمية، وأن خيارتهم المقبلة متروكة للزمن، ولن نفصح عنها الآن»، مستعبدا أن تلجأ الجماعة إلى القوة والسلاح لتنفيذ مطالب المحتجين.

من ناحية أخرى، عاد المبعوث الأممي إلى اليمن جمال بنعمر، مستشار أمين عام مجلس الأمن الدولي، إلى صنعاء في زيارة تستبق رفع تقريره نهاية الشهر الجاري إلى مجلس الأمن الدولي، وجاءت الزيارة عقب زيارة وفد من مجلس الأمن الخاص بالعقوبات إلى صنعاء والاطلاع على طبيعة الأوضاع الخاصة بمسيرة التسوية السياسية ومن هو متورط في عملية عرقلة التسوية السياسية الجارية في اليمن والتي انطلقت في اليمن بعد أحداث عام 2011، في ضوء المبادرة الخليجية التي ترعاها عشر دول.

وذكرت مصادر خاصة لـ«الشرق الأوسط» أن لجنة العقوبات التي زارت اليمن أخيرا، حددت أسماء عدد من الأشخاص في مجال السياسة ومشايخ قبائل ورجال أعمال لوضعهم في بند خاص لدى مجلس الأمن الدولي بوصفهم معرقلين للتسوية السياسية، غير أن المصادر لم تتحدث عن قائمة واضحة المعالم بهذا الخصوص.