نشاط أمني لـ«حزب الله» وحركة أمل في جنوب لبنان.. وسط مخاوف من تمدد المتشددين

يقتصر دور عناصرهما على مراقبة حركة السوريين.. والبلديات تنسق مع الأجهزة الأمنية

TT

لا تكاد تخلو قرية في جنوب لبنان من الحديث عن مخاوفها من تمدد مقاتلين متشددين إليها، بعد معركة الجيش اللبناني مع مقاتلين سوريين متشددين في عرسال، شرق لبنان. وإذ عززت القوى الأمنية الرسمية من تدابيرها في مختلف المناطق اللبنانية، برز استنفار أمني في الجنوب، تمثل بتشديد نقاط الحراسة التابعة للشرطة البلدية في معظم البلدات، إضافة إلى حراك ليلي لعناصر مدنية من سكانها المنتمين إلى الحزبين الشيعيين الفاعلين؛ «حزب الله» وحركة أمل.

وقال شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» إن شبانا تابعين لـ«حزب الله» وحركة أمل في عدة بلدات في الجنوب: «كثفوا من تجولاتهم في مناطق وجود اللاجئين السوريين»، بموازاة المعركة في عرسال، كما «نشطوا على خط الحراسة في الليل منعا لحدوث أي تطور أمني»، في حين «تضاعف التنسيق بين الشرطة البلدية في القرى والمدن التي تسكنها أغلبية شيعية مع الأجهزة الرسمية اللبنانية، لتوقيف أي مشتبه بهم».

وبالفعل، ذكرت الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية اللبنانية، خلال الأسبوعين الأخيرين، أن استخبارات الجيش اللبناني وشعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي أوقفت أشخاصا سوريين مشتبها بهم، في عدة مناطق لبنانية، بينها بلدات الجنوب.

غير أن مصدرا بلديا في الجنوب، نفى لـ«الشرق الأوسط» اعتقال عناصر «حزب الله» و«أمل» أيا من السوريين، مؤكدا أن «المعلومات عن أي مشتبه به تُنقل إلى الأجهزة الأمنية الرسمية التي يربطها تعاون وثيق مع اتحادات البلديات، لتتخذ الأجهزة الإجراءات المناسبة، وتقوم بدورها في توقيف المشتبه بهم».

ويتحدث السكان عن توقيف أعداد من السوريين يُشتبه بانتمائهم إلى مجموعات متشددة، من غير أن تعلن الأجهزة الأمنية عن توقيفهم، في حين يتحدث آخرون عن أن «بعض السوريين استجوبوا وأطلق سراحهم، كونه لم يتضح أي دور لهم في المجموعات المتشددة».

ويقول هؤلاء إن مداهمات نفذتها القوى الأمنية في غير منطقة في الجنوب، بينها في بلدات كفر حمام وابل السقي (قضاء مرجعيون) والنبطية الفوقا وكفر جوز والنميرية (قضاء النبطية)، والسكسكية والبيسارية والبابلية (قضاء صيدا).

ولم يعلن الأسبوع الماضي إلا عن توقيف شخص عثرت في هاتفه على صور لشخصية أمنية رسمية في بلدة النميرية، كما توقيف امرأة في قضاء صور عُثر في حوزتها على بزة عسكرية. وتتزامن تلك التدابير مع صعود المخاوف من نشاط أفراد ينتمون إلى مجموعات متشددة، بعد معركة عرسال بين الجيش اللبناني ومقاتلين سوريين راديكاليين في بلدة عرسال (شرق لبنان).

وقال قاسم (50 عاما) الذي يسكن قرية الصرفند في قضاء صيدا، لـ«الشرق الأوسط»، إن «أحداث عرسال ضاعفت من مخاوفنا»، مؤكدا أن «السوريين متغلغلون بيننا، ولا نعرف منهم المسالم من المقاتل، مما يتوجب أن نكون حذرين لأي تطور مباغت».

ويقيم في جنوب لبنان نحو 130 ألف لاجئ سوري مسجلين في قوائم مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، بينما يقدر عدد اللاجئين غير المسجلين بالآلاف. وبموازاة ذلك، أعلن مواطنون يسكنون مناطق في شرق لبنان عن استنفارهم، وهو ما كشفت عنه تقارير تلفزيونية بثت صورا لسكان محليين يحملون الأسلحة في بلدة القاع المحاذية لعرسال، تحسبا لاحتمال تمدد القتال من عرسال إليها، فيما أطلقت عليه «الأمن الذاتي»، بالتنسيق مع البلدية والجيش اللبناني.

وبموازاة ذلك، تضاعفت تدابير الشرطة البلدية في قضائي بعلبك والهرمل (شرق لبنان) لتجنب أي تدهور أمني محتمل.

وواكبت تلك الإجراءات في مختلف مناطق لبنان، التشديد الأمني الذي فرضته الأجهزة الأمنية في مواقع سكن السوريين، بعد الإعلان عن خروج مسلحين في عرسال من مخيمات اللاجئين، قاتلوا إلى جانب المجموعات المسلحة.

وقال قائد الجيش اللبناني في تصريح سابق لوكالة «رويترز» إن اعترافات القيادي المتشدد أبو أحمد جمعة، الذي أوقفه الجيش اللبناني، مما أدى إلى اشتعال معركة عرسال «أدت إلى إلقاء القبض على عدد من خلايا المتشددين في أنحاء مختلفة من لبنان».

وواصلت الأجهزة الأمنية خلال الأسبوع الماضي، دهم مواقع سكن السوريين وتوقيف مشتبه بهم، فقد أفادت «الوكالة الوطنية»، أول من أمس، بأن مخابرات الجيش اللبناني دهمت أماكن إقامة وتجمع السوريين في بلدتي برسا وحارة الخاصة في شمال لبنان، واعتقلت عشرة منهم لعدم حيازتهم أوراقا قانونية، أو لدخولهم خلسة إلى لبنان، كما أشارت إلى دهم منزل شخص لبناني في بلدة الصويري في البقاع الغربي (شرق لبنان)، وتبادل الطرفان إطلاق النار قبل فراره إلى جهة مجهولة.

وكان محافظ جبل لبنان المهندس فؤاد فليفل شدد في اجتماع أمني عقده الخميس مع قادة الأجهزة الأمنية على «ضرورة تحقيق التكامل والتنسيق بين الأجهزة الأمنية والبلديات لجهة تفعيل عمل الشرطة البلدية والحراس الليليين، من أجل تسيير دوريات ليلية بالتنسيق معها، على أن تجري مخابرة النيابة العامة الاستئنافية في جبل لبنان عند اللزوم والعمل بإشارتها».