شرطة النظام تلاحق المتسولين والمشردين في أحياء دمشق الراقية

حملة لإزالة الحواجز لتسهيل حركة السيارات داخل العاصمة

شن النظام السوري حملة ضد المتسولين والمشردين ورفع جزءا من الحواجز لتخفيف الازدحامات (أ.ف.ب)
TT

حملت طفلتها وركضت بحثا عن مكان تختبئ فيه، إلا أن حجر صغيرا اعترض خطواتها السريعة رماها أرضا، فانهارت بالبكاء والنحيب وسط عدد من المارة الذين تحلقوا حولها لمساعدتها على النهوض. قالت إنها فقدت كل شيء؛ زوجها ووالديها، وبقيت مع طفلتها التي لم يتجاوز عمرها العام الواحد بلا مأوى ولا معيل، والآن الشرطة تلاحقها لأنها تتسول في الشارع، راحت تصرخ بشكل هستيري: «ماذا أفعل يا ناس؟».

حصل ذلك في أحد أحياء دمشق الراقية منذ عدة أيام، بينما تشن الشرطة السورية حملة على المتسولين والمشردين الذين تكتظ بهم شوارع دمشق منذ ثلاث أعوام، وأعدادهم كل يوم تزيد عن اليوم الذي سبقه.

وحسب مصادر إعلامية موالية للنظام، فإن كثيرا من المجرمين والشحاذين وبنات الليل المحترفين استغلوا الأزمة ليمارسوا عملهم بحرية في الشوارع، فكثر بيع حبوب الهلوسة، كما نشطت الدعارة بشكل كبير، لا سيما الفتيات الصغيرات اللواتي ينتشرن في الحدائق العامة للإيقاع بزبائن من العسكريين وجيش الدفاع الوطني، من أجل الحصول على طعام ولباس وحتى مأوى.

وفي بعض المناطق على أطراف العاصمة والمناطق الفقيرة، بات من الصعب التمييز بين المجرمين والمشردين من منازلهم؛ فالكل يفترش الأرصفة العامة ويتسبب بالفوضى.

وحمّل ناشط معارض، رفض الإفصاح عن اسمه، النظام، مسؤولية هذه الفوضى، وقال إنه تعمد «خلال السنوات الأربع الماضية إطلاق سراح المجرمين، من خلال مراسيم العفو التي أصدرها، وغض النظر عن انفلاتهم بالشوارع، بل تعمد دسهم في المناطق الفقيرة التي ثارت عليه، لإرهاقها بالفساد من جانب، ولخلط الأوراق من جانب آخر»، إلا أنه أضاف قائلا: «عندما وصل هؤلاء إلى الأحياء الراقية وبدأوا يهددون الأمن في المربع الأمني، بدأ حملة للحد من انتشارهم، كما أن الشرطة حين تشن حملة على المتسولين والمتشردين تعتقل الأبرياء الفقراء، وتترك المجرمين ليفروا».

بالتوازي مع حملة الحد من انتشار ظاهرة التسول والتشرد التي طغت في شوارع العاصمة، وعلى نحو غير مسبوق، بدأت محافظة دمشق بتنظيم إشغالات الأرصفة في بعض أسواق وسط دمشق، التي يتقاسم أشغالها أصحاب المحال التجارية وأصحاب البسطات، وأغلبهم من المتعاونين مع الأجهزة الأمنية، إلا أن انتشارها الكبير خلق ازدحاما وفوضى كبيرة في الشوارع، فضلا عما تخلفه من نفايات تمتلئ بها الأرصفة ليل نهار. وقالت مصادر حكومية إن الحملة تهدف إلى وقف زحف الإشغالات المخالفة، لأن القانون يمنع إشغال أي رصيف من دون الحصول على موافقة رسمية ودفع الرسوم اللازمة.

وكانت المحافظة بدأت بتنظيم الإشغالات منذ أسابيع في سوق الشيخ سعد في حي المزة، وسوق الشعلان، إضافة إلى سوق الهال القديم في شارع الثورة، وتنظيم إشغالات السيارات في منطقة زقاق الجن.

وبحسب مصادر إعلامية حكومية، فإن قرار تنظيم الإشغالات لن يشمل أصحاب البسطات، لكنهم أول من تأثر به، إلا أن ذلك سيعالج من خلال منح تراخيص ودفع الرسوم، وهي مبالغ مدروسة.

وعد الناشط المعارض هذا القرار «ليس جديدا»، إذ اعتادت المحافظة هذا النوع من الإجراءات خلال العقود الماضية «وكانت تتعمد تجاهل المخالفات إلى أن تستفحل، ثم تشن حملة لجباية الأموال». وأضاف: «يبدو أنهم أفلسوا ويريدون جمع أموال بأي وسيلة».

وفي إطار تخفيف ضغط الازدحام في الشوارع الحيوية في دمشق، تقوم الجهات المعنية بإزالة الحواجز من بعض الشوارع ضمن خطة بُدئ العمل بها منذ أكثر من شهرين، لتسهيل الحركة داخل العاصمة. وفوجئ سكان العاصمة بتخفيف عدد الحواجز الإسمنتية في ساحة السبع بحرات وسط دمشق، حيث يقع البنك المركزي، التي تحولت إلى منطقة عسكرية محاطة بالمتاريس والحواجز والرشاشات الثقيلة، ففتحت بعض الطرق المغلقة فيها، مع الاحتفاظ بعدد من الحواجز لتفتيش السيارات. كما خففت بعض الحواجز في ساحة المحافظة حيث يقع مقر المحافظة، الذي سبق أن أُغلِقت ثلاثة شوارع رئيسة في محيطه.

وكان الجهات المعنية أعادت، الشهر الماضي، فتح الشارع الواصل بين حي المجتهد ودوار كفرسوسة لمرور السيارات فيه، مع إخلاء دوار كفرسوسة ومحيطه من الحواجز، والاحتفاظ ببعضها في محيط فرع أمن الدولة الرئيس، بينما عادت لإغلاق طريق الذهاب بين الفحامة ودوار كفرسوسة، مقابل فتح الطريق الفرعي الموازي لمبنى «الاتحاد العام للفلاحين» والمؤدي لحي المجتهد.

كما فتح الأوتستراد الواصل بين ساحة كفرسوسة والمزة مرورا بالكارلتون، إضافة لشارع الجمارك المؤدي لساحة الأمويين، بالإضافة لإزالة بعض الحواجز، بحي المزة، مع الإبقاء على الرئيس منها، وأعيد فتح الشارع الفرعي الواصل بين شارع بيروت وساحة الأمويين عند بناء قيادة الأركان.