هيئة التنسيق تحذر من التدخل العسكري في سوريا بـ«ذريعة» استهداف «داعش»

مروة لـ «الشرق الأوسط» : المجتمع الدولي يتعامل بمكيالين في العراق وسوريا

قافلة مساعدات غذائية وطبية من الهلال الأحمر السوري ومنظمات دولية في طريقها إلى درعا أمس (إ.ب.أ)
TT

تستبعد المعارضة السورية ومحللون إمكانية إقدام أميركا على تدخل عسكري قريب في سوريا، ويجمعون في الوقت عينه على أن خطر تمدد «داعش» يشكل خطرا كبيرا على المعارضة العسكرية أكثر من أي وقت مضى. وهو ما يشير إليه مدير البحوث في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية كريم بيطار عادا أن «المعارضة المسلحة تجد نفسها اليوم بين فكي كماشة النظام و(داعش)، وهناك خطر حقيقي بأن تخسر سريعا الأكسجين الذي يبقيها على قيد الحياة».

وفي حين توقع عضو الائتلاف الوطني هشام مروة أن تقدم واشنطن على شن هجمات جوية في سوريا في المدى البعيد، حذرت أمس «هيئة التنسيق الوطنية» التي تعد جزءا مما يعرف بـ«معارضة الداخل»، من المساس بوحدة سوريا وسيادتها والتدخل عسكريا فيها، في رد منها على قرار مجلس الأمن الأخير ضد تنظيم «داعش» وجبهة النصرة وطلب الائتلاف السوري من أميركا شن ضربات جوية ضد «داعش» ونظام الرئيس بشار الأسد، على غرار تلك التي ينفذها سلاح الجو الأميركي في شمال العراق.

وكان رئيس الائتلاف هادي البحرة دعا السبت الغرب ولا سيما واشنطن، إلى «تدخل سريع» ضد «داعش»، وأن «يتعاملوا مع الوضع في سوريا كما تعاملوا مع الوضع في كردستان العراق، فالمسببات واحدة والعدو واحد ولا يجوز الكيل بمكيالي ».

واستبعد مروة في حديثه لـ«الشرق الأوسط» تنفيذ أي تدخل عسكري بري في سوريا، عادا في الوقت عينه أنه ومع تزايد الأعمال الإرهابية الذي يقوم بها تنظيم «داعش» في المنطقتين الشرقية والشمالية والتي تسيء إلى الثورة السورية والدين الإسلامي أصبح لا بد من التدخل لوضع حد لما يحصل في سوريا. وفي حين رأى أن قرار مجلس الأمن الأخير أتى متأخرا، طالب المجتمع الدولي بالقيام بواجباته تجاه الشعب السوري وتنفيذ القرار الذي اتخذه بالإجماع.

وسأل مروة: «لماذا يتعامل المجتمع الدولي مع هذا التنظيم والنظام في العراق وسوريا بمكيالين وهل السيادة السورية لا تمس عندما يقتل النظام شعبه؟». مضيفا «التدخل العسكري لحماية المدنيين أمر مشروع في ظل كل ما يقوم به النظام من مجازر وخرق للقانون الدولي».

ورأى مروة أن ما قام به النظام السوري أمس بقصفه معاقل «داعش» في الرقة، لا يعدو كونها، وهو المستفيد الأول من هذا التنظيم، ضربات خجولة ومحاولة للقول إنه ضد «داعش» ومستعد للقتال ضدها، لكن الوضع على الأرض مختلف تماما وهذه الضربات غير قادرة على تغيير الواقع. وأضاف: «لو كان جادا في محاربتها لماذا سمح بنقل السلاح من العراق والموصل إلى سوريا ولم يعمد إلى استهدافها بينما كان يستهدف المساعدات الغذائية ».

وأتى طلب «معارضة الخارج» العلني بتدخل عسكري في سوريا، بعد امتناع الدول الغربية عن تزويد مقاتلي المعارضة بأسلحة نوعية، متذرعة بالتخوف من وقوعها في أيدي المسلحين المتطرفين.

ونقلت صحيفة «الوطن» المحلية المقربة من السلطات أن المنسق العام لهيئة التنسيق، حسن عبد العظيم، عد قرار مجلس الأمن الذي دعا للامتناع عن دعم وتمويل وتسليح تنظيم «داعش» وجبهة النصرة، مهما جدا وضروريا لأن المجموعات المتطرفة أصبحت تشكل ظاهرة خطيرة لا تهدد سوريا فحسب وإنما تهدد العراق ولبنان وكل دول المنطقة وحتى الدول الإقليمية.

ولفت عبد العظيم إلى أهمية ألا يكون هناك «انتقائية في استخدام القرار، أو استخدامه بمسألة تمس وحدة الوطن وسيادته أو العدوان عليه أو يتيح أي فرصة لتدخل عسكري في البلاد على اعتبار أن القرار جاء تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة». وبين ضرورة أن «ينفذ القرار وفق جوهره ومحاربة هذه التنظيمات المتطرفة وما يسمى (داعش) التي لا تمت للإسلام بصلة».

وتسعى أطياف المعارضة السورية في الخارج منذ أكثر من ثلاثة أعوام إلى إقناع الغرب بدعم «الجيش الحر» بالسلاح والتمويل، وفرض منطقة حظر جوي في سوريا.

وبينما يرى المحللون أن شن هجمات أميركية في سوريا على غرار العراق، لا يزال أمرا غير مؤكد، ولا يخفي المقاتلون والمعارضون مرارتهم من مسارعة الولايات المتحدة إلى التدخل في العراق بعد نحو شهرين فقط على هجوم «داعش»، في حين أن الغرب أحجم عن أي تدخل مباشر في سوريا خلال أعوام.

ويرى مدير البحوث في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية كريم بيطار أن سياسة واشنطن «تعد أن الأزمة السورية لا تمثل تهديدا للمصالح الحيوية الأميركية، على عكس الوضع في العراق».

كذلك يرى الخبير في شؤون المعارضة المسلحة آرون لوند أن التصرف الأميركي في سوريا سيتحدد وفق ما تنوي إدارة الرئيس باراك أوباما القيام به إزاء «داعش»، بمعنى أن الضربات ستقتصر على العراق إذا كانت واشنطن تريد حصرا «احتواء» التنظيم، وقد تمتد إلى سوريا في حال أرادت «تدميره بشكل كامل».

من جهته، يحذر عضو الائتلاف الوطني سمير النشار من أن عدم حصول ضربات أميركية في سوريا سيجعل «داعش» يتقدم على حساب الجيش السوري الحر والقوى المعتدلة.

ولم تعلق الولايات المتحدة بعد على طلب المعارضة السورية. ويقول نشار إن «الأخيرة وجهت رسائل إلى الإدارة الأميركية وكبار المسؤولين لتوضيح خطورة الوضع في شمال سوريا، إلا أنه لم تأت أجوبة بعد».

ويعد العقيد عبد الجبار العكيدي، أحد أبرز قادة مقاتلي المعارضة الذين أطلقوا الهجوم على حلب في صيف 2012، أن الوضع «خطير جدا». ويضيف في حديث لوكالة الصحافة الفرنسية أن خسارة المقاتلين لمواقعهم في المحافظة «تعني فقدان الخزان البشري الأساسي» للمعارضة المسلحة.

ويقول العكيدي «هناك شعور بالغضب بحيث إن النظام يقتل ومنذ ثلاث سنوات الشعب السوري ويرتكب أفظع الجرائم الإنسانية والمجتمع الدولي يتفرج».