أمراة إيزيدية من سجن بادوش: المسلحون أخذوا ابنتيَّ ولا أعرف مصيرهما

«الشرق الأوسط» اتصلت بها هاتفيا بمساعدة ابنتها الثالثة التي هربت أثناء نقلهن من سنجار

نازحون إيزيديون يتسلقون جبلا قرب شرناخ على الحدود التركية - العراقية أول من أمس (إ.ب.أ)
TT

شهد الأسبوعان المنصرمان سبي تنظيم «داعش» لمئات الإيزيديات في سنجار والقرى التابعة لها في شمال غربي العراق. وبعد أن نفذ التنظيم المتشدد حملة إعدامات جماعية بحق الرجال الإيزيدين ساق النساء والأطفال إلى الموصل وتلعفر.

أفلتت فتاة إيزيدية، كانت سبيت مع نساء عائلتها بعد قتل التنظيم كافة رجالها، من قبضة مسلحي التنظيم أثناء نقلهن إلى سجن بادوش قرب الموصل. ولجأت الفتاة إلى إحدى العائلات الموصلية لتحتمي في منزلهم من مسلحي «داعش»، وتواصل بعد أن سنحت الفرصة لها الطريق إلى إقليم كردستان حيث لجأ شقيق لها لم يكن في القرية عندما دخلها المسلحون.

«الشرق الأوسط» استطاعت أن تحصل على رقم الهاتف الجوال لهذه الفتاة التي اتصلت قبل أيام بأخيها لتخبره أنها تمكنت من الهرب. الفتاة الإيزيدية واسمها ليلى وتبلغ من العمر 23 سنة. قالت لـ«الشرق الأوسط»: «نحن نسكن قرية قني جنوب شرقي جبل سنجار. دخل (داعش) قريتنا بعد أن سيطر على سنجار، واعتقل المسلحون كل سكان القرية وفصلوا الرجال عن النساء، ثم أبلغوا الرجال بأنهم ليسوا بحاجة إليهم وعليهم ترك القرية والتوجه إلى الجبل، ولن يقتلوا، فانطلق الرجال نحو الجبل، حينها بدأ المسلحون بإطلاق النار عليهم وأردوهم قتلى. كان أخي الأكبر من بين من قتلوا. شاهدت أبي وهو مصاب بجروح بالغة ولم أسمع عنه شيئا بعد ذلك».

وتابعت ليلى: «بعد ذلك صعدونا مع الأخريات من نساء القرية في سيارتين كبيرتين من سيارات الحمل. عائلتي كانت تضم تسع نساء وثمانية أطفال وتوجهوا بنا نحو سجن بادوش القريب من مدينة الموصل، وفي الطريق أبلغونا بأنهم يريدوننا كزوجات لمسلحيهم، وقالوا أنتم الفتيات ستوزعن على مسلحينا لكل مسلح فتاة، لذا شعرت بخوف كبير، ومع توقف السيارتين بالقرب من سجن بادوش بدأ المسلحون بإنزالنا حينها تمكنت من الاختباء وهربت مع انشغال المسلحين بإنزال الأخريات إذ كان العدد كبيرا جدا. وبدأت بالركض خوفا إلى أن وصلت مدينة الموصل، وتوجهت إلى أول بيت صادفته وطرقت الباب ففتحوا لي الباب.. كانوا عائلة عربية. أخبرتهم أني هربت من (داعش) بعد أن اقتادونا من قريتنا إلى سجن بادوش. حتى هذه اللحظة أنا مختبئة لدى هذه العائلة، وأنتظر الفرصة المناسبة لأخرج من الموصل إلى كردستان حيث ينتظرني أخي. أهل هذا البيت ساعدوني في الاتصال بأخي».

وحصلت «الشرق الأوسط» من ليلى على رقم هاتف والدتها الموجودة حاليا مع اثنتين من أخواتها وزوجتي أخويها وثمانية أطفال في سجن بادوش مع العشرات من النساء الإيزيديات الأخريات.

قالت أم ليلى، التي ذكرت أنها تبلغ من العمر نحو 70 عاما، إنه «بعد أن وصلنا إلى هذا السجن، أخذ مسلحو (داعش) ابنتي الأخريين إلى مكان مجهول مع الفتيات الأخريات ولا أعلم عنهما أي شيء. أما أنا وكنتاي الاثنتان وثمانية أطفال موجودون في غرفة من غرف سجن بادوش، الغرفة مكتظة بالنساء، ولا يمكن بحيث لا يمكن للمرء أن يمد رجليه بسبب العدد الكبير من المحتجزات فيه، استطعت أن أخبئ هاتفي الجوال من المسلحين لأتصل بأقاربي وأبلغهم بمكاننا».

ومضت أم ليلى قائلة «يدخل المسلحون علينا بين لحظة وأخرى ويخبروننا بأنهم سينقلوننا إلى تلعفر ويقولون لنا سنعطي لكل عائلة منكم منزلا خاصا في تلعفر، سنعطيكم هواتف لتتصلوا بعائلاتكم وتبلغوهم أن يأتوا إليكم هنا لننقلكم معهم إلى منازلكم الجديدة في تلعفر، ويقولون: إذا اعتنقتم الإسلام سنتعامل معكم بكل احترام». وأشارت إلى أن «إحدى بناتها كانت تبلغ من العمر 18 عاما والأخرى 20 عاما وقد أخذهم التنظيم مع نساء وفتيات أخريات، أخذوا كل فتاة وامرأة من عمر 10 سنوات حتى 30 سنة، فصلوهن عنا ولا ندري إلى أين أخذوهن. قبل أيام أتوا بعشرات النساء من قرية كوجو الإيزيدية بعد أن قتلوا جميع رجالهم»، مشيرة إلى أن هناك عددا قليلا من الرجال في السجن تم فصلهم في إحدى الغرف.

وقالت أم ليلى: «المسلحون يتكلمون معنا باللهجة العراقية، لم نر أي مسلح أجنبي حتى الآن، لكن هناك اثنين من هؤلاء المسلحين يتكلمون معنا باللغة الكردية اللهجة السورانية، وهناك عدد آخر من الرجال المسلحين نعرفهم من العشائر الكردية المسلمة في سنجار وهم يتحدثون باللهجة الكردية الكرمانجية.