بوادر اتفاق مبدئي فلسطيني ـ إسرائيلي على الورقة المصرية بعد تعديلات

مصادر فلسطينية لـ «الشرق الأوسط» : حماس أرادت دورا في إعادة الإعمار والمعابر

مطار غزة الدولي في رفح كما يبدو اليوم بعد تدميره.. وساحلها الذي يحلم الفلسطينيون بأن يتحول إلى ميناء كبير (أ.ف.ب)
TT

كشفت مصادر فلسطينية مطلعة في القاهرة لـ«الشرق الأوسط» أن المخابرات المصرية مارست ضغوطا كبيرة على الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي أفضت إلى موافقة مبدئية من الطرفين على الورقة المصرية لوقف إطلاق النار في قطاع غزة بعد إجراء تعديلات عليها.

ومع بدء العد التنازلي لانتهاء هدنة الأيام الخمسة وبعد ساعات طويلة من المفاوضات التي ترعاها القاهرة، قدمت مصر ورقة معدلة تستجيب لتطلعات الوفدين بعد أن كادت المفاوضات تنهار.

ورفضت مصر، بحسب المصادر، التعاطي مع قضية نزع سلاح حركة حماس وبقية الفصائل في القطاع، وهو أحد الشروط الإسرائيلية الرئيسة مقابل رفع الحصار عن غزة. ونقلت المصادر أن مصر أبلغت إسرائيل بأن موضوع السلاح يناقش ضمن ملفات نهائية.

ونصت الورقة الجديدة على وقف فوري ودائم وطويل لإطلاق النار ويتعهد الطرفان بوقف أي أعمال عدائية، وفتح كامل للمعابر والتنسيق بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل على آلية عملها دون أي قيود على البضائع، وإدخال البضائع وفق الحاجة. كما شطبت الورقة التدرج في إخلاء المنطقة العازلة على أن يسمح للفلسطينيين باستخدامها على الفور، وأبقت على التدرج في مساحة الصيد البحري من 6 أميال إلى 12، على أن يتم العودة بعد شهر لنقاش مسائل الميناء والمطار وجثث الجنود الإسرائيليين دون فصل قضية جثث الجنود في اتفاق ثان.

وحسب المصادر، فإن حماس رفضت في البداية مبدأ التدرج في الصيد البحري وأرادت عبارات صريحة حول عمل المعابر، لكنها تلقت تطمينات مصرية - فلسطينية من أنه لن تكون هناك رقابة.

ونقلت المصادر عن الجانب المصري أن الوفد الإسرائيلي وافق مبدئيا وقرر العودة إلى إسرائيل للتشاور مع قيادتهم.

وحول مطالب حماس إنشاء هيئة مستقلة وطنية في قضية إعمار غزة ترك الأمر لنقاشات داخلية بين الفلسطينيين بعد إقناع الحركة بتأجيل البحث فيه.

وكانت مصادر فلسطينية كشفت في وقت سابق لـ«الشرق الأوسط» أن حركة حماس طالبت بإجراء تعديلات على المقترحات المصرية لوقف إطلاق نار دائم في غزة، من بينها عدم حصر اتفاق التهدئة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية فقط، وأنها اعترضت على البنود التي تشير لذلك. كما كشفت عن أن الحركة تريد إدخال تعديلات على نصوص تتضمن الإشارة إلى تشكيل «هيئة وطنية» لمساعدة السلطة في إدارة المعابر من جهة وفي إعادة إعمار غزة من جهة ثانية.

وقالت المصادر المطلعة إن هذه المطالب «جديدة ومفاجئة» ولم تكن مدرجة من قبل ضمن مطالب الوفد الفلسطيني، الأمر الذي «عقد من مهمة الوفد» في القاهرة. ونقلت عن مسؤولين في حماس أنهم برروا ذلك بأن «السلطة الفلسطينية لا تستطيع تحمل أعباء إدارة غزة وإعمارها بمفردها».

لكن ذلك فسر بطريقة مختلفة في رام الله؛ إذ قال مسؤولون في القيادة الفلسطينية إن مطالب حماس الجديدة «دليل إضافي على أن الحركة تفكر بمصالحها ومصالح حلفائها فقط». كما لم يلق طلب حماس رضا بين أعضاء الوفد الآخرين.

ويبدو أن هذه النقطة ستكون محل نقاش بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل لدى لقائهما في الدوحة اليوم. ويفترض أن يكون الرئيس الفلسطيني وصل للعاصمة القطرية، أمس، في زيارة تهدف إلى مناقشة مسألة إعمار غزة، ودفع حماس لقبول الورقة المصرية مع إجراء بعض التعديلات عليها وليس رفضها وإفشالها، وللتأكيد على أن المبادرة المصرية هي الوحيدة المطروحة على الطاولة.

ويعتقد أن عباس سيناقش هذه المسائل مع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد اليوم، كما سيناقشها مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يوم السبت المقبل؛ إذ من المقرر أن يصل للقاهرة الجمعة.

وقال واصل أبو يوسف، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، لـ«الشرق الأوسط» أمس إن «المبادرة المصرية وإعادة إعمار غزة هي القضايا الأهم على أجندات الرئيس». وأضاف: «يريد الرئيس وقف العدوان وحماية شعبنا في غزة في الوقت الذي تحاول فيه إسرائيل إفشال المفاوضات».

ودخلت محادثات القاهرة، التي ترعاها مصر بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، في أزمة، أمس، وذلك قبل ساعات من انقضاء هدنة الأيام الخمسة، التي انتهت منتصف الليلة الماضية.

وتعرقلت المفاوضات بعدما طلبت كل من إسرائيل وحماس إجراء تعديلات جوهرية على المبادرة المصرية.

وقال أبو يوسف إن إسرائيل ربطت متطلباتها الأمنية بتوقيع الاتفاق. وأضاف: «أعادت إسرائيل طرح نزع سلاح المقاومة ومراقبة المعابر والأموال ومواد البناء.. إنها تريد اتفاقا تكون لها فيه اليد العليا».

وأوضح أن الوفد الفلسطيني رفض الطروحات الإسرائيلية. وتابع: «نزع سلاح المقاومة مستحيل. نحن قلنا عندما يتم جلاء الاحتلال عن كل فلسطين، يبحث موضوع السلاح».

وكانت إسرائيل أصرت من جديد على موضوع نزع السلاح. وقال وزير المالية يائير لبيد، إن «أي تسوية مستقبلية يجب أن تشمل تفكيك البنى التحتية الإرهابية لحركة حماس في قطاع غزة وضمان السيطرة الكاملة على تحويلات الأموال المخصصة لإعادة إعمار القطاع».

وقالت وزيرة العدل تسيبي ليفني: «هناك فرصة في المرحلة الراهنة للتوصل إلى تسوية جديدة في قطاع غزة من شأنها أن تؤدي على المدى البعيد إلى نزع سلاح التنظيمات الإرهابية وإعادة سيطرة السلطة الفلسطينية على القطاع».

وأعادت ليفني طرح فكرة أنه يجب إشراك جهات أخرى في المفاوضات حول هذه المسألة، وهددت بأن «إسرائيل سترد على أي اعتداء صاروخي تتعرض له من جهة القطاع بقوة أكبر».

وحول مطالبة الفلسطينيين بفتح المطار والميناء كونها تأتي ضمن اتفاقات سابقة، قالت ليفني: «لا يمكن اختيار بنود من اتفاقات سابقة دون تطبيق بنود أخرى في هذه الاتفاقات مثل نبذ الإرهاب والعنف».

واتهمت حماس إسرائيل بإعادة المفاوضات إلى المربع الأول، وكتب نائب رئيس المكتب السياسي لحماس، موسى أبو مرزوق، على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، إن «رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو رفض المبادرة المصرية وأعاد المفاوضات إلى مربعها الأول». وأضاف: «إن نتنياهو بات أسيرا للتناقضات الداخلية، كونه خسر العدوان بشقيه الجوي والبري، ولم يحقق أهدافه التي وضعها لنفسه».