زعيما المعارضة الباكستانية يتجاهلان دعوة شريف لإجراء محادثات

عمران خان في عزلة بعد دعوته إلى «عصيان مدني» في إسلام آباد

المعارض الباكستاني عمران خان يخاطب مؤيديه خلال مظاهرة ضد الحكومة الباكستانية وسط إسلام آباد أمس (أ.ف.ب)
TT

تجاهل زعيما المعارضة الباكستانية عمران خان ورجل الدين طاهر القادري عرض رئيس الوزراء نواز شريف لإجراء محادثات معهما أمس، بينما كان المتظاهرون المناهضون للحكومة لا يزالون يحتلون وسط المدينة لليوم الرابع على التوالي.

ودعا خان لاعب الكريكيت السابق والقادري رجل الدين الذي يدير شبكة من المدارس والجمعيات الخيرية الإسلامية رئيس الوزراء للاستقالة واتهماه بالفساد وتزوير الانتخابات العامة التي جرت العام الماضي وحقق فيها فوزا كاسحا.

لكن لحسن حظ شريف لم يتمكن خان والقادري من حشد الأعداد التي كانا يأملان مشاركتها في الاحتجاجات التي انطلقت الأسبوع الماضي من مدينة لاهور في شرق البلاد وإن تمكنا رغم ذلك من جمع عشرات الآلاف من المؤيدين الذين يشكل احتلالهم للعاصمة إسلام آباد خطرا أمنيا كبيرا في بلاد تعمها الاضطرابات مثل باكستان.

وقال وزير الداخلية تشودري نزار أمس: «قررت الحكومة أن تشكل لجنتين للتفاوض كبادرة لحسن النوايا». ولم يتسن الاتصال بممثلي خان على الفور للتعليق على عرض الحكومة ولكن ممثل القادري قال إن رجل الدين رفض العرض صراحة.

وقال المتحدث شاهد مرسلين: «الدكتور القادري لن يتحدث إلى أي لجنة. مطلبنا بكل بساطة هو استقالة الحكومة».

وقدرت الشرطة عدد المشاركين في المظاهرتين أول من أمس بنحو 55 ألف شخص ولكن الأرقام ترتفع وتنخفض باستمرار خصوصا مع تفرق جزء من المتظاهرين للاحتماء من قيظ الظهيرة وتمضية الكثير منهم الليل في منازل أصدقاء لهم في المدينة عوضا عن تمضيته في العراء.

وأسفر احتلال المتظاهرين لاثنين من الطرق الرئيسة في العاصمة عن إعاقة الوصول إلى المنطقة الحمراء التي تضم مقر الرئاسة ومبنى البرلمان والوزارات الرئيسة وأرفع المحاكم في البلاد فضلا عن معظم السفارات الأجنبية. غير أن ازدحام حركة السير المتجهة إلى داخل المنطقة ذات الإجراءات الأمنية المشددة خف قليلا أمس الاثنين.

وقال مراسلون إن مؤيدي القادري - الذين جاءوا ومعهم الطعام والمياه وحشيات النوم - لن يتزحزحوا من أماكنهم.

وقدر مراسل لرويترز عدد مؤيدي القادري بنحو 20 ألف شخص.

في غضون ذلك، يبدأ مسؤولون باكستانيون الاثنين مفاوضات مع المعارضين طاهر القادري وعمران خان الذي يشهد عزلة منذ دعوته إلى «عصيان مدني»، على أمل إنهاء اعتصامهما الذي يشل العاصمة.

ويطالب خان نجم الكريكيت قبل أن يدخل الساحة السياسية والقادري الزعيم السياسي الديني المعتدل المقيم في كندا منذ سنوات، باستقالة حكومة نواز شريف الذي يطعنان في شرعيته.

ويعد المعارضان أن انتخاب شريف على راس حكومة أكثرية في مايو (أيار) 2013 شهد أعمال تزوير واسعة على الرغم من من اعتبار المراقبين هذا الاستحقاق ذا مصداقية على الرغم من من عدم تطابق متفرق في النتائج.

ودعا خان في كلمة مساء أول من أمس أمام الاف الأنصار في العاصمة إلى «العصيان المدني» لطرد شريف من الحكم.

وبعد الخطاب الناري أعلنت الحكومة عن تشكيل لجنتين تشملان أعضاء في «جميع الأحزاب السياسية» للتناقش مع خان والقادري وتهدئة الأوضاع. وستعلن تركيبة اللجنتين الاثنين وستنطلق الوساطات مبدئيا على الفور بحسب مسؤولين. وجاء حزب خان حزب الإنصاف في المرتبة الثالثة في الانتخابات التشريعية في مايو 2013 في أفضل أداء يحرزه نتيجة تطلعات الشباب والطبقة الوسطى إلى التغيير إلى حد كبير.

لكن الدعوة إلى العصيان لم تحصل على دعم الحشود ويبدو أنها أدت إلى عزله عن سائر الأوساط السياسية.

وصرح سراج الحق زعيم الجماعة الإسلامية شريكة حزب الإنصاف في الائتلاف الحاكم في ولاية خيبر بختونخوا (شمال غرب) المضطربة لوكالة الصحافة الفرنسية «نحن ضد أي تحرك قد يخرج الديمقراطية عن مسارها. نريد حل هذه الأزمة في إطار القانون والدستور».

منذ استقلالها في ،1947 شهدت باكستان ثلاثة انقلابات وما زال التوازن فيها بين السلطة المدنية والجيش هشا وموضع تكهنات مستمرة، ولا سيما حول احتمال تدخل العسكريين لحل أزمة سياسية.

وعلق الرئيس السابق اصف علي زرداري والرئيس المشارك لحزب الشعب الباكستاني، الثاني في البرلمان، في بيان أن «الديمقراطية والامة لن تتلقيا خدمة بالدعوات إلى العصيان المدني، ولا برفض خوض حوار معمق». ووعد خان والقادري «بمد بشري» من ملايين المتظاهرين في زحف «الحرية» و»الثورة» إلى إسلام آباد.

وانطلق المعارضان الخميس من لاهور (شرق) على رأس قافلة سيارات ووصلوا ليل الجمعة السبت إلى العاصمة حيث ما زال الآلاف من أنصارهم متجمعين أمس. ونددت الصحافة الباكستانية «بتطرف» عمران خان الذي يبدو في ورطة لا يعرف كيف يخرج منها.

ولفتت صحيفة دون الواسعة الانتشار أمس في مقال بعنوان «نهاية غير مجيدة» إلى أن «عمران قال إن هذا الخطاب سيكون خطاب حياته، لكنه من البديهي منذ أيام أن رئيس حزب الإنصاف قام بحسابات كارثية وحشر حزبه في الزاوية بيده».

وأمس، ما زال حوالي 30 ألف شرطي وعنصر في ميليشيات شبه عسكرية منتشرين في العاصمة فيما واصلت السفارات ووكالات أممية مختلفة فرض إجراءات منع خروج على موظفيها.