مرشحو الانتخابات الرئاسية يلهثون وراء تزكية الناخبين التونسيين

القانون الانتخابي اشترط تزكية 10 آلاف ناخب أو 10 نواب من البرلمان أو 40 رئيس بلدية

TT

أصبح من المألوف في شوارع العاصمة التونسية وفي عدة مدن بالمقاهي والفضاءات التجارية، أن ترى شبانا ومنخرطين في أحزاب سياسية بصدد إقناع التونسيين بتوقيع وثائق تزكية المرشحين لخوض الانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها في دورة أولى يوم 23 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

وأعلنت أكثر من 30 شخصية سياسية وحقوقية عن نيتها الترشح والمنافسة في الانتخابات الرئاسية المقبلة. وتعترض شخصيات سياسية عدة ممن تقدموا بشكل مستقل أو ممثلين لأحزاب سياسية لمنصب الرئاسة، صعوبات على مستوى الحصول على تزكية الناخبين سواء من أعضاء البرلمان أو رؤساء البلدية، لذلك فضل كثير منهم التوجه إلى الفئات الاجتماعية التونسية بهدف جمع الإمضاءات والإفلات من «كابوس التزكية» كما بات كثيرون يسمونه.

وتخشى عدة منظمات حقوقية متابعة لعملية الانتقال الديمقراطي في تونس، من دخول المال السياسي الفاسد عالم السياسة والتأثير على التونسيين عن طريق المال لإقناعهم بالتوقيع على لوائح تزكية المرشحين للرئاسة.

وعاينت «الشرق الأوسط» في منطقة أريانة القريبة من العاصمة أفواج الباحثين عن التزكية لمرشحي الانتخابات الرئاسية وهم يتنقلون من فضاء اجتماعي إلى آخر بحثا عن التزكية. وحسب تصريحات البعض منهم، فإن العملية ليست سهلة بالمرة، إذ إنها تتطلب التنقل بين 10 دوائر انتخابية والحصول على إمضاءات 500 ناخب على الأقل من كل دائرة انتخابية.

وحسب متابعين للساحة السياسية التونسية، فإن حزب حركة نداء كان المبادر بالبحث عن تزكية الباجي قائد السبسي مرشحه للانتخابات الرئاسية. ويشترط القانون الانتخابي التونسي حصول المرشحين للانتخابات الرئاسية على تزكية ضرورية لقبول ملف الترشح، وتتمثل في موافقة 10 نواب من المجلس التأسيسي (البرلمان) أو 10 آلاف ناخب، شريطة أن يكون توزيعهم على عشر دوائر انتخابية، وألا يقل عددهم عن 500 ناخب من كل دائرة انتخابية، أو الحصول على موافقة 40 من رؤساء المجالس البلدية.

ولا تحتاج 5 أحزاب سياسية تونسية في المجلس التأسيسي إلى غيرها من الأحزاب لطلب التزكية لضمان مرشح لها للانتخابات الرئاسية. ويعود ذلك لكونها ممثلة بأكثر من 10 نواب داخل البرلمان. ويتعلق الأمر بحركة النهضة بزعامة راشد الغنوشي (89 نائبا)، والتكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات بقيادة مصطفى بن جعفر (13 نائبا)، وحزب المؤتمر من أجل الجمهورية بقيادة عماد الدايمي (12 نائبا)، وحركة وفاء (عبد الرءوف العيادي)، وحزب التحالف الديمقراطي (محمد الحامدي) الممثلين بـ10 نواب لكل منهما.

وحسب بلقاسم حسن رئيس حزب الثقافة والعمل (تأسس بعد الثورة)، فإن عدة أسماء تحظى بحظوظ أوفر لنيل ثقة الناخبين. ويمكن تقسيم المرشحين المحتملين إلى قسمين الأول يشمل المنصف المرزوقي، الرئيس الحالي، ومصطفى بن جعفر، رئيس المجلس التأسيسي (البرلمان)، وأحمد نجيب الشابي، رئيس الهيئة السياسية للحزب الجمهوري، وكمال مرجان، رئيس حزب المبادرة، وحمة الهمامي، رئيس حزب العمال، والباجي قائد السبسي، رئيس حركة نداء تونس. أما القسم الثاني فهو يضم المرشحين الذين لا يحظون بنصيب كبير في الفوز، على الرغم من تمثيلهم لعدة أحزاب سياسية، وكذلك قائمة المرشحين المستقلين الين هم بحاجة إلى تجاوز عدة عوائق قانونية وانتخابية، من أبرزها الحصول على التزكية القانونية، وتأمين حضور قوي لدى الناخبين التونسيين.

وبشأن عدم تقدمه بالترشح للانتخابات الرئاسية على الرغم من عمله في الميدان السياسي لمدة فاقت الأربعين سنة، قال حسن لـ«الشرق الأوسط» إنه لا يحبذ المراهنات الفاشلة، خاصة في ظل عدم وضوح الرؤية السياسية وغياب الصلاحيات الدستورية الواسعة للرئيس المقبل على حد تعبيره.

ويوجد في تونس نحو 194 حزبا سياسيا حاصلا على الترخيص القانوني، ولم يكن عددهم في السابق يتجاوز تسعة أحزاب في ظل سيطرة كاسحة لحزب التجمع الدستوري الديمقراطي المنحل (حزب الرئيس السابق زين العابدين بن علي)، ولا يزيد عدد الأحزاب الممثلة في البرلمان عن 23 حزبا فحسب.

وحسب بعض الملاحظين والمتابعين للمشهد السياسي، فإن من شأن كثرة المرشحين تشتيت أصوات الناخبين، وتعذر حصولهم على نسبة مقبولة من الناخبين، وهو ما يجعل الرئيس التونسي المقبل في حاجة إلى شرعية أقوى تمنع عودة الاستبداد والديكتاتورية.