تواصل الضربات الجوية على معاقل «داعش» في سوريا.. ودمشق تنفي ضلوع واشنطن بالهجمات

الناطق باسم المجلس العسكري في «الحر» لـ «الشرق الأوسط» : رصدنا قصفاً من علو شاهق.. ودقة إصابة غير مألوفة

سوريون يتفقدون محطة معالجة المياه في الرقة تعرضت لأضرار بعد غارات جوية استهدفت معاقل «داعش» في المحافظة (رويترز)
TT

تواصلت لليوم الثاني، أمس، الغارات الجوية التي استهدفت مقرات تنظيم «داعش»، بـ70 ضربة خلال يومين «حققت أهدافها بدقة»، وجاء ذلك وسط غموض بشأن هوية الطائرات المقاتلة التي نفذت تلك الهجمات. فبينما رجحت مصادر سورية معارضة أن واشنطن تقف وراءها باعتبارها امتدادا للهجمات التي تنفذها في العراق لضرب «داعش»، نفى كل من الحكومة السورية و«المرصد السوري لحقوق الإنسان» تلك التقارير. وأكد النظام السوري تنفيذه تلك الغارات.

وتضاعفت الغارات الجوية على مناطق سيطرة «داعش» في اليومين الأخيرين، غداة تبني مجلس الأمن بالإجماع قرارا بموجب الفصل السابع ضد «داعش» و«جبهة النصرة» بهدف إضعافهما في العراق وسوريا، وذلك عبر إجراءات تقضي بقطع مصادر التمويل عنهم ومنعهم من تجنيد المقاتلين الأجانب. وتكثفت الغارات، أمس ضد مقرات «داعش» في شمال سوريا لا سيما مدينة الرقة، في يوم ثان من القصف على مواقع التنظيم الذي يسيطر على مناطق واسعة في سوريا والعراق.

وقال مدير المرصد السوري رامي عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط» إن هذا الهجوم هو «الأكثر كثافة منذ بدء النظام السوري باستهداف مواقع داعش في مناطق سيطرته مطلع شهر يونيو (حزيران) الماضي»، مشيراً إلى أن الغارات «تخطت الـ70 غارة وشملت مقار التنظيم ومواقع تجمعاته العسكرية في الرقة ودير الزور وريف حلب الشرقي وشمال شرقي محافظة حلب».

وذكرت تقارير إعلامية أن طائرات حربية أميركية «نفذت ضربات جوية ضد مواقع التنظيم في شمال وشرق سوريا»، غير أن دمشق نفت ذلك، مؤكدة على لسان مصدر عسكري سوري أن «كل ما تناقلته بعض وسائل الإعلام حول قيام طائرات أميركية بتنفيذ ضربات على أهداف في مدينة الرقة عار تماماً من الصحة». والتقى هذا النفي مع تأكيد عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط» أن «جميع الضربات نفذتها طائرات حربية سورية»، مؤكداً أن الطائرات «أقلعت من مطار الطبقة العسكري في الرقة، ومطار كويريس في حلب ومطار في البادية». وأشار إلى أن كل المزاعم عن أن طائرات أميركية نفذت الضربات «صدرت عن شبيحة إعلاميين يعملون في صفوف الدولة الإسلامية، بهدف الترويج أن الأميركيين والغرب يضربون التنظيم، وحشد الرأي العام معهم».

وقال عبد الرحمن إن الطائرات «استهدفت معظم مقار التنظيم الثابتة، وتجمعاته العسكرية في محافظات الرقة وحلب ودير الزور»، مؤكداً أن الضربات «نفذتها طائرات حربية وليست طائرات مروحية»، في حين يستخدم النظام الطائرات المروحية لقصف مناطق سيطرة المعارضة بالبراميل المتفجرة.

ولم يتأكد معارضون سوريون من هوية المقاتلات التي ضربت مواقع سيطرة «داعش»، ومعظمها في معقله بالرقة. وقال الناطق السياسي باسم المجلس العسكري التابع للجيش السوري الحر رامي دالاتي لـ«الشرق الأوسط» إنه «لا معلومات دقيقة لدينا عن هوية الطائرات»، لافتاً إلى «تسريبات عن أن الضربات أميركية»، وأوضح أن «الثوار لم يحددوا طبيعة الضربات، لكنهم لأول مرة يرصدون قصفاً من علو مرتفع جداً، خلافاً لمرات سابقة كان النظام يستهدف فيها مواقع المعارضة»، كما أن الطائرات «تمكنت من تدمير أحد المقرات بصاروخ واحد يتميز بقدرة تدمير عالية جداً»، مشيراً إلى أن «دقة الإصابة وحجم الانفجار ليس مألوفاً».

في المقابل، أكد رامي عبد الرحمن «دقة الإصابة وحجم الانفجار»، مرجحاً أن يكون النظام «استخدم طائرات أكثر تطوراً عما يستخدمه لقصف مواقع سيطرة المعارضة»، وقال: «من غير المستبعد أن يكون النظام يستخدم أجيالاً حديثة من طائرات الميغ أو من طائرات السوخوي»، مشدداً على أن «القصف على مقار داعش» كان مركزاً وعنيفاً، مما أدى إلى وقوع أكثر من 31 قتيلاً من مقاتلي التنظيم في أول عشر ضربات جوية».

وأشار مدير المرصد إلى أن الطيران الحربي «ينفذ الغارات مستخدما صواريخ»، علما أن الطيران السوري غالبا ما يلجأ في قصف المناطق التي يسيطر عليها معارضون إلى «البراميل المتفجرة» التي تلقى من الطائرات المروحية دون نظام توجيه.

وتجمع المعارضة السورية على أن تكثيف النظام لضرباته الجوية ضد «داعش»، تأتي على خلفية أهداف سياسية، أولها «محاولة النظام تقديم أوراق اعتماد إلى المجتمع الدولي بأنه قادر على محاربة الإرهاب»، كما قال دالاتي لـ«الشرق الأوسط». وأضاف: «أن الضربات النظامية لمقار داعش في السابق كانت محدودة، نظراً لتلاقي المصالح بين النظام والتنظيم، وتواطأ معه مما دفعه لغض الطرف عن استهداف أرتال داعش، فيما أحجم التنظيم عن استهداف أرتال النظام». وقال إن نظام الرئيس السوري بشار الأسد «يقدم أوراق حسن نية إلى المجتمع الدولي على أنه جاد في مكافحة الإرهاب، وشريك به، وذلك بعد إصدار مجلس الأمن قراره المتعلق بالتنظيم».

ويلتقي رامي عبد الرحمن مع دالاتي بأن أحد أهداف النظام «إظهار نفسه شريكا في محاربة الإرهاب بعد قرار مجلس الأمن»، لكن الأمر «لا يقتصر على هدف سياسي»، موضحاً أن النظام «اتخذ القرار بإضعاف التنظيم الذي يتمدد في حلب، عبر ضرب مقاره في الرقة وتجمعاته العسكرية التي تستخدم في القتالـ«، إضافة إلى أن النظام «يحاول منع التنظيم من وصل الجغرافيا التي يسيطر عليها ببعضها، لأن ذلك سيصعب مهام إعادة استردادها أو إضعاف داعش في وقت لاحق».

وكان الطيران الحربي شن أول من أمس 43 غارة على مناطق سيطرة «داعش» في محافظة الرقة، مما أدى إلى مقتل 39 شخصا بينهم 31 عنصرا من التنظيم، في ضربات هي «الأكثر كثافة» ينفذها نظام الرئيس بشار الأسد ضد التنظيم منذ ظهوره في سوريا ربيع عام 2013.

وقال المرصد السوري أمس، إن الطيران الحربي السوري نفذ 14 غارة على الأقل، استهدفت سبع منها «مباني الأمن السياسي وفندق الكرنك السياحي والملعب البلدي ومنطقة المقص دوار العلم وكازية أبو هيف وحارة الحرامية ومنطقة الصناعة» في مدينة الرقة، أبرز معاقل التنظيم. كما شن الطيران ثلاث غارات على مدينة الطبقة في الريف الغربي للرقة، وأربع غارات على محيط مطار الطبقة العسكري، بحسب المرصد. ولم يحدد حصيلة لضحايا غارات أمس.