غارات التحالف تشل مراكز قيادة «داعش» و12 ـ 15 ألف مقاتل لاستعادة مناطق نفوذه

الهجمات ترفع أسعار نفط التنظيم.. وتقتل قياديا كبيرا في دير الزور

موالون لجبهة النصرة يتظاهرون احتجاجا على استهدافها من قبل طائرات التحالف في حلب أمس (أ.ف.ب)
TT

استمرت ضربات التحالف الدولي، أمس، مستهدفة مواقع تنظيم «داعش» في سوريا، وطال القصف لليوم الثاني على التوالي المنشآت النفطية ومراكز التنظيم في محافظتي دير الزور والحسكة، بشرق سوريا قرب الحدود العراقية، صباح أمس. وأكد رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة الجنرال مارتن ديمبسي أن الغارات أعاقت مراكز القيادة والسيطرة وخطوط الإمداد للجماعة المتشددة.

وقال ديمبسي بمقر وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) إن العمل العسكري «المستهدف» كان له تأثير أيضا على البنية الأساسية للتنظيم في سوريا. وأضاف أنه يتوقع حملة «مستمرة ومتواصلة» ضد الجماعة المتشددة التي استولت على مساحات واسعة في العراق وسوريا.

كما أكد أن استعادة الأراضي التي استولى عليها «داعش» في شرق سوريا تحتاج إلى ما بين 12 و15 ألف مقاتل من المعارضة السورية.

وفي غضون ذلك، أكد المرصد السوري لحقوق الإنسان مقتل «قيادي مهم» في «داعش» في غارة نفذتها طائرة تابعة للتحالف الدولي استهدفت دراجة نارية كان يستقلها في محافظة دير الزور في شرق سوريا.

وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن إن طائرة تابعة للتحالف قصفت دراجة نارية يستقلها رجلان بعيد خروجها من أحد مقار تنظيم (داعش)، وأوضح أن «احد الرجلين على متن الدراجة هو قيادي مهم في تنظيم (داعش) من جنسية عربية»، مشيرا إلى أن القصف أدى إلى «مصرعه ومصرع الشخص الآخر الذي كان برفقته»، من دون تحديد تفاصيل إضافية عن هوية القيادي أو دوره.

وأكد أنها «المرة الأولى يستهدف فيها التحالف الدولي العربي مسؤولا في التنظيم منذ بدء القصف في سوريا»، عادا أن «استهداف القيادي بمجرد خروجه من المقر، يعني وجود عملية مراقبة» لتحركاته.

وفي سياق متصل، أكد المرصد السوري استهداف المنشآت النفطية التي يسيطر عليها «داعش» في محافظتي دير الزور والحسكة. وقال إنه بدا واضحا أنّ استهداف العصب المالي المتمثّل بالمنشآت النفطية يهدف إلى تجفيف المصدر الرئيس لتمويل التنظيم الذي يبيع النفط المهرب لوسطاء في دول مجاورة.

ونفى عبد الرحمن، المعلومات التي أشارت إلى توقّف داعش عن استخراج النفط، وأوضح في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنه «وخلال اليومين الأخيرين ارتفعت أسعار برميل النفط الذي تستخرجه (داعش) من 35 إلى نحو 60 دولارا في مناطق الرقة وريف حمص الشرقي وحماه الشرقي، فيما بات السعر في دير الزور نحو 50 دولارا، وذلك، بسبب تراجع الإنتاج وتعرّض ناقلي الصهاريج للخطر».

ولفت عبد الرحمن إلى أنّ هناك معلومات غير مؤكّدة عن سقوط قتلى في صفوف مقاتلي التنظيم، مشيرا كذلك، إلى أنّ مقرات «داعش» و«جبهة النصرة» باتت خالية باستثناء قلّة قليلة من الحراس.

وذكر المرصد أن غارة جوية استهدفت منطقة حقل التنك النفطي في محافظة دير الزور في حين أن هجمات صاروخية أصابت منطقة بادية القورية وأربع غارات قصفت مدينة الميادين، شرق المحافظة.

وذكر «مكتب أخبار سوريا» أنّ طيران التحالف شنّ ليلة الخميس/ الجمعة «25 غارة» على حقول النفط بريف المحافظة، استهدفت 11 غارة منها حقل التنك، و10 غارات حقل الورد، بينما تركّزت 4 منها على حقل الحسيان. وأدت الغارات إلى مقتل أكثر من 25 عنصرا من تنظيم داعش وتدمير مدفعين ومدرّعة مخصّصة لحراسة آبار النفط التي يسيطر عليها التنظيم، بالإضافة إلى آليات أخرى تابعة له.

ويشنّ طيران التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة هجمات مركّزة على آبار النفط بريف دير الزور، حيث كان استهدف سابقا كلا من حقل العمر وعدة حقول في البادية.

وفي الحسكة، قالت مواقع معارضة إنّ الغارات استهدفت قرية الخمايل وفوج الميلبية العسكري، ملحقة فيهما خسائر مادية، بينما شهدت بلدتا الهول وبحرة الخاتونية 8 غارات، فجر أمس، أدت إلى مقتل 3 عناصر من التنظيم وجرح آخرين. كما تعرّضت مدينة الشدادي جنوب الحسكة، بعد ظهر أمس، لغارتين من طيران التحالف استهدفتا مصفاة للنفط ومستودعا لمدرعات التنظيم، أسفرت عن أضرار في المصفاة وعطب سيارتين من طراز هامفي، أميركيّتي الصنع، كان التنظيم سيطر عليهما في العراق.

ويذكر أن القرى والبلدات التي تعرّضت للقصف بطيران التحالف تعد خط الوصل بين محافظات دير الزور والحسكة والرقة من جهة، والأراضي العراقية من جهة أخرى.

في غضون ذلك، أخلى مواطنون مدنيون في بلدة البصيرة بالريف الشرقي لدير الزور، منازلهم الواقعة في محيط مقار لتنظيم «داعش» الذي قام بدوره بإخلاء هذه المقار، قبل بدء ضربات التحالف العربي - الدولي وفق ما ذكر المرصد.

وكان مواطنون في بلدات الميادين والبوكمال وعدة بلدات وقرى أخرى في محافظة دير الزور، وقرى وبلدات ومدن في محافظات الحسكة والرقة وحلب، أخلوا منازلهم في محيط مقرات التنظيم بهذه المناطق، كما أخلى مواطنون في محافظتي حلب وإدلب منازلهم الواقعة في محيط مقار جبهة النصرة (تنظيم القاعدة في بلاد الشام) وحركة أحرار الشام الإسلامية. ويسيطر «داعش» على كامل محافظة دير الزور تقريبا التي تقع على الحدود مع العراق وكانت المحافظة الرئيسة المنتجة للنفط قبل بدء الحرب الأهلية في سوريا منذ أكثر من 3 سنوات. ويشكل النفط المصدر الرئيس للعائدات لمقاتلي «داعش».

وكانت الغارات الجوية استهدفت أوّل من أمس، مصافي النفط التي يسيطر عليها التنظيم، فيما يبدو أنّ الهدف منها إعاقة قدرة التنظيم على العمل عبر الحدود مع العراق حيث يسيطر على أجزاء واسعة.

وأعلن البنتاغون أن الولايات المتحدة والسعودية والإمارات العربية المتحدة قصفت، وللمرّة الأولى، مساء الأربعاء 12 مصفاة نفطية يسيطر عليها تنظيم «داعش» في شرق سوريا. وأسفرت الضربات الجوية التي انطلقت في سوريا الثلاثاء الماضي عن مقتل 141 مسلحا بينهم 129 أجنبيا وفقا للمرصد.

وفي سياق متصل، قال المرصد السوري إن أكثر من 200 مقاتل انضموا لـ«داعش» في محافظة حلب بشمال سوريا منذ أعلن الرئيس الأميركي باراك أوباما أن الولايات المتحدة ستضرب التنظيم المتشدد في سوريا.

وقال مدير المرصد إن 73 آخرين انضموا إلى التنظيم يومي 23 و24 من الشهر الحالي في ريف حلب منذ بدء الهجمات، وأضاف أن هذا يعني أن «هؤلاء الناس لا يشعرون بالخوف حتى مع وقوع الغارات الجوية».

وأوضح أن وتيرة التجنيد في سبتمبر (أيلول) كانت أسرع من المتوسط لكنها أدنى من مستواها في يوليو (تموز) بعدما أعلن التنظيم «دولة الخلافة» في الأراضي التي سيطر عليها في سوريا والعراق ودعا المسلمين للانضمام للجهاد.

وذكر المرصد أن معظم المجندين الجدد كانوا من جبهة النصرة ومعظمهم سوريون. وأضاف أن الرجال الذين انضموا إلى التنظيم في الأسبوع الذي أعقب خطاب أوباما من 15 جنسية مختلفة. ووفقا للمرصد فقد بلغ معدل التجنيد للتنظيم مستويات قياسية في يوليو (تموز) إذ أحصى المرصد ما لا يقل عن 6300 عضو جديد هذا الشهر في زيادة كبيرة عن التقديرات السابقة التي أشارت إلى أن عدد أفراد التنظيم يبلغ نحو 15 ألفا. وكان نحو ألف من المقاتلين الجدد أجانب أما البقية فمن السوريين.

وفي سياق ذي صلة، وقع أكثر من 20 من قادة الجماعات السورية المسلحة اتفاقًا على الحدود التركية السورية يقضي بتوحيد جهودهم للقضاء على «داعش» ومحاربة قوات نظام الرئيس السوري بشار الأسد في آن واحد.

وحسب محطة «سي إن إن» الإخبارية الأميركية فإن الاتفاق «التاريخي» وقع برعاية عدد من العاملين بلجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب الأميركي، وإحدى المنظمات المعارضة السورية ومقرها واشنطن. وأوضحت أن اثنين من أعضاء الكونغرس شاركا في الجولة الأخيرة من المفاوضات بين قادة جماعات المعارضة المسلحة لتقريب المواقف بينهم، وذلك غداة موافقة الكونغرس على طلب أوباما تسليح وتدريب المعارضة السورية.