غياب المفاوضين بملف العسكريين المختطفين يهدد بإعدام جندي جديد في الساعات المقبلة

حزب الله يلتقي سليمان بعد قرابة عام من القطيعة

TT

لا تزال المفاوضات بملف العسكريين المختطفين متوقفة منذ أكثر من 10 أيام بعد سحب قطر وسيطها وعدم قدرة الجهات اللبنانية المعنية على التوافق على وسيط واحد يقود هذه المفاوضات، ما يضع مصير الجنود الـ25 المختطفين في مهب الريح مع تواصل تهديدات «جبهة النصرة» و«داعش» بتصفية أحدهم في الساعات المقبلة.

وفيما اكتفى رئيس الحكومة تمام سلام خلال اجتماع مجلس الوزراء يوم أمس بالتأكيد على أن «خلية الأزمة تواصل عملها دون أي انقطاع وأن المفاوضات تسير ببطء»، آملا أن تؤدي إلى النتيجة المتوخاة، تقاطعت المعلومات حول توقف المفاوضات مع الخاطفين بشكل شبه تام، بغياب أي وسيط رسمي مكلّف من قبل الدولة اللبنانية.

وبدأت هيئة العلماء المسلمين بالانسحاب تدريجيا من الملف بعدما لمست «عدم حماسة» حكومية بتوكيلها بمهمة التفاوض مع الخاطفين، وهو ما عبّر عنه عضو الهيئة الشيخ عدنان أمامة، الذي قال لـ«الشرق الأوسط» بأنّهم ما زالوا ينتظرون ردا رسميا من قبل الحكومة على العرض الذي تقدموا به: «إلا أنه وحتى الساعة لم يتواصل أحد معنا، ما يوحي أن الجواب قد يكون سلبيا».

وكانت الهيئة تقدمت بمبادرة تطالب بالإفراج الفوري عن النساء والأطفال (في إشارة إلى سهى الدليمي التي يعتقد أنها إحدى زوجات زعيم تنظيم «داعش» وأولادها وزوجة أنس جركس المعروف بأبو علي الشيشاني)، مقابل الدخول في وساطة مع الخاطفين لوقف عمليات القتل، وعقدت لهذا الهدف لقاءات عدة شملت رئيس الحكومة تمام سلام، ووزيري الداخلية والعدل نهاد المشنوق وأشرف ريفي.

وأشار أمامة إلى أن توقيف الجيش الشيخ حسام الغالي قبل أيام، والذي كان موفدا من الهيئة للقاء الخاطفين في جرود بلدة عرسال شرقي البلاد: «أعطى رسالة سلبية إضافية للهيئة من قبل الحكومة وأكّد غياب التنسيق بين الأجهزة الأمنية اللبنانية».

ويبدو أن أهالي العسكريين المختطفين والذين بدأوا أخيرا جولة على المسؤولين اللبنانيين لتبيان موقفهم الحقيقي من موضوع مقايضة العسكريين بموقوفين إسلاميين يُطالب الخاطفون بتحريرهم، شارفوا على فقدان الأمل نهائيا بقدرة دولتهم على تحقيق أي إنجاز يُذكر بالملف، كما قالت صابرين زوجة الرقيب أول في قوى الأمن الداخلي المخطوف لدى «النصرة» زياد عمر، لـ«الشرق الأوسط»: «نحن فقدنا الأمل نهائيا، وللأسف نترقب بأي لحظة أن يتم إعدام أحد الجنود طالما المفاوضات متوقفة ودولتنا غير قادرة على توكيل وسيط».

وشدّدت صابرين على وجوب العمل على «تضييق دائرة القرار بهذا الملف كي يكون هناك تحرك سريع ونتائج إيجابية»، وأضافت: «لا يهمنا من يتولى الوساطة... ما يعنينا أن يتم تكليف أحدهم بأي وقت ممكن خاصة بعدما نجحنا بإحراج كل الفرقاء من خلال حثّهم على إعلان تأييدهم مبدأ المقايضة».

وكان الأهالي بدأوا أخيرا جولة على المسؤولين السياسيين، والتقوا يوم أمس الخميس الأمين العام لتيار «المستقبل» أحمد الحريري، الذي أكّد لهم أن تياره «مع أي أمر يعيد المخطوفين إلى أحضان الأهل، سواء بالمقايضة أو بغيرها». وأوضح في تصريح بعد اللقاء أنه «لا مشكلة لدى تيار المستقبل بالنسبة للجهة التي تفاوض، أيا كانت، أو لهوية الوسيط، أيا كان، لأن ما يهمنا أن نتمسك بأي بصيص أمل نستطيع من خلاله استعادة أبنائنا المخطوفين من المؤسسة العسكرية والقوى الأمنية». وقال: «آن الأوان لكي يعود المخطوفون إلى بلدهم، وإلى أحضان أمهاتهم، وآن الأوان كي لا نرى المزيد من هذه الدماء الطاهرة تسيل، ونحن في تيار المستقبل سنقوم بكل جهد كي نكون مع الأهالي وأمامهم في أي خيار يتخذونه، لأن لهم الحق في أن يقرروا مصير أبنائهم».

بدوره، نقل وزير الصحة العامة وائل أبو فاعور، الموكل من قبل النائب وليد جنبلاط بمتابعة ملف العسكريين المختطفين، عن رئيس المجلس النيابي نبيه بري بعد لقاء جمعهما، ضرورة أن يكون هناك «حراك سريع في هذا الملف وأن لا يترك للصدف ولا يترك الأهالي عرضة ونهبا للتهديدات وللقلق الذي يعيشون فيه في كل يوم، وأن يكون هناك أيضا اقتناع بأنه لا بد من تقديم تضحيات ما».

ورأى أبو فاعور أنه لا بد من القبول بدفع أثمان لتحرير المخطوفين: «لأنه لا يوجد دولة في العالم فاوضت دون أن يكون هناك أثمان مقابل ذلك. رأينا هذا المشهد في فرنسا مع الفرنسي الذي تم تحريره من مالي، ورأينا هذا الأمر بالأمس بين كوبا والولايات المتحدة الأميركية مع فارق الأوزان وفارق الأوضاع، وسابقا بين الولايات المتحدة الأميركية وحركة طالبان، وبالتالي ليس هناك من مانع وليس هناك من حّل إلا بالقبول بأثمان معينة»، معتبرا أن «الشيء الإيجابي المهم هو تأكيد القوى السياسية لمواقفها بأنها مع المقايضة».

إلى ذلك، بدا لافتا اللقاء الذي جمع يوم أمس رئيس الجمهورية السابق ميشال سليمان بوفد من حزب الله ترأسه النائب محمد رعد للتعزية بوالدة سليمان.

ويُعتبر هذا اللقاء الأول بين الطرفين منذ نحو العام، بعدما ساءت العلاقة كثيرا بينهما، وتفجر الخلاف مطلع مارس (آذار) الماضي على خلفية وصف سليمان معادلة «الشعب والجيش والمقاومة» بـ«الخشبية». وشدد رئيس الجمهورية السابق بعد اللقاء على «أهمية الحوار بين جميع المكونات اللبنانية، شرط أن يستند إلى المصارحة والحقائق لتكون النتيجة أفضل بما يخدم المصلحة الوطنية»، معتبرا أن «الحوار يسهِّل ممارسة الديمقراطية والحقيقة بدورها تقوي منطق الحوار».

ورأى سليمان أن «مصلحة لبنان هي في التلاقي، أقله على النقاط غير الخلافية، وهي كثيرة، لأن المرحلة تتطلب بذل كل الجهود لمواجهة الأخطار وهي أيضا كثيرة، وخاصة الخطر الدائم وهو خطر العدو الإسرائيلي».

من جهته، قال رعد بعد اللقاء: «زيارتنا للرئيس العماد ميشال سليمان هي من أجل تعزيته بوفاة والدته، ولا شك أن هذه المناسبة فتحت المجال لتبادل وجهات النظر فيما يهم مصلحة لبنان ومستقبل الوضع في لبنان».

وأضاف: «كالعادة كان الحوار وديا وعميقا وصريحا، وقررنا أن نبقي على التواصل من أجل التفكير فيما يصلح شأن هذا البلد واستقراره».