حرب مبايعات بين «داعش» و«النصرة» في القلمون

التنظيم يتمدد إلى محيط دمشق شرق الغوطة وجنوب البلاد وغرب العاصمة

TT

بدأ تنظيما «داعش» و«جبهة النصرة» في القلمون، بريف دمشق الشمالي والغربي، حشد جهودهما لاستقبال «بيعة» فصائل الجيش السوري الحر، مع اشتداد حدة الخلافات بينهما، وسط تقدم «داعش» إلى معقلي «الجبهة» في القلمون وجنوب سوريا، وهو ما يتوجس منه تنظيم «النصرة».

ويبدو أن «داعش» اتخذ قرارا بالتوسع في محيط العاصمة السورية، وفرض نفسه فيها، بعدما اقتصر النفوذ على هذه المنطقة، وهي البوادي الواضعة شرق الغوطة الشرقية لدمشق، ومناطق درعا والقنيطرة والسويداء جنوبا، ومنطقة القلمون غربا وشمالا، وذلك لتسهيل الإغارة على العاصمة السورية لاحقا بعد تكثيف وجوده.

وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط»، إن «داعش»، موجود أساسا في مناطق جنوب دمشق، «بدليل تنفيذها عمليات انتحارية في المنطقة»، رغم نفي قياديين سياسيين في المعارضة السورية لتلك المعلومات، وتأكيدها في المقابل من طرف الناشطين ومسؤولين في الجيش السوري الحر. أما في القلمون، فإن التنظيم «كان موجودا بالفعل ويقاتل إلى جانب (النصرة)، قبل أن ينقلب عليها في الأيام الأخيرة الماضية، مع وصول مسؤول شرعي جديد للتنظيم إلى القلمون». وأوضح أن التمييز بين مقاتلي «النصرة» و«داعش»، «كان مستحيلا في السابق، نظرا لتحالفهما والقتال في جبهات مشتركة»، على الرغم من أن عدد مقاتلي «داعش» كان أقل بكثير من «النصرة» التي تعد القلمون «معقلها الثالث في سوريا» بعد الجنوب وإدلب في الشمال.

وبدأت مؤشرات التوتر في القلمون، بعد إعدام «داعش» قائد «لواء المغاوير» في الجيش السوري الحر عرابة إدريس، و20 آخرين من مقاتليه، فيما يرجع أنصار «النصرة» نهاية التحالف مع «داعش» في القلمون إلى تعيين مسؤول شرعي للتنظيم المتشدد في القلمون هو أبو وليد المقدسي الذي بدأ بمحاصرة مقاتلي «النصرة» و«الجيش السوري الحر» على حد سواء، والتمدد من بقعتين جغرافيتين صغيرتين في القلمون، والسيطرة على منطقة «القلمون الشرقي» و«التوسع باتجاه القلمون الغربي الحدودي مع تلال عرسال في لبنان»، كما قالت مصادر متابعة لنشاط المجموعات المتشددة في القلمون لـ«الشرق الأوسط».

وأفاد ناشطون بأن مقاتلين من «داعش»، هاجموا مجموعات تابعة للجيش السوري الحر في منطقة عسال ورد الحدودية مع لبنان في القلمون الغربي، مما تسبب باندلاع اشتباكات، و«سيطرة (داعش) على المنطقة».

وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أمس باندلاع اشتباكات في جرود القلمون بين عناصر تنظيم «داعش» من جهة، وكتيبة مقاتلة كانت تبايع التنظيم في وقت سابق، مشيرا إلى إعدام قائد الكتيبة، ومقتل 8 مقاتلين آخرين من الطرفين.

وأوضح ناشطون في القلمون، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «داعش» أعدم قائد الكتيبة عرابة إدريس، وقتل 20 آخرين من قواته، علما بأن هذا القيادي الذي ينحدر من حمص، قاتل في ريف القصير في السابق، قبل مشاركته الأساسية في السيطرة على مستودعات الذخيرة التابعة للنظام في مهين، وانتقاله للعمل في القلمون. وكان إدريس مستقلا، لكنه تقرب من «داعش»، و«رفض مرارا دعوات لمبايعة (النصرة)، مما أبقاه خارج التغطية العسكرية في المعركة الأخيرة حين هاجمه مقاتلو (داعش)».

وأكدت مصادر أن مقاتلي «(داعش) طوقوا مقرات (المغاوير) في القلمون التابعة له، ودهموا المجموعات، وصادروا أسلحتهم واعتقلوهم، ثم أعطوهم الأمان»، وذلك قبل أن يطلقوا النار على عرابة في ما سموه «غدرا به»، مما أدى إلى مقتله ومقتل 20 شخصا من مجموعته. كما اعتقل «داعش» قياديين آخرين في القلمون، هما أبو عاطف، والشيخ معتصم. وأشارت المصادر إلى أنهما «لا يزالان معتقلين لدى «داعش».

وأدان الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية «الجريمة التي أقدم تنظيم الدولة على ارتكابها بحق قائد (لواء المغاوير) المرابط على جبهة القلمون الملازم أول (عرابة إدريس)، حيث قام عناصر التنظيم بإعدامه يوم (أول من) أمس الأربعاء».

وتضاعف التوتر في القلمون جراء تنفيذ حكم الإعدام بحق عرابة، وبعد تمدد «داعش» وانكفاء «النصرة» في نقاط واقعة غرب القلمون، وفي المنطقة الفاصلة بين عسال الورد ورنكوس داخل الأراضي السورية. ودعا مناصرون للجيش السوري الحر في القلمون، تنظيم «داعش» إلى «سحب المسؤول الشرعي أبو الوليد المقدسي الذي أتى متأخرا إلى القلمون، ومحاسبته، وإلا حدثت كارثة وفتنة لن تنتهي».

إثر ذلك، بدأت حرب المبايعات بين التنظيمين. وقالت مصادر متابعة لحركة المجموعات المسلحة في القلمون إن «داعش»، «طالب فصائل الجيش السوري الحر بمبايعته، كما طالب (النصرة) بمبايعة أميره الجديد والمسؤول الشرعي للتنظيم في المنطقة أبو وليد المقدسي، وهو ما فاقم التوتر بينهما إلى حد كبير». وفي المقابل، طالب زعيم «جبهة النصرة» في القلمون أبو مالك التلي فصائل الجيش السوري الحر لمبايعته أيضا، بهدف «تأمين الحماية لها، وتحصين كل الفصائل ضد هجمات محتملة لـ(داعش)».

وفي هذا السياق، أفتى أبو قتادة المهاجر في صفحته الخاصة على «تويتر» بأن «الحل الوحيد هو بيعة جماعية للشيخ أبو مالك التلي للوقوف بوجه هذه الثلة المجرمة»، مضيفا: «كل تأخير ساعة، ستدفع بدله مزيد من الدماء»، وسط استجابة مبدئية من أنصار «الجيش السوري الحر»؛ إذ رأى أتباعه أنه «ليس هناك إلا خياران: بيعة التلي بهدف قطع الطريق على الدواعش، أو بيعة جماعة (داعش)».