نذر حرب بين دولتي السودان وعودة التوتر الأمني على الحدود

المتحدث باسم جيش جوبا لـ «الشرق الأوسط»: الخرطوم أعلنت الحرب ضدنا ونحن لها

المتحدث باسم جيش جنوب السودان فيليب أقوير
TT

وصف جيش جمهورية جنوب السودان تحذيرات الحكومة السودانية بإمكانية دخول أراضيها لمطاردة متمردين سودانيين بإعلان الحرب ضد البلاد، وأكدت جوبا أنها مستعدة لمواجهة أي تصعيد من قبل السودان، وكشفت عن أن الخرطوم تقوم الآن بترحيل قوات التمرد التابعة لنائب الرئيس السابق رياك مشار من مواقع مختلفة من داخل أراضيها.

وعاد التوتر الأمني بين دولتي السودان وجنوب السودان بعد هدوء لأكثر من عامين، إثر تبادل الاتهامات بينهما بدعم وإيواء متمردي البلدين، حيث جددت الخرطوم من تحذيراتها لجوبا في استمرار تمويل الجماعات المتمردة ضدها، وطالبت بتجريد حركة العدل والمساواة المتمردة في إقليم دارفور.

وقال المتحدث باسم جيش جنوب السودان فيليب أقوير لـ«الشرق الأوسط» بأن الحكومة السودانية ظلت تسعى منذ وقت طويل للإعلان عن حرب ضد بلاده، وأضاف: «الآن أعلنت الخرطوم الحرب ضد جنوب السودان ونحن نتعامل مع تصريحات المسؤولين الحكوميين بجدية ومستعدون لحربهم ضدنا»، نافيا أي وجود لحركات التمرد السودانية على أراضي بلاده، وتابع: «هذه الاتهامات محاولة لتبرير إعلان الحرب ضد دولة ذات سيادة والعالم كله يشهد على أن الخرطوم هي التي تساعد جماعة رياك مشار المتمردة منذ بدء الحرب قبل عام»، وكشف عن أن معلومات قواته أكدت عن وجود ترحيل لقوات التمرد ضد بلاده من مواقع مختلفة من السودان في اتجاه جنوب السودان، وقال: «الآن تقوم الاستخبارات السودانية من مدينة كوستي جنوب الخرطوم بترحيل قوات تابعة للمتمردين بقيادة بول دينق قاي شقيق تعبان دينق قاي كبير المفاوضين لحركة التمرد وقوات أخرى من مدينة الأبيض عاصمة شمال كردفان»، وأوضح أن الحكومة السودانية سبق أن أعلنت عمليات الصيف الحاسم ضد المتمردين في جنوب كردفان، وقال: «لكن الخرطوم كشفت عن سرها بأنها ستقوم بغزو بلادنا ونحن سندافع عن أراضينا».

وكان مدير جهاز الأمن والمخابرات السوداني الفريق محمد عطا قد حذر أول من أمس دولة جنوب السودان من استمرارها في دعم وتمويل حركات التمرد ضد حكومته، وقال خلال مخاطبته قوات الدعم السريع المتوجهة لمناطق العمليات في جنوب كردفان أن بلاده ترغب في جوار آمن مع جوبا، داعيا جوبا تجريد حركة العدل والمساواة من أسلحتها مثلما فعلت حكومته مع قوات التمرد التي سبق أن دخلت منطقة هجليج على الحدود مع جنوب السودان، وشدد على أن أي تحركات عدائية من حركة العدل والمساواة أو أي مجموعة مسلحة أخرى من داخل الأراضي الجنوبية ستكون بمثابة اعتداء من جوبا، وقال: «على دولة الجنوب الكف عن إيواء الحركات المعارضة للحكومة وتحديدا العدل والمساواة وهي موجودة في بلدتي خور شمام وديم جلاد في شمال بحر الغزال»، وردد بأن الجيش السوداني سيلاحق متمردي الجبهة الثورية في أي مكان، في إشارة إلى مطاردتهم داخل أراضي الدولة التي استقلت حديثا.

واتهم عطا بعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان بالتواطؤ مع جوبا في إنكار تواجد الحركات المعادية للخرطوم في أراضي الجنوب مؤكدا أنها تنفذ العمليات العسكرية انطلاقا من داخل أراضي الجنوب.

ودعا عطا حكومة الجنوب لإعمال حسن الجوار والمعاملة بالمثل، وتجريد كل الحركات من السلاح وعده الحل المقبول لكل الأطراف، مشيرا في هذا الخصوص إلى أن السلطات السودانية جرَّدت متمردي جنوب السودان من الأسلحة وآلياتهم العسكرية عند دخولهم الأراضي السودانية واحتلالهم هجليج بولاية جنوب كردفان.

وكان البلدان قد وقعا اتفاق تعاون مشترك في سبتمبر (أيلول) من العام 2012 من ضمن بنوده عدم إيواء أي بلد لمتمردي البلد الآخر، غير أن الاتفاق تم تجميده من قبل الخرطوم عقب اندلاع الحرب في جنوب السودان قبل عام.

إلى ذلك بدأت أمس في مدينة بحر دار الإثيوبية جولة جديدة من المفاوضات بين وفدي حكومة جنوب السودان والحركة الشعبية في المعارضة بقيادة نائب الرئيس السابق رياك مشار، برعاية الهيئة الحكومية للتنمية في شرق أفريقيا (الإيقاد) في ظل ضغوط إقليمية ودولية مكثفة لإنهاء الحرب التي اندلعت قبل عام في أحدث دولة في العالم، ويتوقع أن تستمر الجولة حتى الأسبوع القادم قبيل أعياد الميلاد، وهددت الإيقاد بفرض عقوبات على الطرفين في حال فشلهما من التوصل إلى اتفاق سلام ووقف الحرب، وأعلنت أنها ستقوم برفع تقرير مفصل إلى مجلس الأمن الدولي بشأن سير المفاوضات وطلب التدخل إذا تمسك كل طرف بموقفه وتمت عرقلة العملية السلمية.

وقالت الأمم المتحدة بأن هناك خطر مجاعة يهدد هذه الدولة المتعثرة بسبب الحرب التي راح ضحيتها أكثر من (10) آلاف مواطن وفرار مليوني شخص، وأوضحت المنظمة الدولية أن المجاعة ستكون أكبر كارثة يشهدها العالم لأنها تهدد (4) ملايين شخص أغلبهم من الأطفال والنساء والشيوخ، داعية الأطراف المحاربة فتح مسارات لتوصيل الإغاثة للمتضررين قبل بدء الخريف حيث يصعب الوصول إليهم لوعورة الطريق.