حوار حزب الله ـ المستقبل ينطلق بسقف توقعات منخفض

هواجس مسيحية تحيط به ومسعى لتقريب موعد لقاء عون ـ جعجع

رئيس مجلس الشورى الإيراني علي لاريجاني لدى لقائه أمين عام حزب الله حسن نصر الله أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

انطلق مساء يوم أمس وبعد جهود حثيثة حوار حزب الله مع تيار المستقبل برعاية رئيس المجلس النيابي نبيه بري. الطرفان اللذان قررا أن يجلسا سويا في فبراير (شباط) الماضي على طاولة مجلس الوزراء بعد كل الخلافات والصدامات التي شهدتها المرحلة الماضية، ارتأيا مجددا تجاوز التحديات الحالية الداخلية والإقليمية وحتى الدولية بمسعى لتنفيس الاحتقان السني - الشيعي والذي بلغ ذروته في السنوات الماضية مع قرار حزب الله القتال إلى جانب النظام السوري. وضمت جلسة الحوار التي انعقدت في منطقة عين التينة في بيروت بمقر إقامة بري، مدير مكتب زعيم تيار «المستقبل» سعد الحريري، نادر الحريري ووزير الداخلية نهاد المشنوق والنائب في «المستقبل» سمير الجسر، ومثل حزب الله كل من المعاون السياسي للأمين العام للحزب حسن نصر الله، حسين خليل، ووزير الصناعة حسين الحاج حسن والنائب عن الحزب حسن فضل الله.

وقالت مصادر مواكبة لحوار المستقبل - حزب الله لـ«الشرق الأوسط» إن الطرفين يعيان تماما أنهما لن يتمكنا من إنجاز الكثير وبالتالي يعتبران أن مجرد لقائهما حقق المبتغى، لافتة إلى أن «هذا الحوار ينطلق بسقف توقعات منخفض ومحصور إلى حد بعيد بالسعي لمنع أي خلل أمني وتهدئة الأجواء، ليكون بذلك الجسر الذي تعبر عليه هذه القوى باتجاه الاستقرار الأمني». وأضافت المصادر: «أما الاستقرار السياسي فلا يندرج بإطار إمكانيات الفريقين، وخصوصا ملفي الرئاسة والحكومة الجديدة المرتبطين كليا بتطور الأوضاع في المنطقة».

وكان حزب الله وتيار المستقبل التقيا منذ عام 2006 على طاولة الحوار الوطني التي ضمت معظم الأقطاب اللبنانيين، والتي انعقدت آخر جلساتها قبيل انتهاء ولاية رئيس الجمهورية الأسبق ميشال سليمان في مايو (أيار) الماضي وسط مقاطعة حزب الله لتفاقم الخلافات بينه وبين سليمان.

وعلى الرغم من أن كل فرقاء الداخل أعلنوا تأييدهم لحوار الممثلين الأساسيين للسنة والشيعة في لبنان، إلا أن حصره بهما أثار تحفظا غير معلن من قبل الأحزاب المسيحية التي ارتأت بدورها الإعداد لحوار قريب يجمع رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون ورئيس حزب «القوات» سمير جعجع، بمسعى لإعادة كرة الاستحقاق الرئاسي إلى الملعب المسيحي.

وفي هذا الإطار، كشفت مصادر مسيحية تعمل على خط جمع عون بجعجع أن لقاءهما بات قريبا جدا وقد يتم ما بين الميلاد ورأس السنة. وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»: «هناك ضغوط داخلية وإقليمية ودولية تمارس على المعنيين بالاستحقاق الرئاسي لإنجازه بأسرع وقت ممكن.. فالمرحلة ليست مرحلة ترف سياسي والمخاطر الأمنية تقرع أبوابنا».

وعبر وزير السياحة ميشال فرعون في تصريح له يوم أمس عن الهواجس المسيحية من إمكانية تحقيق حوار المستقبل - حزب الله اتفاقات وتفاهمات من دون وجود الطرف المسيحي على الطاولة، فهو أعلن تأييده للحوار «خصوصا على صعيد الأمن والمبادئ العامة التي تؤكد على ثوابت الدولة»، لكنه جزم بأنه «لن يشمل أمورا حكومية أو حتى تفاصيل أخرى لها صلة بالاستحقاق الرئاسي، لأن الهدف هو إنشاء شبكة أمان أمام تفاقم الهواجس وليس استفزاز أي فريق آخر، وهو ما قد يحصل إذا توسع الحوار إلى قضايا أخرى».

وتزامن إنجاز أول لقاء ما بين حزب الله وتيار المستقبل يوم أمس مع جولة مهمة قام بها أهالي العسكريين المخطوفين شملت البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي ونائب الأمين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم، الذي أكد أن الحزب أعلن موقفه في الاجتماع الأول لمجلس الوزراء بأنه مع التفاوض المباشر أو غير المباشر، داعيا مجلس الوزراء إلى «تحمل المسؤولية الكاملة من دون التنصل منها وعليه إيجاد السبل للتواصل مع الخاطفين وإيجاد الحلول المناسبة».

وأعرب قاسم عن أمله في أن تتوحد القناة التي تعمل على الإفراج عن العسكريين المخطوفين، مشددا على وجوب الحفاظ على سرية الملف، «فالقضية تتطلب متابعة سرية لا استعراضات إعلامية».

وتمنى «على الذين يعرضون خدماتهم أن يخرجوا من مسألة البازار السياسي والإعلامي»، معتبرا أن «الخاطفين يبتزون ليأخذوا كل ما يمكنهم أخذه». ووعد قاسم الأهالي بأن «يبذل حزب الله أقصى جهد من داخل مجلس الوزراء للإفراج عن المخطوفين في أسرع وقت ممكن».

بدوره، أكد البطريرك الراعي تضامنه مع أهالي العسكريين المختطفين، مشددا على أن «المحافظة على العسكر هي المحافظة على لبنان». وقال: «فلتكن المقايضة فأمام المخطوفين لا توجد أثمان». وطالب الراعي الحكومة بالتعاطي بمزيد من الجدية والمسؤولية مع الملف.

وأعلن أنه سيلتقي رئيس مجلس الوزراء تمام سلام وسيبحث معه بالملف. وتوجه إلى الأهالي بالقول: «تشجعوا واصبروا وابتداء من الغد (أي اليوم) سيكون حديثنا هو هذا الملف لنصل إلى الحل».