ليبيا: تنظيم متطرف يعلن مسؤوليته عن خطف عشرات المصريين في سرت

الحكومة الانتقالية لن تشارك في حوار جنيف.. والبرلمان السابق يتراجع عن الموافقة

سمير مجيد وهو قبطي مصري يبكي أمام وزارة الخارجية المصرية الأسبوع الماضي حاملا صورة نجله جرجس سمير الذي اختطف في ليبيا (أ.ب)
TT

أعلن تنظيم متطرف في ليبيا مسؤوليته رسميا أمس للمرة الأولى عن خطف عشرات المصريين في مدينة سرت الساحلية مسقط رأس العقيد الراحل معمر القذافي، حيث وزع المكتب الإعلامي لما يسمى بولاية طرابلس تقريرا بالصور لمن وصفهم بـ«الأسرى الصليبيين».

ورغم أن التنظيم لم يحدد في بيانه المعزز بـ3 صور فوتوغرافية جنسية المخطوفين، لكن بعضا من أقارب المصريين المخطوفين تمكنوا من التعرف عليهم، فيما يعتبر تأكيدا لحادث خطف 20 مصريا الذي أعلنته وزارة الخارجية المصرية.

وقال التنظيم في بيان مقتضب إن جنوده قاموا بـ«أسر 21 نصرانيا صليبيا في مناطق متفرقة من ولاية طرابلس»، لكنه لم يحدد تاريخ خطفهم أو يقدم مطالب مقابل الإفراج عنهم.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية بدر عبد العاطي بأن 13 مصريا خطفوا في حادثين منفصلين ما زالوا محتجزين، نافيا ما أعلنه مفتاح مرزوق رئيس مجلس حكماء سرت لوسائل إعلام محلية حول أن «13 مصريا أطلق سراحهم بعدما زعم أنهم كانوا محتجزين من قبل أحد تجار الهجرة غير الشرعية لخلاف مادي مقابل تسهيل وصولهم إلى منطقة هراوة شرق سرت».

وكان عبد الفتاح السيوي، رئيس المجلس المحلي لمدينة سرت قد اعترف لـ«الشرق الأوسط»، في حديث هاتفي بأن تنظيم أنصار الشريعة المتطرف موجود منذ نحو عامين على الأقل في المدينة، لكنه نفى في المقابل حدوث أي عمليات اختطاف خاصة بمصريين أقباط فيها أخيرا. وأوضح أنه ليس لديه علم باختطاف 13 مصريا أخيرا ولا علاقة له بما تقوله الحكومة الليبية الشرعية، التي قال: إنه لا يدعمها سياسيا ولا يتبعها بأي صفة رسمية.

وسبق أن تعرض الكثير من الأقباط المصريين ومن المسيحيين الأجانب للخطف أو الاغتيال في ليبيا التي يعمل فيها عشرات الآلاف من المصريين وخاصة في قطاع البناء.

في غضون ذلك، وفيما يمكن اعتباره مؤشرا مفاجئا على إمكانية تعرض جلسة الحوار الوطني التي دعت بعثة الأمم المتحدة إلى عقدها الأسبوع المقبل بمدينة جنيف السويسرية لحل الأزمة الليبية، إلى صعوبات، تراجع المؤتمر الوطني العام (البرلمان) السابق، المنتهية ولايته، عن قبول الدعوة، وقال: إنه سيعيد دراستها مجددا قبل إعلان موقف رسمي نهائي.

وقال مسؤول في الحكومة الانتقالية التي يترأسها عبد الله الثني، وتحظى باعتراف المجتمع الدولي لـ«الشرق الأوسط» إن الحكومة لن تشارك في الاجتماع المرتقب، لكنه أكد على اهتمام الحكومة بدعم أي حوار سلمي يهدف إلى إنهاء ما وصفه بالأوضاع السياسية والعسكرية الخاطئة.

واعتبر المسؤول الحكومي، الذي اشترط عدم تعريفه، أن الحوار لا يتضمن الجلوس على مائدة مفاوضات مع المتطرفين أو قادة الميليشيات المسلحة، مشيرا إلى أن الحوار بالأساس هو مجرد محاولة لتقريب وجهات النظر بين مجلس النواب المنتخب وأعضائه الذين رفضوا عقد جلساته في مقره المؤقت الحالي بمدينة طبرق بأقصى شرق البلاد.

وغادر وفد مجلس النواب المشارك في الحوار المرتقب أول من أمس مدينة طبرق متجها لتونس ومنها لجنيف، فيما قال الدكتور صالح المخزوم نائب رئيس البرلمان السابق إن الفريق المفوض من قبل المؤتمر للحوار قد أوضح لبيرناردينو ليون المبعوث الأممي إلى ليبيا، أنه لا يتخذ القرارات من دون الرجوع إلى المؤتمر الوطني، وأنه استقبل المقترحات لعرضها على المؤتمر لاتخاذ قرارات بشأنها، ولكن الفريق فوجئ بتسرع رئيس البعثة بإعلان موافقة جميع أطراف الحوار من دون تحديد هذه الأطراف.

وقال المخزوم، وهو أيضا عضو فريق الحوار في تصريح صحافي نشره الموقع الإلكتروني للبرلمان عقب الجلسة الاستثنائية التي عقدها أمس لمناقشة مقترحات بعثة الأمم المتحدة «كنا ننتظر أثناء التصويت أمس أو اليوم ونسعى للتواصل بشكل مكثف مع البعثة لتحديد أطراف الحوار، ولكن فوجئنا أن البعثة وفي ساعات متأخرة من الليل تطرح أسماء كثيرة لتكون طرفا في الحوار لم يجر الاتفاق عليها بهدوء».

وعد أن ما وصفه بـ«هذا التسرع» في إعلان الموافقة على جنيف وإعلان المشاركين يخشى منه فشل الحوار، ورأى المؤتمر أنه في سبيل إنجاح الحوار لا بد من التريث حتى يوم الأحد المقبل لتكثيف الاتصال مع رئيس البعثة بسبب الربكة التي سببها إعلان أطراف وأسماء جديدة.

واعتبر المخزوم أن الطريقة التي عرضت على فريق الحوار كانت مفاجئة وهي أن يذهب الوفدان إلى جنيف من دون أن يتقابلا بشكل فعلي بل يجلس كل فريق في مكان على حدة، ولذلك كان لزاما الرجوع إلى المؤتمر بخصوص هذه الرؤية الجديدة.

وأضاف أن فكرة أخرى عرضت وهي وجود مقاطعين للمؤتمر، وبين أنه لا يوجد أعضاء مقاطعون وإنما أعضاء صدرت بحقهم قرارات فصل نظرا لغيابهم أو أعضاء مستقيلون، مشيرا إلى أن هذه التحفظات لا تعني رفض الحوار بل على العكس المؤتمر ما زال يؤكد على إنجاح الحوار، ولذلك رفض المؤتمر حوار «غدامس 2» ليس رفضا للمدينة وإنما لكي لا يرتبط بفشل حوار «غدامس 1».

وروى أن أعضاء المؤتمر استغربوا خلال جلسة الأمس فكرة الحوار من دون أن يلتقي الطرفان في حين ينص قرار مجلس الأمن على أن الحوار ليبي - ليبي بقيادة ليبية، ورأوا أن حوارا بهذه الصورة هو ليس للتقارب بل للشقاق والفرقة وأنه يجب التواصل مع رئيس البعثة لمعرفة السبب في طرح هذه الفكرة، وما هو سبب استعجال البعثة بإعلان الموافقة على جنيف قبل العودة للمؤتمر.

وشدد على أن أعضاء المؤتمر يلتمسون العذر للسيد ليون خاصة بسبب وقوعه تحت ضغط دولي فتسرع في الإعلان عن عقد الحوار، ولكن المؤتمر يهمه النتائج أكثر من الحوار نفسه، مشيرا إلى أن الفريق وحتى هذه اللحظة لم يتسلم قائمة بأسماء المشاركين، وأن أسماء كثيرة طرحت بعضها لا يحمل أصحابها صفات تؤهلهم للمشاركة في الحوار، ولذلك فإن المؤتمر يطلب معرفة المعايير التي اختيرت هذه الأسماء على أساسها.

وذكر أن بعثة الأمم المتحدة وبغرض تسريع الحوار استبعدت بعضا من الأطراف المفترضة مثل المكونات والشخصيات الدينية ووافق المؤتمر على هذا، كما ناقشت موضوع مشاركة البلديات وعندما رأت البعثة أن ذلك من شأنه أن يعطل الحوار وافقوا على إلغاء مشاركة البلديات. وفي المقابل قامت البعثة بإدراج أسماء لا يمثلون أطرافا في الحوار.

ولفت إلى أنه جرى تكليف إمحمد عماري زايد عضو الفريق بالتواصل مع البعثة بغرض التغلب على الإشكاليات التي برزت في اليومين الماضيين، وهي التسرع في إعلان الموافقة على المكان وإعلان الأسماء المشاركة، وكذلك ضرورة تحديد بنود الحوار وجدول الأعمال.

وأكد على أهمية توضيح هذا الأمر، خاصة أن الحوار هو خطوة تاريخية وستتدارسها الأجيال، وبالتالي فإن عناصر الحوار وبنوده، كما قال، يجب أن تكون محددة بعد الحفاظ على الثوابت التي أعلنها المؤتمر في أكثر من مناسبة وهي التمسك بمبادئ ثورة 17 فبراير والتمسك بالإعلان الدستوري وعدم الجلوس مع من هو مطلوب للقضاء.

وكانت بعثة الأمم المتحدة قد أعلنت في بيان رسمي موافقة الأطراف الليبية على عقد جولة جديدة للحوار السياسي لإنهاء الأزمة السياسية والأمنية في البلاد، مشيرة إلى أن الاجتماع الذي سيعقد الأسبوع المقبل في مقر الأمم المتحدة في جنيف، يستهدف التوصل إلى اتفاق بشأن إدارة ما تبقى من المرحلة الانتقالية، بما في ذلك تشكيل حكومة وحدة وطنية تتمتع بدعم واسع النطاق، وتهيئة بيئة مستقرة للعملية الدستورية تمكن من إقرار دستور دائم جديد.

واقترح ليون على أطراف النزاع تجميد العمليات العسكرية لبضعة أيام بغية إيجاد بيئة مواتية للحوار، لكن مسؤولين في الجيش الوطني الليبي الذي يقوده الفريق أول خليفة حفتر قالوا في المقابل لـ«الشرق الأوسط» بأن الجيش لن يوقف عملياته العسكرية أو غارته الجوية قبل التزام الجماعات المسلحة بوقف القتال أولا.

من جهة أخرى، كشف اجتماع مشترك بمقر الحكومة في مدينة البيضاء، بين أعضاء من الحكومة ولجنة الطوارئ بمجلس النواب، عن اختراق أمني حدث في مقر مجلس النواب خلال الفترة الماضية والتفجير الإرهابي الذي استهدفه، حيث قال بيان للحكومة بأن الاجتماع ناقش سبل تفادي تكرار مثل هذا الاختراق وتوفير الأجهزة والمعدات اللازمة للأجهزة الأمنية لحماية مقرات الدولة بشكل عام ومقر مجلس النواب ومقر الحكومة المؤقتة ومقرات الوزارات بشكل خاص لتتمكن الحكومة والمجلس من القيام بمهامهم على الوجه الأكمل.