السلطات اللبنانية تنهي «غرفة عمليات» في سجن رومية دعمت المتشددين منذ سنوات

السجناء مدوا أتباعهم خارج لبنان بإحداثيات ميدانية

سيارة تابعة للصليب الأحمر اللبناني تخرج من سجن رومية أمس بعد اجتياح قوات الأمن لأكبر سجن لبناني حيث يعتقل عدد من المتطرفين (رويترز)
TT

وضعت السلطات اللبنانية أمس حدا نهائيا لظاهرة سجن رومية المركزي، بنقل سجناء المبنى ب، الذي يضم متشددين كانوا يسيطرون على السجن من الداخل منذ سنوات طويلة، ويديرون من خلاله نشاطاتهم السياسية والأمنية بكل حرية، حارمين التنظيمات المتشددة، وفي طليعتها «داعش» و«النصرة» من قاعدة عمليات مهمة لهم في إطار مواجهة «مخطط التمدد إلى لبنان».

وهددت «جبهة النصرة» التي تحتجز 16 عسكريا لبنانيا منذ أغسطس (آب) الماضي، بـ«مفاجآت في مصير أسرى الحرب لدينا». وقالت الجبهة في تغريدة لها في موقع «تويتر»: «نتيجة التدهور الأمني في لبنان ستسمعون عن مفاجآت في مصير أسرى الحرب لدينا»، زاعمة أن هناك إصابات بصفوف السجناء نتيجة العملية الأمنية، على الرغم من نفي السلطات اللبنانية وقوع أي جريح. وتحتجز الجبهة 16 من عناصر الجيش وقوى الأمن الداخلي، بينما يحتجز تنظيم داعش 9 آخرين. وقتل الخاطفون خلال الأشهر الماضية 4 من هؤلاء العسكريين.

ويسجل الإنجاز الجديد لوزير الداخلية نهاد المشنوق الذي وضع هذا الملف في قائمة أولوياته منذ تسلمه الوزارة، فأنجز مبنى جديدا حديثا، ثم نفذ عملية أمنية مفاجئة، فجر أمس، نقل خلالها السجناء بعد مواجهات قصيرة لم تسفر عن إصابات أو ضحايا في صفوف المساجين والشرطة، على الرغم من توقع سقوط دماء نتيجة تمسك السجناء بسيطرتهم على المبنى الذي لم تكن قوى الأمن قادرة على دخوله.

ويأتي هذا الإنجاز بعد كلام وزير الداخلية لـ«الشرق الأوسط» عن وجود مربع أمني يمتد من العراق وسوريا لتنظيم داعش يمتد إلى سجن رومية. فقد أنهت السلطات اللبنانية أمس، غرفة العمليات التي يديرها متشددون في سجن روميه المركزي في شرق لبنان، وكانت تنسق لعمليات إرهابية، وذلك في عملية أمنية نوعية بدأتها قوى الأمن الداخلي صباح أمس في السجن، نُقل خلالها عدد كبير من السجناء من مبنى «الموقوفين المتشددين» المعروف بالمبنى (ب) إلى المبنى (د) المشيد حديثا، بعد أن «تبين أن هناك ارتباطاً لعدد من السجناء بالتفجير الإرهابي الذي وقع في منطقة جبل محسن» في طرابلس في شمال لبنان.

وجاءت العملية بعد يومين على وقوع تفجير انتحاري مزدوج نفذه انتحاريان في منطقة جبل محسن ذات الأغلبية العلوية في طرابلس، قتل خلاله 9 أشخاص وأصيب عشرات آخرين.

وأكد وزير الداخلية اللبناني نهاد المشنوق أن هذه الخطة «معدة منذ 3 أشهر»، مشيرا إلى أن القوى الأمنية انتظرت اللحظة المناسبة لتنفيذها، وقد نفذ الفهود (وحدات النخبة في قوى الأمن) وقوى الأمن العملية بـ9 ساعات». وقال المشنوق إن «غرفة العمليات في سجن رومية التي نسقت أمورا إرهابية انتهت اليوم (أمس)»، مشددا على «أننا حققنا انتصارا جديدا للدولة وللاعتدال وأنهينا أسطورة سجن رومية».

وكشفت التحقيقات الأولية في تفجيري جبل محسن الانتحاريين، مساء السبت، ضلوع أشخاص من سجن رومية في العملية. وقالت مصادر أمنية لـ«الشرق الأوسط» إن المتورطين داخل السجن «كانوا ينسقون مع غرفة العمليات المركزية للجماعات المتشددة الموجودة خارج لبنان، والتي تخطط لتنفيذ العمليات الإرهابية، عبر مدهم بمعلومات ميدانية عن نقاط الضعف التي يمكن استهدافها داخل الأراضي اللبنانية»، مشيرة إلى أن غرفة العمليات التابعة لتنظيم داعش في سوريا، «تجير تلك المعلومات للجهة التي تنفذ العمليات الإرهابية على الأرض».

وأوضحت المصادر أن القيادة خارج لبنان «تطلب من سجناء في رومية بنك أهداف، هي عبارة عن نقاط ضعف ميدانية يمكن استغلالها لتنفيذ المخططات الإرهابية، يزودها بها أشخاص في سجن رومية عبر وسائل اتصال ومواقع التواصل الاجتماعي، نظرا لمعرفتهم الميدانية ووجود معطيات ميدانية بحوزتهم، تتخطى معرفة منفذي المخططات أحيانا».

وكان وزير الداخلية الذي تابع من سجن رومية عملية الاقتحام، قال إن الحملة جاءت بعد معلومات عبر رصد اتصالات بعض السجناء بشأن التفجير المزدوج في شمال لبنان، مؤكدا لوكالة «رويترز» أن «هذه العملية هي جزء من الخطة الأمنية ولكن توقيتها جاء بعد ثبوت تورط سجناء في المبنى (ب) الذي يضم ما يسمى بالسجناء المتشددين بعملية التفجير في جبل محسن». وأعلن أنه «تأكدنا من تورطهم في تفجيري جبل محسن عبر رصد اتصالاتهم»، مشدداً على «أننا مستمرون في الخطة الأمنية سلميا حتى النهاية». وأضاف: «أستطيع أن أؤكد أن سجن رومية هو غرفة عمليات متصلة بـ(داعش) وتنظيمات أخرى وكتائب عبد الله عزام وكل التنظيمات المعنية بالتكفيريين والانتحاريين وهي موثقة ومعروفة». وقال المشنوق: «التواصل بين الإرهابيين والسجناء يتم بكل وسائل الاتصال الاجتماعي المعتمدة بالتواصل بين الناس من (سكايب) وإنترنت وفايبر وموبايلات»، لافتا إلى أن كل تلك الوسائل «غير مسموح بها ولكن السجن بعد حركة تمرد حصلت في عام 2011 أصبح من الداخل كله خاضعا لرغبات السجناء والباب الخارجي فقط هو الذي يغلق». والسجن، مصمم لاستيعاب 1500 سجين ولكنه مكتظ الآن بنحو 3700 سجين.

وأصدرت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي بيانا أعلنت فيه أن قوى الأمن نفذت «عملية أمنية» داخل سجن رومية الواقع شمال شرقي بيروت، «استكمالا لخطة أمنية عامة تنفذ على مختلف الأراضي اللبنانية» و«بعد أن تبين أن هناك ارتباطا لعدد من السجناء بالتفجير الإرهابي الذي وقع في منطقة جبل محسن» في مدينة طرابلس.

وكانت الخطة الأمنية أطلقتها الحكومة اللبنانية في أبريل (نيسان) 2014، وبدأ تنفيذها في طرابلس (شمال لبنان) قبل أن تنتقل إلى البقاع (شرق لبنان)، لإنهاء ظاهرة «الخارجين عن القانون وتوقيفهم».

وذكرت مصادر أمنية أن السجناء في رومية أمس، أحرقوا مراتب احتجاجا على هذه الخطوة ولكن لم تحدث إصابات. وأضافت المصادر أن الشرطة كانت تبحث عن «ممنوعات» في المبنى «ب» بسجن رومية. وأظهرت تغطية تلفزيونية رجال الشرطة وهم يدخلون السجن ويفتشون الزنازين ودخانا يتصاعد من داخل المبنى.

وأصدرت شعبة العلاقات العامة في مديرية قوى الأمن الداخلي بيانا، قالت فيه إن «هذه العملية تجرى كما هو مخطط لها، وتتم بكل هدوء بحضور وإشراف مباشر من معالي وزير الداخلية والبلديات الأستاذ نهاد المشنوق والوضع تحت السيطرة من دون وقوع إصابات»، مشيرة إلى أنها «تأتي استكمالا للخطة الأمنية العامة التي تنفذ على مختلف الأراضي اللبنانية وسجن رومية جزء منها، ولا سيما بعد أن تبين أن هناك ارتباطا لعدد من السجناء بالتفجير الإرهابي الذي وقع في منطقة جبل محسن». وطمأنت قوى الأمن الداخلي «أهالي السجناء أن جميعهم بخير، وينقل بعضهم إلى المبنى (د) الجديد».

وأكدت مصادر أمنية لـ«الشرق الأوسط» أن المبنى الجديد «هو مبنى حديث، تم تأهيله لاستقبال السجناء»، مشيرة إلى أن هؤلاء «نقلوا بعد تفتيشهم بطريقة قانونية، كي لا ينقلوا الأجهزة، إن وجدت بحوزة بعضهم، إلى المبنى الجديد».

وجاءت الحملة بعد أن فجر شابان نفسيهما مساء السبت في مقهى في منطقة جبل محسن ذات الغالبية العلوية. وتبين أنهما من منطقة المنكوبين ذات الغالبية السنية والواقعة على بعد نحو خمسمائة متر من جبل محسن داخل طرابلس.