أفغانستان: ولادة عسيرة لحكومة وحدة وطنية

مستشار الرئيس غني لـ «الشرق الأوسط» : التشكيلة نتاج عمل دؤوب وستلبي حاجة جميع الأفغان

مواطنان أفغانيان يتابعان عبر شاشة التلفزيون المؤتمر الصحافي لإعلان حكومة الوحدة الوطنية الجديدة في العاصمة كابل أمس بعد 106 أيام من تنصيب الرئيس أشرف عبد الغني (إ.ب.أ)
TT

بعد مضي أكثر من مائة يوم على حفل التنصيب والانتقال السياسي الأول في البلاد، تمكن الرئيس الأفغاني الجديد أشرف غني ورئيس سلطته التنفيذية من إنهاء خلافاتهما وإعلان تشكيلة حكومة الوحدة الوطنية التي تتكون من 25 وزيرا.

وفي مؤتمر صحافي عقد داخل القصر الجمهوري وسط كابل وحضره الرئيس بنفسه ورئيس السلطة التنفيذية عبد الله عبد الله ونوابهما الأربعة والوزراء المرشحون لتولي المناصب الوزارية، تلا عبد السلام رحيمي مدير مكتب الرئيس قرار الأخير بتعيين الوزراء وتقديمهم إلى البرلمان للمصادقة ونيل الثقة، وقد تم توزيع الحقائب الوزارية مناصفة بين الرئيس ورئيس السلطة التنفيذية وفقا للاتفاق السياسي المبرم بينهما عقب الجدل حول نتائج الانتخابات الرئاسية التي شهدتها أفغانستان قبل نحو 9 أشهر تقريبا. واختار غني رئيس أركان الجيش الوطني الأفغاني شير محمد كرامي وزيرا للدفاع، وهو مقرب منه هو والمرشح لوزارة المالية غلام جيلاني بوبال، أما منصب وزير الداخلية فرشح له نور الحق علومي الذي أيد عبد الله خلال حملته الانتخابية، كما اختير صلاح الدين رباني المقرب من عبد لله لشغل منصب وزير الخارجية.

ولم يدل أي من كبار قادة أفغانستان بكلمة خلال المؤتمر الذي منع من حضوره الصحافيون المحليون والدوليون.

يشار إلى أن جميع الوجوه في الحكومة جديدة، ما عدا رئيس وكالة الاستخبارات (مديرية الأمن الوطنية)، رحمة الله نبيل، الذي طلب منه الاستمرار في المنصب الذي تولاه أيضا في عهد الرئيس السابق حميد كرزاي.

ولا يزال منصبا المحامي العام ورئيس المحكمة العليا شاغرين.

وتضم التشكيلة الحكومية 3 نساء كلفن بوزارات التعليم العالي، والإعلام والثقافة، وشؤون المرأة، إلا أن حقيبة الدفاع آلت إلى شير محمد كرامي، وسمي صلاح الدين رباني على رأس وزارة الخارجية، أما الداخلية فكانت من نصيب نور الحق علومي. ويعد أن هذا الاتفاق على تشكيل «حكومة وحدة وطنية» قد أنقذ أفغانستان من مخاطر حرب أهلية حين أصر كل من المرشحين الرئاسيين على فوزه في الانتخابات، كما رأى مراقبون.

كما يأتي هذا التقدم السياسي في وقت تسعى فيه حركة طالبان إلى استغلال انتهاء المهمة القتالية لقوة حلف شمال الأطلسي في 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي بعد 13 عاما من القتال.

وكادت نتائج الانتخابات، وهي الأولى التي شهدت البلاد بعدها الانتقال السياسي من رئيس منتخب إلى آخر، تنسف جميع الجهود الرامية لبناء الدولة الأفغانية، بعد أن هدد كلا المرشحين بإعلان حكومة موازية، لولا التدخل الأميركي عبر وزير خارجيتها جون كيري، حيث انتهت الوساطة الأميركية حينها بالتوقيع على الوثيقة السياسية بين الطرفين التي أدت إلى تشكيل حكومة الوحدة الوطنية.

في التشكيلة الوزارية الجديدة حصل عبد الله عبد الله، على 12 حقيبة وزارية وزعها على الأحزاب السياسية والشخصيات المتحالفة معه في الانتخابات؛ من بينها وزارات الخارجية والداخلية والتجارة والاقتصاد وشؤون المرأة، بينما حصل الرئيس أشرف غني على 13 حقيبة وزارية من أهمها الدفاع، والمالية، وشؤون القبائل، والحدود، إضافة إلى رئاسة المصرف المركزي الحكومي، فيما ظل جهاز الاستخبارات الوطنية محايدا في هذا التقسيم السياسي بين الرجلين، حيث ظل رئيس الاستخبارات في عهد كرزاي في مكانه.

وكانت حركة طالبان سخرت سابقا من تأخر إعلان حكومة الوحدة الوطنية قائلة على موقعها الإلكتروني: «يبدو أن الحكومة لن تولد، وأنها تجمدت بسبب الطقس البارد في البلاد». كما أن الرئيس ورئيس السلطة التنفيذية واجها معا انتقادات لاذعة من قبل المحللين ومراقبي الشأن الأفغاني بسبب التأخر في إعلان الحكومة الذي أدى إلى تعطل المؤسسات الحكومية وازدياد البطالة وهروب الاستثمارات الخارجية والمحلية بسبب ضبابية الأوضاع السياسية في البلاد. التشكيلة الجديدة التي سوف تقدم للبرلمان لنيل الثقة تمثل كل الشرائح المجتمعية والإثنية في أفغانستان، كما أن الوزراء المرشحين وجوه جدد، لكنهم معروفون لدى الشارع الأفغاني. ويشكك كثيرون في نجاح حكومة الوحدة الوطنية في حل الملف الأمني الأكثر إلحاحا، خاصة أن حركة طالبان رفضت المشاركة في هذه الحكومة التي اعتبرتها نسخة متكررة لحكومة كرزاي، وتعهدت سابقا بمواصلة حربها ضد الإدارة الجديدة.

وقال عبد العلي محمدي، مستشار الرئيس لشؤون القانون، لـ«الشرق الأوسط» إن هذه التشكيلة هي نتاج عمل دؤوب من قبل الرئيس مع جميع الفرقاء السياسيين، وان التشكيلة استغرقت 3 أشهر حتى اتفق الجميع عليها، مشيرا إلى أنها ستلبي حاجة الأفغان من كل النواحي.

من جهته، قال محمد ناطقي، من فريق عبد الله عبد الله، عقب إعلان التشكيلة الجديدة للحكومة، إنها تشكيلة رائعة ومناسبة، «لكن الأهم أن يكون هناك تجانس في العمل بين الوزراء، بهدف تقديم الخدمات للمواطن الأفغاني»، مضيفا أن الوزراء الجدد يحملون ماضيا نظيفا، وأنهم سيتمكنون من حل كثير من المشكلات العالقة في البلاد وعلى رأسها هذه المشكلات الوضع الأمني المتردي في كثير من المناطق الأفغانية، خاصة بالشرق والجنوب.

وقد شهدت أفغانستان عاما عصيبا، حيث ارتفعت حصيلة القتلى من المدنيين جراء العمليات العسكرية في البلاد، كما أن طالبان نفذت سلسلة هجمات دموية استهدفت كابل العاصمة وغيرها من المدن. وفي نهاية العام الماضي أعلنت القوات الدولية بقيادة الولايات المتحدة سحب جميع قواتها المقاتلة ونقل الملف الأمني إلى الأفغان، لكنها أعلنت إبقاء بضعة آلاف عسكري لمتابعة عمليات التدريب للقوات الأمنية الأفغانية.